اعداد: الشيخ صالح بن سعد اللحيدان
أخذتُ إجازة لمدة 45 يوماً قضيتها في خارج وداخل بلادي.. عُدت من الإجازة قبل انتهائها بثلاثة أيام، زارني مستخدم يعمل لديَّ طيلة مدة، حينما زارني سألته عن العمل والموظفين وسألته عن طريق غير مباشر:
* كيف الشغل؟
- والله زين.
* لكن كيف دوامهم؟
- زين لكنهم يخرجون قبل الدوام.
* كلهم؟
- لا.
* إيه.. ما عندهم أمانة؟
- وهم يقولون: أنت شديد وأمانتك ضعيفة بس على كيفك تحضر الساعة 10 في الصباح، واستفدت من مركزك.. أراضٍ ما بين: مزرعة وأراضٍ وغير ذلك.
أُصبت بالوجوم من هذا الكلام.. كيف اطلعوا على هذا مع أنني أكتب الخطابات الخاصة بي بيدي، وأغلفها، وأختمها بيدي.. وأحياناً بمراسل خاص دقيق لا يعلم ما يحمل كيف اطلعوا على هذا..؟ مع أنني كذلك شديد خصوصاً على: الحضور والانصراف, لي مدة طويلة في العمل لم أكن أعلم أن أحداً يعلم شيئاً عن أموري.. رصيدي السري والعام، وما أخذته مستغلاً مركزي، ومعارفي، وطريقتي التي استطعت عن طريقها الثراء وطول البقاء في هذا.. العمل..
بعد مباشرتي العمل بعد الإجازة لم أوذِ أحداً.. فقط نقلت هذا، وحجَّمت عمل ذاك، وهكذا، بعد فترة لا أدري كم هي أُصبت بحرقان بالمعدة وتجهم في.. العمل.. وزادت شدتي، ومركزيتي، وزاد تمسكي بطلباتي وسريتي.
سؤالي أنني تنبهتُ أخيراً عن هذه الأموال والأراضي، فلعلها موقع شك؟
كذلك حلية راتبي وأنا اتخذت طريقة: انني فعلاً لا أحضر إلا الساعة العاشرة صباحاً، وكذا بقية كبار الموظفين فهل في راتبي شبهة؟
ع.ع.م... اليمن
ج - لعلي أبدأ من أمر مُهم لعلك نسيته أو تناسيته كما هي العادة لدى الغالبية ممن هم مثلك: مال.. وجاه.. وقوة.. ألا وهو: إضرارك وإساءتك البالغة لبعض الموظفين ما بين: نقل.. وتحجيم، وهذا ظلم وزور فما تحس به من حرقان المعدة وتجهم: (قلق نفسي، وحساسية مرضية)، و(توتر)، و(حذر).. العلة بسبب هذا التجاوز.. ان كنت قوياً، تقول وتفعل، بادر (وهذه نصيحتي لك عاجلة) بادر إلى إصلاح هؤلاء الموظفين ورد الاعتبار لمن تضرروا مادياً ومعنوياً لا بد من هذا، أما ماكسبته مادياً من أراضٍ ومزارع... و... و... فهذا رأيي فيه الاكتفاء بحاجتك الضرورية ورد ما زاد عن ذلك.
أما الدوام فيحرم عليك الحضور الساعة 10 صباحاً.. ففي هذا خيانة للعمل وقدوة سيئة لمن تحت يدك وهنا تحصر الساعات التي تأخرتها ثم تجمعها يوماً يوماً ثم تحصرها شهرياً فتعيد لبيت المال أو مالية جهتك ما لم تباشره ولا تتهاون بهذا، أو تبرر من هنا وهناك.
ولا تنطلق - هداك الله - من منطلق الحاكم بأمره، لا.. لا تفعل هذا ولا توحي بنفسك إليه فما بين يديك من: أمانة ووديعة وضبط المسئولية لا بد من القيام بهذا على وجه ترضي به ربك، وتدفع به نقم الله وعذابه.
ولعل من أشر ما يمر على المرء في هذا، هو مرض خطير لا يعيره المرء اهتماماً إلا من شاء الله تعالى ألا وهو (موت القلب).. بحيث إن الإنسان في مرحلة المرض هذه: يظلم، ويشك، ويستغل، ويحقد، ويحب العز، ويستهين بكل سبيل يوصل إليه حتى بلغ الإضرار في أنفس كثيرة ثم هو يُبرر ويعلل من هذا الجانب وذاك الجانب.
فلا بد للحر العادل الأمين النزيه أن يتنبه لوضعه قبل أن يكون قصة تُحكى، وقبل فتنة تكون، أو عذاب جاثم تزوغ منه الأذهان.
كم آمل منك يا أخ ع.ع.م.. التنبه لهذا.. لكن بعقل وتجرد ونزاهة وورع وعدل فلا ألفينَّك غداً.. لا ألفينَّك غداً تئن تحت وطأة عذاب الدهر.
وكم آمل نظر ما يلي:
1 - مجابو الدعوة - لابن أبي الدنيا.
2 - كتاب التوابين لابن قدامة.
3 - النهاية - لابن كثير.
4 - مقدمة سورة هود حتى الآية (25) القرآن الكريم.
|