الكتاب: Washington,s Crossin
Pivotal Moments in
American History
المؤلف: David Hackett Fischer
الناشر: Oxford University
يقوم المؤلف ديفيد هاكيت فيشر في هذا الكتاب بتحليل رائع لعبقرية جورج واشنطن العسكرية من خلال عبوره نهر ديلوار في ديسمبر 1776 وتدميره لحامية المرتزقة في ترينتون وهزيمة الفيلق البريطاني في برينستون.
ويعتبر المؤلف أن تلك الأحداث كانت فاصلة على مدى التاريخ الأمريكي وأنها أدت إلى نشأة الجمهورية الأمريكية.
يحكي الكتاب قصة عام فاصل في تاريخ أمريكا. فيتحدث من ناحية المنظور الاستراتيجي منذ أواخر عام 1776 إلى منتصف عام 1777 ومن ناحية أخرى، فهو قصة مثيرة للمعارك والمشاركون بها وجنودها وعتادها. وإذا كانت هناك ناحية ثالثة فربما يجب أن يكون دور جورج واشنطن كرجل وكقائد للجيش.
وتبدأ القصة بإعادة رواية أحداث الفترة المروعة في عام 1776م، عندما كان جيش واشنطن مهزوماً ومدحوراً في نيويورك وتمت ملاحقته ومطاردته إلى بنسلفانيا.
وبعد هذا الفشل الذريع، طبَّق واشنطن استراتيجيته الجديدة خلال أسابيع قليلة حيث تجلت قيادته العظيمة في عبور نهر ديلوار وفي هزيمة الأعداء في ترينتون، وبعد أسبوع طرد البريطانيين من تورينتون، ثم هزمهم في برينكيتون.
وتحدث فيشر عن الحرب التي اشتعلت في نيوجيرسي بعد معركة برينكيتون وكانت هذه الرواية جديدة على مسامع الكثيرين.
وقد كان فيشر بارعاً في الانتقال من المستوى الاستراتيجي الخارجي إلى المستوى التكتيكي ثم إلى مستوى الجندي الفرد. وقد منح - تسلسل مذكراته وذكره للمشاركين في هذه الحروب من جانبي الصراع - القارئ شعوراً بأنه متواجد بالفعل في قلب هذه الأحداث. تحدث فيشر عن تلك الحرب بشكل شامل حيث أوضح لنا أفكار الجنود في تلك الفترة وولائهم لقائدهم. وفي الفصل الأخير، قام فيشر بتلخيص الدروس التي يمكن الاستفادة منها من تلك الأحداث في هذا العام الفاصل.
ولا يتفق الكثير من النقاد مع رأي فيشر في هذا الفصل بأن السنوات الحالية قد شهدت تركيزاً كبيراً من المؤرخين في اكتشاف الجوانب المظلمة في التاريخ الأمريكي.
فقد قال لنا الكثير من المؤلفين والكتاب إننا أسرى للجوانب المظلمة في أنفسنا وإننا ضحايا - لا حول لنا ولا قوة - للتاريخ، فإننا لم ولن نكون كذلك. ولم يوضح فيشر الحقيقة أو حتى لم يحاول أن يقنع القارئ بأن الأمريكيين كانوا دائماً متشحين بالطهر والبراءة، كما أنه لم يذكر من هم الأشخاص الأخيار في هذه الرواية. وهذه القصة هي قصة إحدى اللحظات المهمة في تاريخ الأمة الأمريكية، عندما كان مستقبل البلاد على المحك. ويذكر فيشر أن قرارات جورج واشنطن قد أثرت فعلاً في الحرب أكثر مما فعلت قيادته، كما قام باستعراض ردود أفعال الزعماء والجنود تجاه هذه القرارات التي كانت كثيراً ما تدل على إعجابهم بهذا الرجل وبأسلوبه في القيادة.
ويقص لنا الكتاب ما لا نعرفه عن تاريخ الجيش، وعن حرب الاستقلال، فهو ينبئنا بالتفاصيل الكاملة للقصة وعن محاولات واشنطن وجيشه لتحرير البلاد. كما قام فيشر بالتغطية والتحدث عن العدو خاصة كورنواليس. ويتضمن الكتاب العديد من الحواشي السفلية والملاحظات والخرائط التي تكفي لجعل الكتاب ممتعاً في كل صفحة من صفحاته.
وهنا يجدر بنا القول إن، هذا الكتاب هو مراد كل باحث عن الصورة الحقيقية للأيام الأولى من تاريخ الثورة الأمريكية.
ويلقي فيشر الضوء على المعركة الحاسمة في ترينتون بعد أسبوع من بدئها عندما قامت القوات الأمريكية بمواجهة قوات اللورد كورنواليس، موضحاً إحاطة جيش واشنطن للجيش البريطاني ليفوز بنصر آخر في برينكتون. ويقدم لنا فيشر بورتريهات لبعض الجنرالات وبعض الجنود لكل من جانبي الصراع. ويذكر أن الجيش الأمريكي كان مسلحاً ومستمتعاً بجو المعركة بالرغم من نقص الغذاء والكساء.
كان جورج واشنطن شخصية معقدة ومرنة في نفس الوقت على عكس ما يعرف الكثيرون.
لكن الأبطال الحقيقيين في قصة فيشر هم الجنود العاديون - حيث أوضح فيشر أنهم كانوا مدفوعين من قِبل رغبتهم في الحرية - وليس من قبل أوامر الجنرالات. وفي نهاية الكتاب يقول فيشر (إن الحقيقة الوحيدة عن المواطنين والجنود الأمريكيين في نيوجيرسي هي أنهم وجدوا طريقة لهزيمة العدو ليس مجرد مرة واحدة في ترينتون وإنما العديد من المرات خلال اثني عشر أسبوعاً أثناء استمرار الصراع. وفي القرن العشرين حاول العديد من العلماء أن يحيلوا الماضي الأمريكي إلى ماضٍ حافل بالجرائم. وتخبرنا قصة عبور واشنطن أن الأجيال الأولى من الأمريكيين كانوا قادرين على التصرف بروح عالية).
ويذكر المؤلف أن حوالي ثلثي الجيش النظامي البريطاني كانوا في شمال أمريكا، وكانت هذه القوات مدربة بشكل جيد على تدمير العدو، كما ساعدتهم قوات المرتزقة.
لكن بالرغم من ذلك استطاع الجنرال واشنطن هزيمتهم من خلال استخدامه لاستراتيجية صراع رائعة واستخدام ذكائه عن طريق التجسس ورفع الروح المعنوية للجنود.
كانت الثورة على حافة الفشل، حتى قام واشنطن بقيادة جيشه في عبور نهر الديلوار النصف متجمد إلى بنسلفانيا في أوائل ديسمبر، وأدى حظه الجيد إلى تحسن الوضع. فقد بدأ العديد من المواطنين، في التقدم للالتحاق بالجيش الأمريكي.
ورأى واشنطن أن الفرصة متاحة له في ليلة رأس السنة للعبور، فقام بعبور نهر الديلوار مرة أخرى.
وفي يوم السادس والعشرين من ديسمبر انتصر على المرتزقة في ترينتون وعبر الديلوار مرة أخرى فهزم البريطانيين والمرتزقة في معركة ثانية في ترينتون في اليوم الثاني من شهر يناير عام 1777م. واستمر القتال بعد قيادة واشنطن لجيشه المرهق إلى موريستاون. وأصبح واشنطن البطل الذي حقق الأمان. وتساءل البعض ما الحكمة من الاستمرار في الحرب التي بدا أن البريطانيين قد يخسرونها؟
|