أجرى اللقاء / خالد الدوس
الدكتور محمد العويرضي «55 عاماً» أستاذ التاريخ والحضارة في معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية.. والوحداوي المخضرم.. أحد الأسماء التي خدمت الكيان الأحمر قبل أكثر من ثلاثة عقود زمنية وبالتحديد منذ عام 1390هـ حينما انضم لفريق السلة بتأثير قوي ومباشر من مدرب اللعبة آنذاك عبدالوهاب صبان الى جانب مشاركته في لعبة كرة اليد باعتبار ان النظام آنذاك كان يسمح بمشاركة اللاعب في أكثر من لعبة.. حيث مثل السلة الوحداوية في عصرها الذهبي تسعة أعوام متتالية الى ان قرر هجران الكرة والتفرغ لزيادة تحصيله العلمي، فبعد تخرجه من جامعة أم القرى تخصص تاريخ وحضارة.. واصل دراسته العليا حتى نال درجة الماجستير من جامعة الملك عبدالعزيز في التاريخ الحديث.. ثم ابتعث من معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية لدراسة الدكتوراه فنال شهادتها بتفوق في التاريخ الحديث من جامعة مانشستر بانجلترا.
ويعتزم الأكاديمي العويرضي لحفظ التاريخ الرياضي وذلك من واقع تجربته العلمية وتوثيق الحركة الرياضية بالعاصمة المقدسة حيث سيبدأ في وضع الخطوط العريضة لفك طلاسم الخلاف القائم والصراع حول أولوية التأسيس وانطلاقة الكرة بين الناديين العريقين الوحدة والاتحاد، حيث يؤكد ان لديه ما يثبت ان الوحدة تأسست قبل عقد الستينيات الهجرية من القرن الماضي من واقع التخصص استضفناه لنقلب معه أوراق ماضية نتناولها عبر الأحداث الأتية.
البداية بحي العتيبة
تفتحت عيناي على كرة القدم في أحد الأحياء الشعبية بمكة المكرمة حيث ولادتي ونشأتي داخل حي العتيبة.. الذي كان يقع شمال غربي مكة إذ كان هذا الحي يضم خليطا من عناصر مختلفة من أبناء الوطن.. نما حبه وعشقه فريقي الوحدة في نفوس ووجدان ابناء هذا الحي للسمعة الكروية والعصر الذهبي الذي كان يعيشه الفريق الوحداوي المخضرم في الثمانينات، فعندما كانت تقام مباراة للوحدة - وكأنها الآن أشبه بطيف وحلم يمر بذاكرتي - أراهم وكأن أبناء حارتي الوحداويين يشعلون عوداً من كبريت فإذا مال الكبريت باتجاه الجهة الشرقية قالوا الوحدة ستفوز بحكم ان المباراة تقام مع أحد فرق جدة الأهلي والاتحاد.
هكذا كنا صغاراً وعندما بلغت سن العاشرة من عمري (أوائل عقد الثمانينات) كونا فريقا بالحارة سمي بالأمل كان يتزعمه «حمدان بن رشيد» يدعمه ويمده بالكور والملابس وهو بالمناسبة من محبي نادي الوحدة.. وضم فريقنا لاعبين جيدين أمثال حامد سبحي وخالد جيزاني وفؤاد الخطيب، طبعا كنا نحلم بالانضمام لفرسان مكة لشهرتهم وسمعتهم الكروية آنذاك.
عشق وحداوي
في تلك الحقبة كان السواد الأعظم من لاعبي أندية مكة التي كانت تقبع في الدرجة الثانية أمثال فرق الشرق والتعاون ونسور الحجاز والنمور (قبل حلهم) كانوا يميلون للوحدة رغم أنهم يلعبون مع أندية رسمية، بل ان أكثرهم كان من كبار محبي الوحدة فأراهم يتواجدون في مقر النادي لمتابعة أخباره وأحواله، وكل هذه المكتسبات جاءت بسبب الشعبية الطاغية التي نجح في بنائها جيل الجعيد ورفاقه بقيادة الرئيس الذهبي الراحل عبدالله عريف (رحمه الله) .
