* عمان - الجزيرة - خاص:
بدت الوجوه التي عرف من خلالها الفنان السوري المقيم في المانيا مروان قصاب متسائلة في البيت الازرق، وجوه اشبه بتاريخ النفس والتي عبر من خلالها القصاب عن عمق الموضوعة وصعوبة الاشتقاق البصري في حدودها لكنه استطاع ان يقدم نصا بصريا مفتوحا لتحولات الوجه في اعماله الى مساحة من العزف من خلال الالوان الرقيقة والشفافة جمع من خلالها بين ايقاع المائي وتخطيطات الرصاص وصولا لمحفوراته التي طرحت ذات الموضوع بالاسود والابيض.
فالناظر الى تاريخ القصاب الفني يلتقط وبشكل صريح لذة موضوعاته التي تحضه والتي شكلت فيما بعد بالنسبة لمساحة التجربة تاريخا فنيا تراكميا، فبدت في مراحلها الاولى اشبه بوجوه قدت من الوان الضحى ليذهب بها فيما بعد نحو اطلاق شكل الموجه بوصفه مساحة حرة للتلوين والتخطيط واحتمال مساحاته للانفعالات التعبيرية، فالوجه بصمة الكائن الذي من خلاله ننسب الاسم الى صاحبه، فجسد بلا وجه اشبه بكتلة غامضة لا تحمل اسما، لكننا نلتقط في وجوه القصاب وانعكاساتها في اكثر من مشهد بصري، ففي محفوراته يتقدم الوجه كخارطة سيكولوجية عبر تشابكات الخطوط وتقاطعاتها في ملامح متوارية خلف تلك التشابكات.
فالخطوط التي تشكل المساحة الاهم في فضاء اللوحة عبارة عن مساحات ومسارات يقدمها القصاب لتدلنا على لحظة الرسم وطقوسه الخاصة النابعة من خبرة طويلة في التعامل مع تلك الموضوعة، وايضا فان الوجه يتحرك بصفة المفردة تارة وبصفته الجمعية تارة اخرى. ومنذ عام 1967 في اول معرض فردي للفنان القصاب وهو ما زال يقدم تجارب متتالية مبنية ضمن رؤية الاحتراف داخل المادة والشكل، واعتقد ان اقامته المبكرة في الغرب ساهمت في تشكل وعيه الفني الذي بني على اساس التحرر والحرية داخل منطقة التفكير الفني، هذه الحرية التي انعكست ايجابا على منطق التجربة وتجلياتها الفنية والانسانية.
فتاريخ تجربة القصاب يشكل منحى حقيقيا لمادة الذات الانسانية ذات الانسان ومساحة المنفى سواء كان طوعيا او قسريا، فالمنفى يقدم نتاجا خصبا في استدعاء مشاهد الذكريات والطفولة كمؤونة خصبة للانتاج الفني واعادة صياغته عبر لغة حداثوية ذات تعبير حار، واعتقد ان القصاب يتحرك عبر منطقة التذكر الجميل والتي ظهرت في اعماله المبكرة وصولا لشخوصه التي احتلت مساحة اللوحة بكاملها، وهناك ظاهرة واضحة في اعماله تتمثل في احتلال الشكل المرسوم لمساحة اللوحة لمكان ينزح نحو الامتلاء بكامل المساحة وصولا لوجوهه التي تتسع لتتحول الى كامل السطح التصويري.
لقد استطاع القصاب عبر هذه الرحلة ان يؤسس خصوصيته وبصمته الفنية لتصبح ذات فعل تأثيري على الاجيال الجديدة، الى جانب مهماته الاخرى عبر اكاديمية الفنون في دارة الفنون مؤسسة خالد شومان الذي قام من خلالها بالاشراف على ورش فنية جمعت مجموعة من الشباب العربي لايجاد مساحة من الحوار الحر عبر العمل الفني، وقد انتجت هذه الاكاديمية اكلها عبر الفنان علي (ق) الذي يعمل الان في محترف الفنانة المعروفة (ربيكا هورن) .
|