عزيزي الأستاذ نجيب محفوظ:
تحولت كتاباتك بعد النكسة إلى ما يشبه الفوازير والأحاجي فهل تعتقد أن هذا النوع من الكتابة الملغزة يمكن أن يخدم المرحلة التي يمر بها وطننا؟
فؤاد دوارة
عزيزي الأستاذ فؤاد دوارة:
لو صح أن كتاباتي تحولت إلى ما يشبه الفوازير والأحاجي بعد النكسة فلربما كان تفسير ذلك أن حياتي- وربما حياة الآخرين - تحولت إلى ما يشبه الفوازير والأحاجي في أعقاب النكسة. وممكن أن أناقش معك مدى ما تنطوي عليه الكتابات المعنية من الغاز أو مدى ما تنطوي عليه من واقعية تكاد تكون فوتوغرافية، ولكني لا أجد داعياً لذلك لسبب بسيط هو أنني خرجت من تلك المرحلة المظلمة - لا أعادها الله- وإنني - وكتاباتي بالتالي- أخذنا نستعيد توازننا.
المهم أن أحاول الاجابة على سؤالك وهو أهم وأشمل من حال شخصية، هل أعتقد أن هذا النوع الملغز من الكتابة يمكن أن يخدم المرحلة التي يمر بها وطننا؟
أصل المشكلة يا عزيزي أن المرحلة التي يمر بها وطننا تحتاج إلى السلاح، إلى التضامن، إلى الإنتاج، إلى الفن الإعلامي سريع الطلقات الذي يمكنه مواكبة المعركة وهي في غير حاجة إلى الفن الحقيقي هذه هي الحقيقة، فإذا أصررت بعد ذلك على المطالبة باجابة فإنني أقول بأنه لا يمكن التنبؤ بمواصفات فن حقيقي قبل تحققه، لا يمكن أن أقول ان المرحلة الراهنة تتطلب كتابة صفتها (كيت وكيت) ولكني أنتظر حتى توجد الكتابة الحقيقية حاملة صفاتها الذاتية المناسبة للمرحلة، وقد تكون واضحة كنور الشمس، وقد تكون غامضة كالليل البهيم، ولكنها ستكون هي هي - دون غيرها- التي ستخدم المرحلة التي نمر بها.
نجيب محفوظ |