أمنية لم تتحقق!!
تدربت فترة قصيرة مع أشبال فريق الوحدة في النصف الأول من عقد الثمانينات وأذكر كان معي من أبناء الحي خالد جيزاني وحامد صبحي اللذان انضما للوحدة ولم تتحقق أمنيتي بارتداء شعاره بسبب معارضة والدي (رحمه الله) حيث كان رافضا الفكرة نهائياً خوفا من أن يؤثر ذلك على تحصيلي العلمي في المرحلة المتوسطة.. وحينما كنت أبرز له تفوقي في الجانب الدراسي بالاضافة الى الجانب الرياضي من خلال الاشتراك في دوري منتخبات المدارس بالمنطقة.. لم يمانع طالما ان المسألة متوازنة وكان يغض الطرف ولم يرفض.. فكانت هناك نقلة بأنه أعطاني حرية كاملة فسجلت في فريق الكفاح (حراء حالياً) أواخر عقد الثمانينات وبقيت في صفوفه سنة تقريبا قبل دمجه مع حراء عام 1390هـ.
الصبان حولني للسلة
لعبنا لقاء وديا ضد فريق الوحدة وكان يضم نصف نجومه يتقدمهم سعود حريري ولطفي لبان، المهم بعد نهاية المباراة قابلني الأستاذ عبدالوهاب كتوعة وهو من كبار محبي نادي الوحدة فبادرني قائلاً: ما كنت أتوقع ان هناك لاعبين بارزين أمثالك أنت يا أخ محمد وزميلك عدنان مرزا، وأصر على ضمي للوحدة وأخبرته بأن الوالد كان رافضاً تسجيلي بالأندية مسبقا بسبب دراستي. وعندما رآني الأستاذ عبدالوهاب صبان (مدرس التربية الرياضية في ثانوية العزيزية) ألعب كرة القدم وطائرة وسلة بحكم أن هناك كان فيه نشاط رياضي مستمر، المهم طلب الصبان مني الالتحاق في البداية في لعبة اليد لأنها في تلك السنة كانت في مرحلة التأسيس، وأتذكر أنه قال لي: أنت لاعب متميز في كرة القدم ولكن لدينا ألعاب أخرى في النادي بحاجة للاعبين بارزين أمثالك وكرة القدم بنادي الوحدة مليئة باللاعبين البارزين، فسجلت في نادي الوحدة في لعبة اليد وانتقلت لتمثيل فريق السلة ومعي زميل في الثانوية شايع الخشيان (سفيرنا في الجابون الآن) الذي نقل رغبتي من القدم الى كرة السلة وسجلت في الوحدة عام 1390هـ لاعبا في كرة السلة بدعم قوي ومباشر من الأستاذ عبدالوهاب صبان الذي اكتشف موهبتي في هذه اللعبة باعتبار أنه كان مدربنا في النادي بلعبة السلة.
لعبة 9 أعوام
مثلت فريق السلة بنادي الوحدة تسعة أعوام متتالية حيث اشتهرت هذه اللعبة في حقبة التسعينيات بوجود العناصر البارزة أمثال حسن الطيب وحسين الطيب (أطول لاعب بالمملكة) ونهجت عبدالجبار وحامد ادريس وبكر قبوري وعبدالحميد قاسي ومنصور منس، وكان هناك تنافس مثير وقوي بين الوحدة والأهلي وأيضا الشباب الذي كان يقوده العملاق الراحل سعد خير الله (رحمه الله) وبشير السويلم في الأهلي أيضا، وأتذكر عندما كانت تقام مباراة بين الوحدة والأهلي في مقره بحي الكندرة كان الأمير عبدالله الفيصل ( أطال الله عمره ) يحرص على مشاهدتها في صورة تؤكد ان الرياضة لدى سموه الكريم لم تكن كرة قدم فقط!! وهذا ما جسده حضوره ودعمه لنا، وأتذكر كنا نتلقى منه يحفظه الله بعض الكلمات التشجيعية ويدعمنا، ولا أنسى حينما التقينا بسموه الكريم بعد نهاية احدى المباريات مع شقيقنا النادي الأهلي سألنا: هل تحتاجون ملابس أو كورا؟ فأجبته بأن لدينا ما يكفي من ملابس رياضية وكل ما نحتاجه للعبة في ظل قيادة أستاذنا الجليل عبدالله عريف رئيس النادي آنذاك.
