ذكرتُ يوم الأحد الماضي 19 من شعبان 1425هـ أنني فرحتُ عندما طالعتُ صحف يوم الجمعة 17 شعبان 1425هـ واطلعت على كلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ورئيس الحرس الوطني الموجَّهة للمواطنين والمقيمين بمناسبة تدشين حملة التوعية والترشيد الوطنية للمياه، والتعاون مع الجهات المسؤولة لتخفيض الاستهلاك، وقوله: لن ندع أمراً فيه مصلحة للوطن والمواطن إلا أوليناه كل عنايتنا، وأن المسؤولية الشرعية والاجتماعية والأخلاقية والنظامية تلزم المواطن والمقيم بالمحافظة على هذه النعمة. وتعجَّبْتُ كيف تكون المملكة بلداً صحراوياً يندر به الماء واستهلاك الفرد يُعتبر الأعلى في العالم.
وشكرتُ الله أن وزارة المياه والكهرباء ستزوِّد المنازل بأدوات ترشيد للمياه مجانية خلال الحملة بهدف خفض الاستهلاك من الماء إلى نحو الثلث أو أكثر، وسيتوفر من خلال تركيب هذه الأدوات مبالغ ضخمة جداً من المال سنوياً. وحمدتُ الله مرة أخرى على أن هناك اليوم مَن يفكر في مصلحة البلاد، وعلى رأسهم وزير المياه والكهرباء الحالي.
لكنَّ ما حزَّ في نفسي هو قولكم يا صحاب المعالي في المؤتمر الصحفي: إن الدولة تدرس حالياً زيادة تعرفة المياه على المواطنين، وإن مشروع زيادة التعرفة يُدرس الآن من قِبَل اللجان الاستشارية في الوزارة؛ مما سيجعل المواطنين يرشدون استخدام المياه.
لكن هل تعلم يا صاحب المعالي أن مزرعة واحدة في المملكة العربية السعودية، وأكرِّر مزرعة واحدة، تستخرج وتستهلك مياهاً من باطن الأرض أكثر مما تستهلكه وتستخدمه مدينة الرياض بكاملها لماء الشرب.
المواطنون في حاجة لزيادة دخولهم، وليسوا في حاجة لمَن يقتصُّ من دخولهم. وترشيد المياه أقولها لكم يا صاحب المعالي تقع عليك مسؤولية جعل المواطنين وغيرهم يقللون الاستهلاك، ليس برفع التكلفة، وإنما بطرق كثيرة ذكرتُ حوالي اثنتي عشرة طريقة منها في مقالي السابق، وعلى سبيل المثال: تحديث شبكات المياه وتمديدها في أنفاق مع بقية الخدمات مثل الكهرباء والتليفون والصرف الصحي وغيرها مما سيطرأ مستقبلاً.
وكذلك وضع قوانين صارمة مثل الغرامات، إما بحوالي خمسة أو عشرة آلاف ريال لمن يُسيء استخدام المياه، وتضعون لذلك بعض المعايير.
أما اللجان الاستشارية التي أعطيْتَ لهم أوامر وسينفذونها، وأتحدى أياً منهم في أن يقول: لسنا في حاجة لزيادة تعرفة ماء الشرب، وبدلاً من ذلك تُوضع التعرفة فقط على الزيادة في استهلاك بعض المزارع المُبالَغ في استهلاكها للمياه، ونلزم أصحاب هذه المزارع بعمل أبحاث لكيفية الاستخدام الأمثل للمياه المستخدمة في الزراعة.
وفي المدن الكبيرة يجب على كل شخص يزيد استهلاكه عن حدٍّ معين إما أن يركِّب محطة معالجة صغيرة لاستخدام مياهها للحديقة وصناديق الطرد، أو بحفر بئر سطحي لتلك الأغراض.
وتذكَّر يا معالي الوزير ما يحدث في بريطانيا عندما تقلُّ الأمطار، وكيفية عمل الحكومة لتوعية مواطنيها وسنها القوانين الصارمة حيال الماء.
أُعيد وأكرِّر ما ذكرتُه سابقاً: إننا في حاجة لتمديد جميع الخدمات في أنفاق تمرُّ تحت شوارعنا في المدن والقرى. كما أننا لسنا في حاجة لزيادة تعرفة استهلاك الماء على المواطن؛ فإنها تولِّد التذمُّر والسخط لدى عامة الشعب، وسيتذكرك الناس بأنك مَن ساعد في زيادة الأعباء المالية عليهم.
والله من وراء القصد.
|