من مآثر الإسلام وسماحته على الناس الوقف الذي شرعه النبي صلى الله عليه وسلم ومضى عليه الصحابة رضي الله عنهم، حيث لم يكن لأحدهم مال إلا وأوقف منه، ما زال عليه عمل المسلمين جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن،
ومازالت ولله الحمد هذه السنة جارية ومعمول بها في بلادنا وبلاد المسلمين، ولكن أكثر الأوقاف وما يبذله المسلمون يكون في عمارة المساجد وهذا وإن كان خيراً عظيماً لكن ثمة أبواب من أعمال الخير والبر والمعرفة والإحسان من المناسب الالتفات إليها وعدم إغفالها، تنويعاً لأعمال الخير، وتوسيعاً لمصادر النفع والإحسان وإغناء للمجتمع المسلم، وفي هذا المقام، أذكر بأنواع وصور مصارف الأوقاف وأعمال البر توجيهاً لإخواني المسلمين، حيث إن من ذلك:
1- وقف الأراضي والبيوت والأسهم والممتلكات على الفقراء وذوي القربى والمحتاجين من المسلمين ومن تأمل في الحديث في أصل مشروعية الوقف الوارد عن عمر رضي الله عنه ففي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أصاب أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فقال:
يا رسول الله أني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه، فما تأمرني فيها؟
قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، غير أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع، ولا يوهب، ولا يورث، قال: فتصدق بها عمر على الفقراء وذوي القربى والرقاب وابن السبيل والضعيف، لا جناح على من ولها ان يأكل منها أو يطعم صديقاً بالمعروف غير متمول فيه.
فهنا وقف على الفقراء وذوي القربى والمحتاجين من المسلمين في غير المساجد.
2- ومن ذلك الوقف على دور الاستشفاء والمصحات وعلى آلاتها مما يحتاجه المرضى والنزلاء من نحو أجهزة غسل الكلى، وتنظيم القلب، والإنعاش، والمختبرات... فإن الحاجة الى مثل هذه الأجهزة ماسة، وبعضها تكاليفه عالية.
3- وقف المدارس والمعاهد والكليات والجامعات ودور التعليم وتحفيظ القرآن.
4- سبيل الماء بحفر الآبار أو جريانه أو نقله أو تبريده أو توزيعه.
5- طبع الكتب النافعة مما يحتاجه طلبة العلم، وتسجيلات العلماء والمشايخ التي تنفع العامة والخاصة.
وعلى أية حال، إن كل شيء ينفع للمسلمين حاليا ومستقبلا أعظم أجراً وقدراً، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:
(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).
هذا والأوقاف من حيث الأثر والنفع منها ما هو عام كالوقف على المسلمين.
ومنها هو خاص كالوقف على الذرية أو على طلبة العلم أو على المرضى أو ان السبيل والمقصود والاهتمام بهذا المرفق العظيم من مرافق المسلمين بعمل البر والخير وتعدي النفع.
وفق الله الجميع الى صالح العمل ونافع القول، في الآخرة والأولى، وهو سبحانه ولي التوفيق.
( * ) الأستاذ بجامعة الإمام | 
"أفاق اسلامية"