Saturday 9th October,200411699العددالسبت 25 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

المنشود المنشود
طفولة بلا عنف 1-4
رقية الهويريني

إن الاهتمام بالطفل يبدأ منذ الولادة، بالرضاعة الطبيعية قدر الإمكان وبنوع الغذاء الصحي، وكذلك التطعيم ضد الأمراض المعدية، وتستمر العناية به منذ مرحلة الحضانة والطفولة ثم المراهقة وتمتد حتى الشباب.
وضعف إدراك الطفل ومحدودية إمكانياته وقدراته النفسية والعقلية والجسدية يجعله غير قادر على حماية نفسه أو الدفاع عنها لأنه غير مؤهل جسدياً أو فكرياً لذلك فهو بحاجة إلى حماية دائمة، كما أن حاجته مستمرة للرعاية والرحمة وهذا ما تقتضيه الشريعة المطهرة، وعليه كان لزاماً تعليمه المطالبة بحقوقه وكيفية الدفاع عن نفسه ضد العنف بأشكاله، والمتمثل بالألم النفسي الذي يعد من أكثر الأنواع تفشياً، يليه العنف البدني.. ومن أكثر صوره: الضرب المبرح، أو الصفع، أو القذف بالأشياء التي في متناول اليد لا سيما الأشياء الخطيرة. وغالباً ما يكون الاذى الجسدي مصحوباً بإيذاء نفسي، وهذا النوع من العنف غير ملموس، ويصعب اكتشافه، بيد أنه يظهر على تصرفات الطفل وسلوكه مثل التبول غير الإرادي، أو الإصابة بأحد الأمراض النفسية كالشعور بالأحباط أو الاكتئاب.
ويبدو الاختلاف في إدراك مفهوم العنف عند الآباء بل وحتى عند المجتمع متذبذباً، فهو حيناً يعزى للتربية وضبط السلوك، وفيه يعمد بعض الآباء إلى إيقاع الاذى الجسدي على ابنائهم كاتخاذ الضرب والقسوة أسلوباً تربوياً. وحيناً آخر من منطلق الشعور بالملكية، وهذا يعود لجهلهم بالأساليب التربوية الصحيحة، فهم بذلك لا يدركون أن الابن ليس ملكاً شخصياً وإنما له الحق في الحرية وتقرير المصير، كونه من البشر! ناهيك عن مظاهر التدمير النفسي التي يمارسها الآباء بتفضيل بعض الأبناء عن بعضهم وفيها تنشأ الغيرة والحسد بين الإخوة مما يولد الحقد ويؤدي إلى الجريمة!! كما ان حرمانهم من الضرورات الحياتية أو حقوقهم الشرعية أو حتى الحرمان من المكافأة المادية أو المعنوية يدخل في دائرة العنف ضد الأطفال، كالتقصير في الاحتياجات الشخصية مثل الغذاء والملبس، والسكن الملائم والمستلزمات المدرسية من دفاتر وأقلام وغيرها، أو منع الأطفال من الدراسة بحجة الفقر، وبالتالي الحاجة للعمل. كما أن تشغيل الأطفال يعد بحد ذاته أحد اصناف الإيذاء فما بالك في تشغيلهم ساعات طويلة (كأطفال الشوارع) الذين يبيعون على المارة علب المناديل وقوارير الماء تحت لهيب الشمس الحارة او المطر والبرد القارص، وبذلك يتم تعريضهم للمخاطر الصحية والامنية وتغتال طفولتهم!
والواقع أن الإيذاء النفسي أو الجسدي للطفل قد يأتي - أيضاً- من المؤسسات التربوية لا سيما المدرسة (إدارة ومعلمين) ومنه الضرب أو الوقوف لساعات طويلة، أو المنع من الخروج لدورة المياه أو حمل مستلزمات المدرسين أو إرغامه على تنظيف مرافق المدرسة.
وقد أظهرت الدراسة التي أجراها مركز مكافحة أبحاث الجريمة بوزارة الداخلية، تفشي ظاهرة إيذاء الأطفال في مجتمعنا بشكل عام، وعلى الرغم من قصور الدراسة أو عدم شفافيتها حيث تم استبعاد الإناث من الدراسة بشكل مطلق واقتصار عينتها على الأطفال الذكور في مدارس التعليم العام في المناطق الثلاث الرئيسية التي تعتبر المناطق الأكثر تطوراً مقارنة مع بقية المناطق، إلا أنه اتضح من خلال الحالات التي خضعت للدراسة ان 45% من الحالات يتعرضون لإحدى صور الإيذء في حياتهم اليومية, ويحدث الإيذاء دائماً لـ21% من الحالات، في حين يحدث لـ24% احياناً، وأوضحت دراسة حديثة اعدت بالمملكة في هذا المجال أن أعلى نسبة للأطفال الذين يتعرضون للإيذاء النفسي بصورةٍ دائمة في المرحلة الابتدائية بنسبة 36.4% ثم المرحلة الثانوية بنسبة 36% ثم المرحلة المتوسطة بنسبة 30% وفي النمط الثاني من أنماط الإيذاء البدني فان أعلى نسبة للذين يتعرضون للإيذاء البدني بصورة دائمة في المرحلة الثانوية وصلت 28.4% ثم المتوسطة 25.3% ثم المرحلة الابتدائية 23.4% كما ان إهمال مواهب الطفل بإغفال نبوغه وتعنيفه والسخرية منه، والسب بالالفاظ الجائرة يعد أسوأ أنواع الإيذاء النفسي ومن شأنه أن يؤدي إلى ترك مقاعد الدراسة مبكراً! وما يؤلم الطفل حقا صدور الاذى ممن كان يتوقع منهم الحماية كالوالدين والمعلمين ويصعب عليه تصديق أن والده يضربه لأنه يحبه، ومعلمه يعنفه لأنه يؤدبه!! وحين يصدر الأذى من مؤسسة تربوية كالمدرسة يدل ذلك على أن هناك ضعفاً في تأهيل المعلمين ليكونوا مربين في الدرجة الأولى، ونقصاً في ادراكهم للخصائص النفسية والعقلية والجسدية للطفل، حيث يجدر التعامل مع الأطفال في المدرسة بعيداً عن الضغوط التي يتعرض لها المعلمون سواء بالبيت أو الشارع قبل وصولهم لمدرستهم. وهذا لا يعني التهاون في تعويد الطفل الانضباط واحترام الأنظمة، بل لابد من شرح اللوائح المدرسية للتلاميذ حتى لا يقعوا تحت دائرة العقاب أو العنف بسبب الجهل بالأنظمة.
ومما يزيد الألم عند الطفل عدم اهتمام والديه به وإهمال ما يناله من عقاب في المدرسة، وهذا يعد أحد أشكال الإيذاء التي يتعرض لها الأطفال وقد يقودهم للعنف!!

ص.ب 260564 الرياض 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved