* الرياض - الجزيرة:
ظاهرة العنف ضد الأطفال تشكل منحى خطيراً على مسيرة المجتمع في المستقبل واخراج أشخاص أسوياء، وتعد هذه الظاهرة غريبة على المجتمع السعودي المسلم. ولقد التقت (الجزيرة) بعدد من المختصين في مجال هذه الظاهرة.
في البداية تحدث الدكتور سلطان عبدالعزيز العنقري الذي قال: ظاهرة إيذاء الأطفال محلياً وعالمياً ليست بالجديدة لكي تكون محل استغراب الجميع، بل هي ظاهرة قديمة ولكنها مستمرة منذ مئات السنين وحتى عصرنا الحاضر. ففي عصر الجاهلية كان هناك وأد للبنات، وقتل للأطفال خشية إملاق، وتفضيل الذكور على الإناث. وفي عصرنا الحاضر استمرت ظاهرة إيذاء الأطفال في جميع أنحاء العالم دون استثناء ولكنها أخذت أشكالاً متعددة أكثرها شيوعاً وانتشاراً مثل: الإيذاء النفسي (اللفظي)، الإيذاء البدني (الجسمي)، الإيذاء الجنسي، والإهمال.
وفي مجتمعنا العربي السعودي بدأت مشكلة إيذاء الأطفال تطفو على السطح من خلال الشكاوى العديدة من أطباء الإسعاف، وأطباء الأطفال في المستشفيات، ووسائل الإعلام المختلفة، الذين يشتكون من تعدد ظاهرة الإيذاء على الأطفال وبشكل خاص: النفسي، والبدني، والجنسي، وكذلك الشكاوى العديدة من العاملين في أقسام الشرطة، والمسؤولين عن دور الرعاية الاجتماعية وغيرها من الجهات ذات العلاقة.
ونظراً لاستفحال هذه الظاهرة وبروزها بشكل لافت للنظر في مجتمعنا السعودي فانه لا بد ليس فحسب تسليط الأضواء عليها بل وإيجاد الكيفية والسبل لمواجهة هذه الظاهرة والتغلب عليها من خلال: إجراءات إدارية، وتشريعات قانونية ونظامية، وقضائية شرعية من أجل الحد من تلك الظاهرة.
كما تحدثت رباب القبج والدكتورة ميسون عودة حيث قالتا: انتشار إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم مثيرة للجدل في جميع دول العالم، ورغم اعتراف جميع المهنيين بوجود أمور مثيرة للجدل حول إساءة معاملة الأطفال لدينا في الأردن إلا أننا نتفق على أنها ظاهرة مرضية قد ظهرت في مجتمعنا وبدأت بالانتشار، تشمل الأطفال من الذكور والإناث في كافة مراحلهم العمرية وليست مرتبطة بالدين أو العرق أو المستوى الثقافي أو الاقتصادي. ومن الطبيعي ان تكون أحقية الوالدين في تربية أطفالهم وتوجههم وحمايتهم من المخاطر، إلا أنه من المتفق عليه ان الإفراط في فهم حقوق الوالدين قد ينجم عنه الإساءة للطفل، وهنا ينشأ الخلل في المعادلة بين التأديب والإساءة مع العلم أننا لا نعرف نوعيتها أو جميع مكوناتها أو تنوعها أو كمية انتشارها أو خصوصية انتشارها في الأماكن.
من جانبها قالت الجوهرة العجاجي: بعض الأطفال يتعرضون للعنف الجسدي والنفسي من قبل الوالدين، أو الاخوة الكبار، أو العمالة المنزلية، أو المعلمين، أو من الزملاء والأصدقاء الأكبر سناً.
وهناك عدة دوافع قد تدفع المحيطين بالطفل للعنف ضده أهمها الجهل بأصول التربية والجهل بسلبيات العنف الجسدي والنفسي والضغوط النفسية كالاحباط، والفشل، الحرمان، محاولة إثبات الذات، حب السيطرة، الخوف، الانتقام والضغوط الاجتماعية كالفقر، البطالة، الخلافات الزوجية.
وأضافت الجوهرة إن هناك عدة سبل لمقاومة هذه الظاهرة والتي تكمن في إدراك أبعاد هذا الموضوع ومحاولة معالجته كحالة مرضية بتكثيف الجهود لاكتشافها مبكراً ووضع الخطط العلاجية لها، إيجاد القوانين لحماية حقوق الطفل في مجتمعنا ، إبراز دور وسائل الإعلام المحلية والمدرسية في القيام بالتوعية وإلقاء الضوء على ظاهرة العنف وإيذاء الأطفال للوقاية منها والحد من انتشارها، تنظيم ورش الأخصائيين الاجتماعيين حول العنف ضد الطفل ووضع استراتيجيات التعامل معها لاكسابهم مهارات التعامل مع هذه الحالات وعلاجها وتبادل الخبرات وفتح القنوات مع الجهات المختلفة لتكامل الخدمة.
