حينما تسكب الشمس نورَها الصافي على الأرض تبتسم لها الحياة، لأنها تخرج من حصار ظلام الليل إلى آفاق ضياء النهار، وتفرح بها الكائنات لأنها ترى بانسكاب نورها ما تريد أن تسلكه من دروب السعي في مناكب الحياة، وتنشرح بها الصدور لأنَّ النهار رمزٌ للإشراق والوضوح الذي يريح الإنسان من سراديب الليل وزواياه المعتمة، وكهوفه المظلمة.
إشراق الصباح لغةٌ أجمل من كل اللغات، وأشمل وأكثر انتشاراً، لانها لغة الحياة كلِّها، لغة الكائنات كلّها، تفهمها الحياة دون حاجةٍ إلى ترجمان، وتفهمها الكائنات دون حاجةٍ إلى شرحٍ أو بيان.
لغةٌ تستيقظ على أصدائها الجميلة كل القلوب، وتسعد برؤية أنوارها الساطعة كل العيون، ويسبح في نبعها الصافي كل الوجود.
من الذي لا يفهم لغة أشراقةِ الصباح؟
يا لها من لغةٍ تفوق كلّ اللغات، لغةٍ تفهمها الحشرات الصغيرة، كما تفهمها الكائنات الكبيرة، تتناغم معها أغصان الأشجار، ويتجاوب معها تغريد الأطيار، وتتفاعل معها الصخور والأحجار، وتطرب لها الينابيع والأنهار، وأمواج المخيطات والبحار، وذرات رمال الفيافي والقفار.
من الذي لا يفهم لغة إشراقة الصباح؟
هل هنالك مَنْ لا يعرف الشمس بنورها الساطع ووجهها الوضيء، وهل من الكائنات مَنْ لا يُحسَّ بدفئها حين تزفُّ إلى الكون بشائر نورها، وتبثُّ في عروق الحياة بهاء أشعَّتها؟!
إشراقة الصباح، هذه اللوحة الأخَّاذة البهيَّة التي يعرضها الأفق الفسيح أمام نواظرنا كلَّ يومٍ، إنها الصوت المضيء الذي ينادينا بدفئه الجميل إلى إشراقة الصدور، ودفءِ المشاعر، وإضاءة القلوب بالصفاء والنقاء، والمحبةِ والإخاء.
مَنْ الذي لا يفهم لغة إشراقِ الصباح؟
فاجأني بإجابةٍ على غير ما كنت أتوقع، طفلان بريئان كانا يصارعان الموت تحت أنقاض بيتين هدمتهما الصواريخ الغاشمة مع إشراقة الصباح، أحد البيتين في غَزَّة فلسطين، والآخر في فلَّوجة العراق.
قال الطفلان: يا له من سؤال مؤلم!، وهل هنالك إشراقةٌ لصباحٍ لا يعرف إلا دخان غارات الاحتلال، ولا يسمع إلا أزيز الطائرات، ودويَّ التفجيرات؟!
التفتُّ إلى إشراقةِ الصباح الجميل، فوجدتها تبكي بلا دموع.
إشارة :
تمتد صحراء الجراح وما لنا
خف يقاوم رملَها وسنام |
|