عريف صنع المجد الوحداوي
الحديث عن الأستاذ عبدالله عريف (رحمه الله) حديث يحتاج لسطور أكثر مما نتناوله عبر هذا اللقاء.. فهذا الرجل كان يشكل مدرسة مستقلة في كل شيء، كان أديبا وكان اعلاميا يكتب عن الشأن الاجتماعي والشأن الخدماتي في صحيفة الندوة التي كانت تعيش في عصر مزدهر.. والآن أتأسى على الحال الذي وصلت إليه هذه المطبوعة العريقة.
عبدالله عريف كان أمينا للعاصمة المقدسة وطرح الكثير من الأفكار التي ساهمت في تطوير مكة المكرمة.. كان يرحمه الله مدرسة في الادارة والأدب والتعامل الذي أكسبه حب كل الشخصيات بالمجتمع المكي، وأتذكر عندما ننتهي من التمرين في كرة السلة مع مدربنا الأستاذ عبدالوهاب صبان كنا نسترق بعض الوقت للتسلل الى الدكة، وكان العم عبدالله يجلس وبجواره عدد من الشخصيات المتميزة في المجتمع المكي كابراهيم فودة وزاهد قدسي وحسن نقيطي لنستمتع بالحديث الشمولي رياضيا - أدبياً - اجتماعياً.
ثمة موقف لا زال عالقا في ذاكرتي يكشف المكانة التي كان يحظى بها عبدالله عريف رحمه الله أذكر في نهائي كرة اليد بين الوحدة والأهلي في التسعينيات كان هناك زحام شديد من الجماهير واكتظ النادي بالمتفرجين فحصل خلاف بين لاعبي الوحدة لطفي كيان وحسن الطيب (...)!! فحدثت فوضى بالنادي وعندما دلف عريف مقر النادي وشاهد الموقف استدعى الاثنين وعالج خلافهما بحنكة وأسلوبه التربوي الذي ينم عن مقدرته في احتواء الكثير من الأزمات والخلافات بين أبناء الوحدة.
علاقة متينة
كان الأمير عبدالله الفيصل (كساه الله ثوب الصحة) يقدر الأستاذ عبدالله عريف ويحبه كثيرا لأمانته وصدقه واخلاصه فضلا عن دوره في خدمة الحركة الرياضية بمنطقة مكة المكرمة من خلال تزعمه رئاسة أعرق وأقوى الأندية على الاطلاق في حقبة زمنية امتدت لأكثر من 18 عاما. وأتذكر جيدا انه (يرحمه الله) كان يقوم بزيارة سموه الكريم في قصره بجدة فكان رائد الرياضة السعودية يقدم الدعم المادي سنويا لنادي الوحدة ويقف مع اللاعبين بالنادي عندما تواجههم أي مشكلة مادية وهذا امتداد لمكانة عريف عند رائد الحركة الرياضية.
