* القاهرة - مكتب الجزيرة - أحمد سيد:
خيمت تداعيات حادث طابا الذي أودى بحياة خمسة مصريين وأكثر من 23 إسرائيليا على حديث الخبراء والمفكرين المشاركين فى مؤتمر الإدارة العليا الذي اختتمت فعالياته في وقت سابق بالإسكندرية حيث أكد السفير الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق على أن هذا النوع من العمليات بالأسلوب والتخطيط والتوقيت والمكان الذي تمت فيه تشير مبدئيا إلى أن إسرائيل ليست مستبعدة منها، مشيراً إلى أن اتهام إسرائيل لا يقوم على معلومة ولكن على افتراض أنها أقرب الأطراف إلى أماكن التفجيرات إضافة إلى إمكانية تحقيق أهداف لصالحها من وراء هذه التفجيرات منها ضرب السياحة المصرية فى أهم مناطقها خاصة فى الموسم الشتوي الذي تحفل به سياحة البحر الأحمر واختبار لرد فعل مصر خاصة ونحن فى عام الانتخابات الأمريكية. وقال: إنه إذا وافقت مصرعلى المطالب الإسرائيلية بالتدخل لإنقاذ الجرحى وهو ما حدث فسيكون ذلك مقدمة لما هو أكبر ناهيك عن إيهام مصر بأن هناك مخططاً لضربها من الداخل من خلال الإرهاب، وهذه المرة لا يأتي من الصعيد ولكن من سيناء، مطالبا بضرورة أن تتوخى مصر الحذر فى هذا الشأن ومعالجة حقيقية ودقيقة دون التورط فى اتهام أحد. وأضاف الأشعل: إننا نتحدث كمفكرين ولكن لابد للخارجية المصرية أن يكون لديها معلومات دقيقة عما حدث ودوافعه وأن تعالج الأزمة بأسلوب هادئ وتبتعد عن الإثارة لأن ما حدث يشير إلى علامات خطر مستقبلية منها: هل هذه العملية مقدمة لعمليات أخرى مستقبلية؟
ويجيب مساعد وزير الخارجية السابق على تساؤله بأن مصر قضت بنجاح على الإرهاب ولكنها لم تقض على أسبابه، إذن المعالجات الأمنية للإرهاب ليست هى الوحيدة التي دحرت الإرهاب ولكن ساعدها فى ذلك المجتمع المصري الذي اعتبر الإرهاب دخيلاً على ثقافته إلا أن هذا لا يعني أن الإرهاب تم اقتلاعه من جذوره إذ أن هناك أسبابا لا تزال موجودة فى التربة المصرية يجب على الحكومة إصلاحها بشكل مباشر. وأشار إلى أن إعلان إسرائيل السريع بأن تنظيم القاعدة هو الذي قام بعملية طابا فهذا يدل على أنها تملك معلومات حول تورط القاعدة. إذاً فلماذا لم تقدم هذه المعلومات لمصر قبل وقوع العملية ؟! خاصة وأن هناك علاقة تعاون بين مصر وإسرائيل فى مجال مكافحة الإرهاب، وهذا أيضا يكشف علاقة إسرائيل بعملية طابا خاصة وأن تنظيم القاعدة لم يقم بأي عملية من قبل داخل إسرائيل أو مصالحها، مؤكدا أن اتهام إسرائيل للقاعدة يرجع بشكل أساسي إلى إقناع مصر إنها مستهدفة من القاعدة وبالتالي فعليها الانضمام إلى الحملة الأمريكية لمكافحة الإرهاب وخاصة إرهاب القاعدة.
وأوضح الأشعل أن مصر عليها البحث عن علاقة القاعدة بإسرائيل وهل فعلا التفجيرات التي تمت من تدبير القاعدة؟ وإذا كانت القاعدة هي التي قامت بهذه العملية فهذا معناه أنها ممكن أن تقوم بعمليات أخرى فى مناطق مختلفة بمصر، وأعتقد أن هذا سؤال جوهري يجب أن تتجه التحقيقات المصرية وتحاول الإجابة عليه لكي تتوق مصر هذا الخطر القادم. وحول السماح لمصر للسياح الإسرائيليين بعبور الحدود دون تأشيرات أو جوازات سفر بناء على طلب الحكومة الإسرائيلية، أكد السفير عبد الله الأشعل أن هذا الإجراء سيفتح الباب كثيرا على عناصر من الموساد التي نعتبرها عناصر إرهابية فى مصر لذا يجب أن تحترز السلطات الأمنية المصرية كثيرا من الذين يأتون إليها خاصة فى سيناء.
وقال إن تحذير أمريكا لرعاياها بعدم الذهاب إلى سيناء هدفه إيهام العالم بأن منطقة سيناء أصبحت خطرا وبالتالي يضرب مباشرة السياحة في مصر وهذا الإعلان يعتبر إعلانا عدائيا.
