الحقيقة أن النقد له فائدة كبيرة في حياتنا في جميع مجالاتها، وخاصة في مجال الأدب، ولا يمكن التردد في فائدة النقد، كما أنه لا خلاف على قيمة النقد في كل وقت، ومهمة النقد الأساسية أن يشجع وينير السبيل، والنقد هو النور الذي يرى الناس في ضوئه طريقهم ويتعرفون به على مواضع خطئهم.. فإذا كان شاعراً فعلاً يجعلنا مشاركين له وأيضاً إن كان ناقداً.
والناقد الصحيح هو الذي يزاول عمله بمعرفة بموضوعه.
والناقد دائماً هو الذي يعطينا أشياء جديدة وهو الذي يدلنا على أشياء غير منظورة ويعلمنا أن نقرأ لأنفسنا بذكاء.
والنقد الأدبي يفيد الأدباء ويفيد القراء ويفيد الأدب نفسه.
والنقد الصحيح المتعارف عليه أنه يفيد الأدباء ويبين أسلوبهم ليسهل قراءتها للناس فيكون هو همزة الوصل بينهم وبين الشعراء والكتاب الذين يمكن ألا يعرفوا لولا النقاد.
والنقد السليم لا يقف عند بيان المحاسن والمساوئ إنما يسعى إلى النهوض بالأدب ويوسع في آفاقه ومجالاته.
الحقيقة لا يوجد عندنا نقاد لأن شروط الناقد لا تتوفر فيهم مطلقاً. يقول الباحثون إن للناقد شروطاً منها الذكاء والخبرة والمشاركة العاطفية والذاتية أو الفردية.. أي يكون عند الناقد معرفة واسعة بالفن الأدبي وما يحيط به من موضوعات أخرى، ومن ناحية الخبرة على الناقد أن يكون مطلعاً واسع الأفق وأن يكون الناقد في محل الأدباء ويأخذ مواقفهم وهو بذلك يحاول أن ينسى نفسه ليحيا فترة في ظل هؤلاء الأدباء وفي التجارب التي مروا بها.
إن القيام بواجب النقد مسؤولية كبرى يجب على كل ناقد أن يشعر بمهمته الملقاة على عاتقه والتي كلف نفسه بها ليؤدي هذا الواجب على أحسن ما يكون وأن يبذل قصارى جهده ليحقق الهدف المطلوب من النقد.
والناقد الذي يشعر بالمسؤولية يجب أن يبتعد عن الأغراض الشخصية لكي يكون النقد له صداه وصوته ولا يكون النقد بالتجريح والتشويه والفوضى.
وأنا أرى أن النقد ليس بالتشهير بالناس والسخط عليهم لأشياء شخصية. النقد كلمات وملاحظات أنطقها الإخلاص.. وبلورها الصدق، أما أن يكون تراشقاً بالألفاظ ورمياً بالتهم.. فإن هذا ليس من النقد في شيء وهو بالتالي لا يبني بقدر ما يهدم.. ولا يشيد بقدر ما يحطم.
وأخيراً أقول بكل صراحة متى يكون عندنا نقاد متخصصون ومخلصون في النقد.
| 
"زمان الجزيرة"