وأذكر مرة من المرات تحدث لي (يرحمه الله) عن موقف حصل له مع جلالة الملك فيصل ( رحمه الله ) يقول عندما ذهبت إلى العاصمة الرياض لمناقشة موضوع ميزانية أمانة العاصمة المقدسة وقابلت جلالة الملك فيصل فسألني يرحمه الله.. والكلام على لسان عبدالله عريف: (وش اللي جايبك يا عبدالله؟) فأجبته قائلاً: (طال عمرك نبغي نشوف ميزانية العاصمة المقدسة) فرد عليَّ جلالته بأسلوب يدل على تواضعه وحبه لي: رح شف فريق الوحدة وما لك ومال الميزانية، ومنها كان الوحدة مقبلا على نهائي كأس الملك لموسم عام 1386هـ وأنا الآن في ذاكرتي صورة تاريخية نادرة لعبدالله عريف في معية الملك فيصل وهو يجلس بجانبه ولا أدري ماهية وطبيعة هذا الحديث طبعا كانت هذه الصورة معلقة في مدخل النادي وسألت عنها في فترة سابقة وقيل أنها أخذت الى معرض رياضي في جدة ولم تعد للنادي.
العصر الذهبي للفرسان
العصر الذهبي لنادي الوحدة في تلك الحقبة الماضية لم يكن فقط في كرة القدم بل ان أغلب الألعاب الجماعية السلة واليد والطائرة.. وسر هذا الوهج ان هذا النادي كانت له شخصية اعتبارية في المجتمع المكي، وهذه الشخصية الاعتبارية تتكون من 3 أضلاع الجانب الاداري والجانب الفني والجانب الاجتماعي هذه الجوانب الثلاثة كانت تسير في خطوط متوازنة بعضها مع البعض وشكلت تلك القوة الرياضية والثقافية والاجتماعية لنادي الوحدة برئاسة الذهبي عبدالله عريف الذي نجح في استقطاب المجتمع المكي الرياضي وكبار الشخصيات، وحينما ننظر إلى الزاوية الرياضية للمجتمع المكي نجد ان السواد الأعظم يميلون للوحدة لماذا؟ لوجود الرجل الفذ عبدالله عريف الذي أحبه كل من تعامل معه عن كثب.. وبعد رحيله كان صعباً تعويضه حيث ترك هذا الرحيل عام 1397هـ أثراً لا زال فرسان مكة يعانون من تبعات ذلك فتحول العصر الذهبي للوحدة إلى دخولها في دهاليز الخسائر والتراوح ما بين الهبوط والصعود ولم يكن للوحدة موقعا محدداً كما كانت في السابق.
رشحت الصبان نائباً للرئيس
استمررت في لعبة السلة حتى عام 1402هـ حيث ابتعدت عن ميدان السلة واتجهت للسلك الاداري متعاونا مع عدد من الادارات، ورغم تركي للعبة مبكراً بقي اتصالي بالنادي مستمراً، فبعد ترأس الأستاذ عبدالقادر كوشك (رحمه الله) النادي خلفا لادارة الراحل عبدالله عريف عاش النادي فراغا كبيرا.. إلى ان تولى كوشك سدة الرئاسة فبقينا نعمل مع هذه الادارة تقديرا للظروف التي مر بها بعد رحيل رمزه العصامي، وتكررت المأساة عندما رحل كوشك فعاش النادي فترة صعبة وكاد أن يسلم لمكتب رعاية الشباب خاصة وان الرجالات الذين عملوا مع ادارة عريف وكوشك بدأوا ينصرفون وتخلوا عن ناديهم الذي أصبح أشبه باليتيم، وإزاء ذلك ذهبت للأستاذ زاهد قدسي في مدرسته وطلبت منه ترأس النادي أو يساهم في تكوين ادارة جديدة حتى لا يسلم النادي، وبعد أيام وجدت الوحدة ضالتها في ترشيح المهندس طارق القصبي وكان من محبي الوحدة ورشحنا الصبان نائبا له، وأذكر أنني أحضرت استمارة ترشيح وسلمتها للصبان في مدرسته ووقع عليها ودفعت رسوم 100 ريال وقبل الصبان منصبه نائبا للرئيس والحمد لله نجحنا في انقاذ النادي من الضياع بترشيح ادارة جديدة، وبعد استقرار النادي التحقت بمعهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية.