ومن جانبها تحدثت الدكتورة نادية جان - علم نفس علاجي التي قالت: هناك نسبة من الأطفال يتعرضون للعنف، وهناك إحصائيات أثبتت ان هناك نسبة من العنف تمارس ضد الطفل (سواء حسياً ونفسياً) ولمقاومة هذا العنف يتطلب التوعية بأساليب التربية الحديثة وإنشاء مؤسسات رسمية تحمي الأطفال وتحافظ على حقوقهم وتكشف حالات العنف التي تقع عليهم وتحاول مساعدتهم ولا بد من التربية النفسية الصحيحة للآباء والمربين، وهو أمر مهم.
كما تحدثت عمرة عمر بخرجي مشرفة مركزية في الإدارة العامة لتوجيه وإرشاد الطالبات التي قالت: نعم يتعرض الطفل السعودي للعنف وهذه بعض من صور العنف التي تقع على الطفل:
- العنف الجسدي:
كالضرب، واللكم، والرفس، والعض، أو شد الشعر والأذن، واللطم على الخدين، والكي والدفع، أو غيرها من الأساليب العدوانية الحركية.
- العنف اللفظي:
كالسب والشتم والتهديد والتنابز بالألقاب أو السخرية أو الاستفزاز أو الاحتقار الشخصي إما بسبب الشكل ولون البشرة، أو الطبقة الاجتماعية والاقتصادية أو اسم العائلة أو القبيلة أو المنطقة التي ينتمي لها الطفل، أيضا التهديد بجميع أنواعه وإطلاق الشائعات والقصص المختلفة، وفي حالة تكرار مثل هذه الصور التي يتعرض لها الطفل فانها تسبب بعض الاضطرابات النفسية كالقلق أو المخاوف وغيرها.
وان أفضل السبل لمقاومة العنف ضد الأطفال توعية الآباء والأمهات وأولياء الأمور بكيفية التعامل مع سلوك الأبناء وتوجيههم التوجيه السليم بما يكفل تعديل سلوكياتهم وتقويمها بالشكل الأمثل، وتعريف المعلمين والمعلمات بأساليب التعامل الإيجابي مع الطالبات والطلاب في المدرسة بما يؤدي لانضباطهم وتقويم سلوكهم نحو الإيجابية والسواء، وبناء مفهوم تقدير الذات لدى الطالبات بما يسهم في حمايتهن من الوقوع في بعض المشكلات، وإقامة الندوات واللقاءات التربوية الهادفة وإشراك الأمهات لعرض بعض حالات العنف ضد الأطفال والتصدي لها، واستخدام التعذيب الإيجابي.. كالحرمان المؤقت من أي شيء يحبه الطفل.
إلى ذلك قالت هند الجديع مساعدة مديرة رعاية الموهوبات ومشرفة الرعاية والبرامج الإثرائية بالإدارة العامة للموهوبين ليست هناك دراسات علمية دقيقة كما أعتقد تبين معدلات العنف المرتكبة ضد الطفل السعودي، ولكن الواقع والمشاهدات ان هناك حالات في المستشفيات لأطفال تعرضوا للعنف، أو حالات عنف داخل المدارس يكتشفها المعلم أو تكتشفها المعلمة ومن المفترض ونحن من الدول المتقدمة ان يكون لدينا دراسات وبحوث دقيقة تهتم بهذا الموضوع.
أما وسائل التصدي لحالات العنف قالت: أطفالنا هذه الأمانة الكبرى التي يجب علينا المحافظة عليها ونحن نعتبر من الدول المتقدمة ان يكون لدينا إجراءات تحمي الطفل من العنف والإساءة.. أن يكون هناك مجموعة من المختصين والمربين والمهتمين بالطفل يقومون بعدد من الندوات التي تخرج بتوصيات تعالج حقوق الطفل التي قد تكون مهضومة في بعض المجتمعات، وتوفير الجو الأسري الآمن وان يكون هناك ميثاق للطفولة على غرار ميثاق حماية حقوق الإنسان يكفل للطفل حقوقه ويحميه من العنف بجميع صوره وأشكاله، ويحميه من الاستغلال السيء له، ويجب أن تسن الدولة إجراءات صارمة تكفل له حقوقه الإنسانية والإسلام الذي كفل وحفظ حقوق الطفل وحماية مصالحه من جميع الجوانب.
|