* القاهرة -مكتب الجزيرة - علي البلهاسي- نيروبي - الوكالات:
أعلن مصدر رسمي صومالي أمس الأحد انتخاب رئيس جمهورية أرض الصومال عبدالله يوسف أحمد رئيساً للصومال في الانتخابات التي أجراها النواب الصوماليون في نيروبي.
وقد تم انتخاب أحمد (70 عاما) في الدورة الثالثة بعد ان حصل على عدد من الأصوات تجاوز ما ناله منافسه وزير المالية السابق عبدالله أحمد عدو.
لكن نتائج غير رسمية اشارت أمس الأحد الى ان برلمانيين اختاروا عبد الله يوسف المدعوم من أثيوبيا رئيساً للصومال.. وذلك في في المحاولة الرابعة عشرة خلال عقد لإعادة تشكيل حكومة وطنية في البلاد التي تعمها الفوضى.
وأشارت نتائج جمعتها رويترز بعد ان تلاها مسؤولون الى حصول يوسف على 185 صوتاً خلال اجتماع برلماني في مجمع رياضي بنيروبي تمارس فيه أنشطة البرلمان وذلك مقابل 76 صوتاً لخصمه عبد الله ادو في الجولة الثالثة والأخيرة.
وفي حال المصادقة على النتيجة يرأس يوسف حكومة انتقالية اتحادية تسعى الى لمِّ شتات البلاد التي يقطنها عشرة ملايين نسمة تمهيداً لإجراء انتخابات في ظل دستور جديد في غضون خمس سنوات.
تحديات وعقبات
كان تشكيل البرلمان الصومالي الجديد إنجازاً كبيراً حققته عملية المصالحة الصومالية التي بدأت في العاصمة الكينية نيروبي منذ أكتوبر 2002 وقوبل بترحيب كبير من جانب المجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي الذي اعتبر تشكيل البرلمان خطوة كبيرة للأمام من جانب القادة الصوماليين تمهيداً لعودة السلام والأمن والاستقرار ومنعطفاً كبيراً في عملية المصالحة الصومالية وفي الوقت الذي يبدو فيه الصوماليون متفقين على تسوية خلافاتهم ودياً عبر التوقيع على اتفاق يضع حداً للفوضى في الصومال ويفسح المجال أمام عمليات إعادة الإعمار والتنمية إلا أن الحكومة الانتقالية الجديدة تواجه ثلاثة تحديات رئيسية في مسيرتها نحو العودة بالصومال إلى أحضان الأسرة الدولية من جديد.
ويتمثل التحدي الأول في الصعوبات التي يتوقع أن تواجهها الحكومة لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد فلا زال زعماء الحرب الرئيسيون يتقاسمون الأرض منذ انهيار هيكل الدولة عام 1991 ومازالت الميلشيات المسلحة تملأ البلاد وتهدد نجاح المشروع الصومالي الجديد حتى إن العاصمة الصومالية مقديشو يوجد بها وحدها حوالي 60 ألفاً من المسلحين وهذه الظروف هي التي أجبرت على تشكيل البرلمان الجديد وبدء عمله في نيروبي عاصمة كينيا بدلاً من العاصمة الصومالية مقديشو نظراً لانعدام الأمن في البلاد.
كما أن البلاد مازالت تعاني من آثار الحرب الأهلية التي تسببت في مقتل مئات الآلاف من سكان مقديشو المدمرة ونظراً لانعدام النظام والقانون منذ أن سيطر زعماء الحرب على البلاد واحتكموا إلى السلاح لحسم الخلاف وهذا ما يجعل عملية عودة السلام قد لا تتم بسهولة وسرعة في هذا البلد الذي أصابه دمار شديد لدرجة أن الأمم المتحدة أسقطته من قائمة ترتيب الدول النامية ويظل هاجس تحقيق الأمن هو المحك بالنسبة للحكومة الجديدة التي إن لم تنجح في وضع حد للاقتتال فسيعود الوضع إلى نقطة البداية.
أما التحدي الثاني والذي يشير إليه المراقبون فهو نجاح تجربة الحكم الفيدرالي التي سيخوضها الصومال ويرى البعض أن هذه التجربة يمكنها النجاح في الصومال مثلما نجحت في دول أخرى في آسيا وأوربا وإفريقيا وأمريكا الشمالية، بل يؤكدون أن النظام الفيدرالي هو الأفضل بالنسبة للحالة الصومالية بدليل أنه مطلب أساسي عند جميع الأطراف الصومالية، كما أنه مدخل جيد للتخلص من تكرار أخطاء وأزمات نظام الحكم الصومالي منذ الاستقلال عام 1960م ولعل هذا ما جعل دويلة بونت لاند المعلنة من طرف واحد تقبل المشاركة في مفاوضات المصالحة وتقبل الترتيبات الانتقالية وجعل أيضاً جمهورية صومالي لاند المعلنة من طرف واحد تعلن الاستعداد للتفاوض مع الحكومة الصومالية الفيدرالية بعد إقرار الدستور الفيدرالي الدائم.
ويتمثل التحدي الثالث في قدرة الحكومة الجديدة على مد الجسور بين زعماء الفصائل المتنازعة رغم اتساعها وكذلك توفيق الأوضاع بما يسمح بمشاركة القبائل المنتشرة في الصومال في التجربة الجديدة علماً بأن هذه القبائل قد تمثل مصدراً للاضطرابات والقلاقل إذا لم يتم إشراكها وتمثيلها في العملية السياسية الجديدة بما يتناسب مع وجودها على أرض الواقع ولكن المراقبون يرون أن الترتيبات الدستورية الانتقالية في الصومال استخدمت المدخل القبلي في تشكيل البرلمان الانتقالي لتلافي حدوث أي مشكلات من هذا النوع في المستقبل.
ويمثل هذا الحل محاولة لتلافي تكرار حدوث أزمات الماضي التي حدثت بسبب سيطرة عشيرة واحدة أو قبيلة واحدة على السلطة، كما أدى استخدام المدخل القبلي في تشكيل البرلمان إلى استبعاد إمكانية الفوز والسيطرة للمنظمات والجمعيات العقائدية والدينية والمدنية وأتاحت القوائم القبلية إمكانية تمثيل واسعة للشرائح والطبقات الاجتماعية المختلفة.
كل المؤشرات تؤدي إلى أن الصومال مقبل على مرحلة جديدة بالفعل تؤهله للعودة إلى الأسرة الدولية وذلك في وقت يرحب فيه المجتمع الدولي بالتطورات الجديدة في الصومال ويشرف بنفسه على عملية المصالحة الصومالية وتبقى المراهنة على مدى جدية أمراء الحرب وزعماء الفصائل الصومالية في مواصلة عملية المصالحة وتحقيق السلام في الصومال.
|