لاعب الأمس لاعب اليوم!
هناك فرق وبون شاسع بين لاعب الأمس ولاعب اليوم.. فلاعب الأمس كان يتميز بأنه يلعب من أجل الرياضة، من أجل اشباع الذات وتحقيق رغبته في تطوير ذاته، كان يتمتع بالموهبة والقوة البدنية والذهنية رغم محدودية الامكانات، أذكر عندما لعبت للوحدة 9 أعوام لم أطلب من النادي أي مبلغ حبا واخلاصا للنادي. أما لاعب اليوم فللأسف طغت الجوانب المادية على فكر اللاعب وأصبح تفكيره ماديا أكثر مما هو يفكر في تطوير قدراته.
أنا أرى من وجهة نظري أن المسألة - وأود طرحها في غير هذا اللقاء - ان قضية الاحتراف للاعب فقط دون أن يكون هناك احتراف اللعبة ذاتها لا يمكن ان يكون هناك تطور للفكر الاحترافي للاعب، ولا يمكن ان تدفع بالرياضة للأمام لأن قضية احتراف اللاعب واللعبة تعزز من نجاح هذا النظام وهنا مربط الفرس.
رحلتي مع الدراسة!
تفوقي في المجال الدراسي وتحقيق طموحاتي العلمية مرده توفيق الله أولاً وأخيرا ثم دور والدي رحمه الله عندما رفض فكرة انضمامي للأندية في مرحلة هامة من مراحل عمري الدراسي.. فبعد تخرجي من الثانوية التحقت بجامعة أم القرى وحصلت على شهادة البكالوريوس في التاريخ والحضارة وعينت معيدا في كلية الشريعة بجامعة أم القرى ولكن لحاجة وزارة المعارف الى معلمين أثناء فترة الطفرة طلبوا ان أعمل في التدريس كما تعهدت لهم وانتسبت في جامعة الملك عبدالعزيز لمواصلة دراستي العليا ونلت درجة الماجستير ثم استقلت من المعارف والتحقت في معهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية وعينت معيدا ومحاضرا، وبالطبع فتح المعهد لي آفاقا أرحب بأن ابتعثت لمواصلة دراستي العليا والحصول على شهادة الدكتوراه، والحمد لله نلت هذه الدرجة بتفوق من جامعة مانشستر بانجلترا وحاليا أعمل في معهد الدراسات الدبلوماسية استاذاً للتاريخ الحديث والمشرف على إدارة البحوث ومدير تحرير مجلة الدراسات الدبلوماسية.
******
نجومية (أبوداود) بدأت في الوحدة
كانت انطلاقة نجومية المدافع الدولي سابقا عبدالرزاق أبوداود من الوحدة، ففي الوقت الذي لعب فيه أخوه الأكبر محمود أبوداود لفريق الوحدة قبل انتقاله للاتحاد كان يحضر معه عبدالرزاق وكان صغيراً ولعب مع ناشئي الوحدة فترة قصيرة ثم انتقل لفريق الهلال البحري ثم الأهلي جدة وتألق معه حتى أصبح أبرز مدافعي الكرة بالمملكة آنذاك.
أما محمود فقد برز في خط الوسط فانتقل للعب للاتحاد وكان من النجوم الذين أثروا الساحة الرياضية فنا وأخلاقاً.
