Friday 8th October,200411698العددالجمعة 24 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "سين وجيم"

هل حب الثناء مرض نفسي؟ هل حب الثناء مرض نفسي؟

أشعر دائماً بحاجتي إلى المدح وإن كنتُ أتململ عند الناس حينما أُمدح لكني في قرارة نفسي أحب الثناء وأحب المدح.
ما حيلتي.. وهذا أمر أشعر بالتضايق منه بعد أن أدركت خلل هذا: الاتجاه هل هذا مرض نفسي؟
هل تضعون نحو هذا في مثل حالتي ما يجعلني أبتعد عن حب الثناء..؟
وقد وجدت غيري يُحبه كذلك، بل إن البعض ينتقم في حال نقده أو بيان أموره فكيف الخلاص؟
س.ن.أ... الرياض..
من (دائرة المعارف السيكولوجية) م -1، حاول معي أن تقرأ: (تلك صفة شائعة عند النساء، وفي أغلب الرجال العاديين الذين لا يملكون من استقلال الرأي، وقوة الشخصية، وصفاء الذهن، ومنعة الإرادة ما يمكنهم من السيادة على نفوسهم، فتراهم يبحثون دوماً عن وسيلة يثيرون بها استحسان غيرهم واعجابهم ويصطنعون الطرق والأساليب التي تمجدهم في نظر الآخرين.
هذه الصفة قيمة، مفيدة حين تهز الإنسان رجلاً كان أو إمرأة إلى الجد، والنشاط والإنتاج الصحيح، ولكنها تصبح مثار قلق شخصي حين تتحوَّل إلى استغراق شامل في نشدان رضا الآخرين، وهي بهذا مشكلة عقل وحكم، فالعاقل الحصيف يعرف قيمته الحقيقية ولا يبالي أحكام الآخرين إلا في حدود).
قلتُ:
هذه عبارات جيدة تعطي معنى الواقعية في التصرف كله ومن ذلك الذي يمكن أن يفلح في حياته، وهو فقط يراقب الآخرين رضوا أو سخطوا، فمثل هذا:
1 - إما أنه مريض بداء العظمة.
2 - أو أنه مريض بالرياء، ومركزية الكلمة.
3 - أو قد يكون جاهلاً بما يجره إليه هذا من ويلات نفسية، لأنه غير مقتنع بما يكون منه.
4 - أو أنه ينزلق لنشدان شيء آخر غير الاستحسان وهذا قمة.. الرياء.
(الحسد عاطفة استياء واشمئزاز وشعور بالألم والكآبة يعتري الحسود كلما فكر بالفوائد التي يجنيها الآخرون، أو بنجاحهم، أو بسعادتهم فهو مزيج بين الغيرة والكراهية).
قلتُ: وهذه صفة نفسية قاتلة لصاحبها، وهي تقود إلى قتل المواهب.
ومن عجب أنني رأيتها خاصة بين أبناء العم.. الكبير يحسد الصغير وبين زملاء العمل وبين التجار والطلاب... إلخ.
والحسد لو لم يكن فيه إلا تعاسة الحاسد ورد القضاء والقدر لكفى به مصيبة.
قول عظيم آخر
حدَّثنا محمد بن العلاء قال حدَّثنا حماد بن أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ، فذلك من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدي الله الذي أرسلت به.
هذا نص عظيم في (الصحيح المسند من أحاديث البخاري) وهو مثل حي خالد يحرك النفس ويحيي الموات ويذكي الهمم نحو معالي الأمور السامية لبلوغ مرتبة صلاح النية والعلم والفقه وتمام الثقة, لتصبح الحياة كلها أملاً يحدوه أمل نحو تكوين العلم والبذل والخير.
والناس معادن.. معدن طيب، ومعدن خلافه، ومعدن كريم، ومعدن سيئ.
معدن صادق، ومعدن كاذب، معدن صحيح سليم، ومعدن مريض بسبب من الأسباب.
والإنسان كالأرض..
منها النقية الطيبة الصالحة، للنبات ومنها أجادب تمسك الماء فقط فيستفيد منه الناس إذا أرادوه، ومنها قيعان لا تمسك الماء ولا تنبت شجراً بل هي بقعة ذاتية مريضة معاندة بين الحياة والموت.
وهكذا الناس فهناك العاقل الفطن الواعي الذي ينظر عواقب الأمور ويتحرى الصدق والعدل والنفع.
وهناك من يمسك ما في نفسه وعقله فيفيد غيره إذا أراد الغير ذلك.
وهناك الراكب رأسه المتعلم المسكين.
ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن الحر نحو سياسة العقل ودفعه إلى الصدق والتجرد هو ما يلزم نحو فقه الحياة وسياسة الطلب والبذل في كافة العصور.. فليس أجل، ولا أسلم من معرفة الإنسان كيف يسوس عقله ليسوس حياته، فتنهض الحياة على سياسة عاقلة، عادلة، حكيمة، عالمة، صافية، فيها الخير، وفيها، الطمأنينة، وفيها صحة: البدن، والنفس، والعقل.
وهذا النص درس للواقعية في الحياة الإنسانية فأنت إذا قرأته بتفرغ تام ووعي تام كذلك قرأته من خلال ما دوَّنه: العيني، أو ابن حجر أو الكرماني وجدت كيف تكون سياسة العقل في الحياة.
ومن ثم يتضح ذلك المطلب مما أنت عليه من السياسة في حياتك، فحينئذٍ ينشأ لديك كره الحقد، والحسد، والظلم، وذاتية التصرف، أبداً.. وهذا كله يضع السدود أمام هجمات المرض فلا ينالك شيء من هذا ما دمت قد وعيت.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved