الكتاب: Western Muslims
the Future of Islam &
المؤلف:Tariq Ramadan
الناشر: Oxford University
طارق رمضان هو ناشط ومفكر وداعية إسلامي يحمل الجنسية السويسرية، وقد دعته جامعة نوتردام الأمريكية لكي يقوم بتدريس الفلسفة والأخلاق الإسلامية في معهد كروك لدراسات السلام التابع لها.
ولكن وقبل أيام قليلة من بدء الموسم الدراسي ألغت الحكومة الأمريكية تأشيرة الدخول الخاصة به بدعوى أنه يمثل خطرا على الأمن القومي الأمريكي، ودون أن تقدم الخارجية الأمريكية تفسيرا لعبارة (دواعي الأمن القومي) التي استندت إليها في إلغاء تأشيرة دخول أمريكا لهذا المفكر الإسلامي. وقد وجد هذا الاستاذ الجامعي وعائلته أنفسهم في موقف صعب. وقد ندد عدد كبير من أساتذة الجامعات الأمريكية بموقف إدارة الرئيس جورج بوش باعتباره تدخلا في حرية المؤسسات الأكاديمية. فهل يمثل طارق سعيد رمضان بالفعل تهديدا لأمريكا؟ هل يروج الرجل لقيم تتناقض مع القيم الأمريكية؟ اعتقد أن أفضل مكان يمكن البحث فيه عن إجابة عن هذه الأسئلة هو كتابه الجديد (المسلمون الغربيون ومستقبل الإسلام).
الأهداف المعلنة لهذا الكتاب هي إعادة تفسير الإسلام الذي يصلح لكل زمان وتشجيع الاندماج الايجابي للمسلمين في المجتمع الغربي.
والحقيقة أن هذه المحاولة من جانب المفكر الإسلامي هي جهد طموح ومعقد في الوقت نفسه من أجل إشراك المسلمين في عملية الإصلاح.
وليس من الصعب فَهْم السبب الذي يدفع الشباب المسلم في القارة الأوروبية للكفاح من أجل الإحساس بهويته وفي الوقت نفسه إيجاد موطئ قدم له وسط الثقافة العلمانية السائدة في القارة.
ويكشف كتاب طارق رمضان عن صوت أخلاقي واضح ويتبنى الإيمان الراسخ، مع التأكيد على الأمور التي تخدم المجتمع الغربي والدور الذي يمكن أن يساهم به المسلمون في أوروبا وأمريكا من أجل الاندماج والتفاعل مع المجتمعات الغربية التي يعيشون فيها بما يحقق الخير للجميع، كما يتناول الكتاب التغييرات المطلوبة في العالم الإسلامي.
وعن وضع المسلم في الدول الأوروبية والولايات المتحدة وغيرها من المجتمعات الغربية يقول الكتاب: هذا هو وطننا وليس مجرد مكان نعيش فيه لبعض الوقت، وعلينا أن نكتشف الهوية الإسلامية ونحافظ عليها في الوقت الذي نتفاعل فيه مع المجتمع الغربي الذي نعيش فيه باعتبارنا مواطنين كاملي المواطنة وليس كأقلية أو مهمشين أو ضحايا.
ويقدم الكتاب مجموعة من الإرشادات لكيفية الوصول إلى النصوص الإسلامية التي تدعو إلى المبادئ العالمية، ويركز بصفة أساسية على روحانية الإسلام وإنسانيته. وقد عارض المؤلف محاولات الجالية المسلمة في سويسرا لإنشاء مدارس خاصة بهم لتعليم أطفالهم، وقال إنه من الأفضل للأطفال المسلمين أن يدرسوا في مدارس عامة، وفي الوقت نفسه نلقنهم مبادئ الشريعة الإسلامية على أساس أن مثل هذه العملية مكملة مع التعليم العام وليست موازية له بحيث يندمجون في مجتمعهم وفي الوقت نفسه يتلقون تعاليم دينهم.
وفي تجمع وطني للمسلمين الأمريكيين عام 2002 قال رمضان: (نحن نشعر أننا عرضة للخطر وفي موقف دفاعي، ولكن هذا ليس وقت البحث عن مبرر لأنفسنا). وأضاف: (يجب أن ننقد أنفسنا.. إنَّ قتل الأبرياء في أي مكان ليس من الإسلام وعلينا إدانته. وعلينا أن نرد بقوة عندما نجد جماعات متطرفة تستخدم مفهوم الجهاد بطريقة خطأ).
كما تناول في كتابه وبقدر كبير من التفصيل قضية ولاء المسلمين للدول الغربية التي يعيشون فيها و(للأمة) الإسلامية.
وأكد على أن الأخوة الإسلامية لا تعني أبدا تبرير الظلم لمجرد أن الظالم أخونا في الدين وأن المظلوم غير مسلم. وإذا كان التركيز القوي من جانب رمضان على الدين كمفهوم وحياة يمكن أن يسبب بعض القلق بالنسبة لأوروبا شديدة العلمانية، فإنه لا يجب أن يكون كذلك بالنسبة للأمريكيين الذين يحملون قدرا كبيرا من التدين والذين توجههم القيم الدينية في أغلب ممارسات حياتهم اليومية.
فلماذا إذن يتم منع مفكر مسلم بمثل هذا الاعتدال من دخول الولايات المتحدة؟ الإجابة الوحيدة المقبولة هي أن هذا نتيجة مباشرة لممارسات وسائل الإعلام الأمريكية منذ سنوات طويلة دأبت خلالها على انتقاد المسلمين الأمريكيين واتهامهم بمعاداة السامية وربطتهم بالإرهاب.
ورمضان هو حفيد الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ووالده هو سعيد رمضان أحد قادة الجيل الأول في هذه الجماعة. وقد رد على كل الاتهامات التي وجهت بالتفصيل في الصحف الأمريكية. ومن بين ما قاله إنه يريد تقييمه على أساس حياته وتصرفاته وأفكاره وليس على أساس انتمائه العرقي أو الديني.
والحقيقة أن كتاب (المسلمين الغربيين) هو إحياء لفريضة الاجتهاد في الفقه الإسلامي الذي يفسر النصوص الدينية بما يتلاءم مع ظروف العصر. كما أن كتاب الدكتور طارق رمضان يكشف لغير المسلمين القيم الإنسانية والأخلاقية للإسلام.
والحقيقة ألا أحد يصدق المزاعم الأمريكية بأن طارق رمضان خطر على الأمن القومي الأمريكي ولا مزاعم دوائر أمريكية بأن الرجل يحمل عداءا كبيرا للإسلام.
فمن يحمل وجهة نظر هدامة تجاه الغرب لن يستنفد جهده وطاقته في البحث عن المشترك الإنساني في الدين الإسلامي حتى يحقق ذلك التقارب المطلوب بين المسلمين والمجتمعات الغربية، وهو التقارب الذي ينطوي على أهمية بالغة في ظل الحرب العالمية الحالية ضد التطرف والإرهاب. كما أنه من الصعب تخيل قيام جامعة كاثوليكية أمريكية كبرى بدعوة شخص (يحمل رؤية هدامة للغرب) لكي يقوم بالتدريس فيها.
ولو أن الإدارة الأمريكية جادة حقيقة في قولها أنها تريد كسب قلوب وعقول المسلمين وتجنب (صدام الحضارات) فإن عليها التفكير في عقد جلسات نقاش مطولة مع طارق رمضان وغيره من المفكرين المسلمين المعتدلين بدلاً من حظر دخوله إلى الولايات المتحدة.
|