******
سأكشف التاريخ الوحداوي.. والوطني هو البداية
تراودني الفكرة حالياً على توثيق الحركة الرياضية بالعاصمة المقدسة ومعالجة الخلاف الدائر حول قضية التأسيس وانطلاقة الكرة بين الناديين العريقين الوحدة والاتحاد، فهناك من قال ان الوحدة تأسست عام 1366هـ رغم ان هناك وثائق تثبت ان تاريخ الوحدة تزامنت نشأته ومسيرته التاريخية مع نادي الاتحاد وهذا لا ينبع من عاطفة جياشة كما كتب البعض إنما ينبع من مقارنة تاريخية حول نشأة تاريخ نادي الوحدة. وهناك دلائل تشير الى ان نادي الوحدة قد أخذ أكثر من اسم واستقر (الوحدة) اسما عام 1364هـ وليس عام 1366 كما زعم البعض أي انه مر باسماء أخرى، وأنا هنا افتح بابا للنقاش ولا أريد أن أتحدث عن تاريخ الاتحاد، فالاتحاد غني برجاله المعاصرين لمسيرته، لكن أؤكد هنا ان تاريخ الوحدة مقارب لتاريخ الاتحاد والدليل ان الاتحاد اشتق من فريق الحجاز الرياضي والوحدة هو امتداد لنادٍ آخر هو الوطني، وعموما انا سأعكف على توثيق وتدوين تاريخ الحركة الرياضية بالعاصمة المقدسة بالأدلة والثبوتات، ولعلني هنا أؤكد اني حصلت على وثيقة من دارة الملك عبدالعزيز فحواها ان أحد المشايخ يخاطب الملك عبدالعزيز بأن هناك ظاهرة انتشرت في مكة المكرمة أسماها كرة القدم ينبغي التصدي لها ومحاربتها، انظر هذه البرقية تؤكد ان الرياضة بالعاصمة المقدسة كانت منتشرة عن طريق الجالية الاندونيسية التي كانت مستعمرة من الهولنديين من 350 سنة. فكانوا ينقلون بعض المظاهر الحضارية إلى بلادنا في تلك الفترة خاصة منطقة الحجاز ومكة المكرمة تحديداً.
*****
نجوم الوحدة صنعوا شعبية الهلال في مكة!!
أتذكر ونحن صغار كنا نتابع نتائج فريق الهلال ولا من وحداوي في ذلك الوقت إلا ويحب الهلال والسبب يعود لانضمام أبرز نجوم الوحدة وهم محمود زرد وحامد عباس وكريم المسفر بالاضافة الى الطيب الحرازي سليمان مطر المعروف بلقب «الكبش» وزين العابدين وهؤلاء انتقلوا للعاصمة الرياض وبعضهم لمواصلة دراسته في جامعة الرياض (الملك سعود حالياً) وبالطبع استفاد الهلاليون من انضمامهم للفريق..
وأنا أقولها للأمانة والتاريخ (الكلام على لسان الضيف) الجميع في المجتمع المكي الرياضي أحب الهلال بسبب رئيسه ومؤسسه الشيخ عبدالرحمن بن سعيد.. وهذا الرجل العصامي تميز بحب الجميع له وحبه للجميع لذلك أي رياضي أحب الهلال من خلال أبو مساعد الذي كان يمثل شخصية هذا النادي مثالياً..!
****
(قدسي) أسس الأهلي وكشف المعنى الحقيقي للكرة الجماعية
من الشخصيات الرياضية التي خدمت البيت الوحداوي الأستاذ زاهد قدسي حيث كانت له بصمات لا يمكن ان ينساها التاريخ الرياضي بالعاصمة المقدسة، كان يتميز بأنه الرجل الذي اتفق على حبه الجميع من المجتمع المكي الرياضي كان أشبه بالمستشار الذي تؤخذ استشارته إذا تأزمت الأمور وتعقدت فينجح في فك طلاسمها بحنكته وخبرته الرياضية.
وأحب أن أشير هنا إلى ان الأستاذ زاهد أسس في عام 79-1380هـ أول نادٍ لألعاب المختلفة سمي بالأهلي وكان مقره عبارة عن متنزه بحديقة كبيرة متنزه باحمدين بمكة، وكان أكثر من يزاول الألعاب الطائرة والسلة والقدم هم من طلاب المدارس حيث تزعمه ولم يكن منتميا لنادٍ بعينه برغم من وحداويته فيتم تنظيم البطولات في شهر رمضان ويشارك فيها بعض لاعبي أندية الوحدة والأهلي والاتحاد.
|