الانفجارات في طابا والمنتجعات في سيناء التي استهدفت الإسرائيليين خصوصاً حدثت في غمرة مذابح إسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة، ووسط استنكار واسع لهذه الفظائع التي ترتكبها إسرائيل، إلى جانب حالة غضب عارمة لقيام الولايات المتحدة باستخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار يطلب من إسرائيل كف أيديها عن الأبرياء وسحب قواتها من شمال غزة. والغضب من إسرائيل هو حالة دولية مُوغلة في القِدَم، وهو غضب لم يترجم إلى أعمال فعلية بسبب الحماية التاريخية التي تُسبغها الولايات المتحدة على إسرائيل، حتى وهي ترتكب أفظع الجرائم. ولهذا فإن إسرائيل لا تجد مَن يتعاطف معها عندما تتلقى الضربات من أي جهة كانت في العالم؛ لأنها تتصرف بعنجهية مُبالَغ فيها، وتتعالى على الجميع، وتضع نفسها فوق القوانين والأعراف الدولية، فضلاً عن كونها لا تَأْبَهُ لعشرات القرارات الصادرة من مجلس الأمن الدولي بخصوص التسوية في فلسطين. وهذا ما يُشكِّل تهديداً مباشراً للسلم الدولي؛ لأن إسرائيل ترفض التجاوب مع قرارات التسوية، وتعمل على تصعيد الصراع دافعةً الأوضاع إلى مراحل من الخطورة يصعب تداركها أو الإحاطة بتداعياتها وإفرازاتها، بما في ذلك الآثار التي تتركها مثل تلك التطورات على الأمن والسلم الدوليين.
وتعتبر عملية طابا أحد إفرازات تلك السياسات الإسرائيلية الحمقاء والتأييد الأمريكي الأعمى لها. ومن الواضح أن إسرائيل تخلق الذرائع لكل ما يُرتكب ضدها، وهي لا تفتأ تراكم يوماً بعد الآخر مشاعر الغضب عليها وبوتائر متسارعة، لكنها وهي تفعل ذلك لا تجلب الأخطار على نفسها فقط، وإنما تتسبَّب في التوتر على مستوى كافة أنحاء العالم، ولهذا فقد اعتبرت من أكبر المهدِّدات للاستقرار الدولي. وحتى الذين يُبدون قدراً من التعاطف مع إسرائيل فإنهم في لحظة الحقيقة لا يملكون إلا إدانة هذه الكيان الإرهابي الذي يجسِّد وعلى أوسع نطاق إرهاب الدولة بكل بشاعته، فالذين تمَّ استفتاؤهم قبل حوالي العام في دول الاتحاد الأوروبي عن أكبر المهدِّدات للاستقرار الدولي أجاب غالبيتهم بأن إسرائيل هي من أكبر هذه المهدِّدات. ولأن الولايات المتحدة تسدُّ الأبواب أمام المحاسبة القانونية الدولية لإسرائيل وفقاً لنهج يُضاعف من الغبن وحالة الغضب الدولية من هذا الكيان الغاصب، فإنها بذلك تتيح انطلاق عمليات خارج العمل الجماعي الدولي لإلحاق الضرر بإسرائيل ما دامت القنوات الطبيعية للمحاسبة من خلال المحافل الدولية يتم تعطيلها.
|