ونبه إلى أن تفجيرات طابا تمت بعد يوم واحد من تصريحات وزير الدفاع المصري بأن حدود مصر آمنه وأن الجيش المصري قادر على حماية حدود مصر من الداخل والخارج، مؤكدا أنه بجمع هذا التصريح على ماسبق ذكره نجد أن إسرائيل هي المستفيد الأول من هذه العمليات ولا أقول أنها هي التي نفذت ولكنها ليست مستبعدة. وهناك من يرشح بعض المنظمات الفلسطينية لتسميم العلاقات المصرية الإسرائيلية وحثها على القيام بشيء.
ومن جانبه يقول الدكتور يحيى الجمل أستاذ القانون الدستوري ووزير التنمية الإدارية الأسبق إلى أن عملية طابا تعد عملية إجرامية بلا شك ومرتكبها بسوء نية ولا تصنف بأي شكل على أنها عمليات المقاومة. وأنا من الذين يفرقون بين عمليات المقاومة والعمليات الإرهابية، مؤكدا أن هذه العملية تثير كثيراً من علامات الاستفهام فهي تقع فى وقت تنتعش فيه السياحة المصرية وفى وقت تكون فيه موارد السياحة هى الموارد الأساسية لمصر تقريبا، فمن الذي له مصلحة أن يوجع مصر بهذا الشكل؟ ويشير إلى أن كل الاحتمالات مفتوحة واستبعد أن يقوم بهذا العمل المجرم مصري، وصحيح أن هناك عدم رضا كامل من المصريين للوضع الحالي لبلادهم لكن لا يستطيعوا القيام وفى مصر بهذا الشكل، يبقى إذاً احتمال قيام فلسطيني شارد من إحدى المنظمات الفلسطينية بهذا العمل وإسرائيل لها بعض المجموعات الفلسطينية التي تستعملها عند الضرورة ونحن نعلم أن إسرائيل تخترق هذه المنظمات بشكل كامل. ويضيف الجمل: إنه من الأرجح قيام بعض الشباب الفلسطيني الضائع البائع لنفسه الذي لا تعنيه فلسطين أو مصر أو حياته إنما تحركه أجهزة المخابرات الإسرائيلية لكي يحقق أهدافها هو الذين قاموا بهذه العملية فى طابا مطالبا مصر بالاتجاه للمجتمع العالمي بحيث تجهض الآثار التي قد يتسبب فيها الحادث ومن كانوا وراءه ويوضح أن هذه العمليات كشفت أن حدود مصر مؤمنة إلا من ناحية إسرائيل لأن مصر لا تملك من القوات ما يحمي هذه الحدود ولا بد للعالم أن يعلم أن سيناء غير مؤمنة نتيجة معاهدة كامب ديفيد والوحيد الذي ينفذ إلى سيناء هم الإسرائيليون لذا فإن هذا العمل جاء من إسرائيل ولابد من حل للصراع العربي الاسرائيلي حتى تهدأ المنطقة.
ويشير الدكتور رفعت لقوشة أستاذ الاقتصاد بجامعة الاسكندرية إلى أن عملية طابا ستصنف مصر على أنها دولة فى حزام المخاطر وهذا يؤثر على السياحة بنسبة أو بأخرى لكن لن تكون مثل تداعيات أحداث الاقصر عام 1997 مطالبا بضرورة تحريك الجهات المعنية فى مصر بتنشيط السياحة فى الخارج لعدم ربط السياحة بهذه العملية وقال انه واضح من تفجيرات طابا أنها عمل تكتيكي ويصعب القفز إلى تحديد الجهة المدبرة ومن المستفيد إلى حين الانتهاء من التحقيقات لكن من المؤكد أن ما حدث له علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي وله علاقة أيضا بحرب التطهير العرقي التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
وعبر لقوشة عن مخاوفه من أن تكون هذه العملية بداية لإعادة تقييم الدور المصري على مسرح الحدث فى المنطقة مستقبلا فمن الوارد أن تكون هذه العملية لجر مصر إلى صراع غير مستعدة له أو للضغط عليها لتقديم تنازلات أكثر بفرض تحييد دورها الاستراتيجي في المنطقة. وأكد أنه من دواعي الاستغراب أن هذه التفجيرات تتم فى الوقت الذي تقدم فيه مصر طلبا لعضوية مجلس الأمن وهذا ينتقص من أوراق اعتمادها لهذا الطلب كما تتم هذه التفجيرات فى وقت تكون فيه مصر أكثر تحفظا على الوجود الأمريكي فى العراق بشكل أو بآخر إضافة إلى محاولة مصر عبر مجلس وزراء جديد للنهوض بالاقتصاد وتعزيز موارده وهذه العملية ستؤثر سلبا على طموحات النهوض بالوضع الاقتصادي.
|