ومن أسباب الوقوع في التكفير أيضاً (الأخذُ بلوازم الأقوال والأفعال) فالتكفيريون اليوم لايقولون: (الزاني كافر، والسارق كافر) ولكن يقولون (الزاني إذا افتخر بزناه في المجالس فهو كافر، لأنه مافعل ذلك إلا لأنه يستبيح الزنا) وكذلك مروج المخدرات ما فعل ذلك إلا لأنه يرى أن المخدرات حلال، إذن فهو كافر). وكذلك من يسمح بوجود المؤسسات والبنوك الربوية هذا دليل على أنه يستبيح الربا، إذن فهو كافر. فهم يأخذون بلوازم أقوال الناس وأفعالهم، ولذلك إذا كفروا حاكماً معيناً قالوا: (من دافع عنه من العلماء فهو كافر لأنه يقر ماهو عليه، والعالم الذي يرى شرعية هذا الحاكم ووجوب السمع والطاعة له فهو عالم كافر لأنه أقر هذا الكفر- ومن لم يكفر الكافر فهو كافر). والآن تكفير الخوارج العصريين لعلمائنا بسبب ذلك، لأن الحكومات والحكام المسلمين كلهم كفار عندهم. إذن: العلماء الذين يرون شرعية الدولة كفار، لأنهم يعرفون الحق أما بقية الناس فلعلهم يُعذرون بجهلهم.. أما العلماء فكفار والوزراء كفار ورجال الأمن كفار. فهذه حقيقة مرة نعيشها اليوم وأفكار منتشرة في أوساط بعض شبابنا. يوجد من شبابنا من يُكّفر الحكام والعلماء ويرى أن قتال رجال الأمن من الجهاد في سبيل الله. وهذه مسألة لا يجوز السكوت عنها. الناس اليوم يشاهدون ما يجري للمسلمين في فلسطين وغيرها ويحزنون لذلك. ومن لايحزن بسبب ذلك فليس في قلبه إيمان. إلا أن هذا العمل لا يثير العجب لأنه على أيدي اليهود، وما الذي ننتظره من اليهود، ولكن العجيب أنك ترى مثل هذا العمل يصدر ممن ينتسب إلى الإسلام وينادي بالجهاد وينشر فساده من قتل وتدمير وتفجير في بلاد المسلمين. وفي جزيرة التوحيد ومعقل الإسلام. والله لو أخذنا بعقيدتهم ما تركنا أحداً على وجه الأرض إلا وكفرّناه بناءً على هذا التصور الفاسد.
ومن أسباب ظهور التكفير: الانشغال بالاستماع إلى الوسائل التي تُظهر هذا الفكر عن طريق القنوات الفضائية أو المنتديات التي يتابعها كثير من الناس عبر الإنترنت أو بعض المجلات، أو الأشرطة فهذه من أسباب ظهور هذا الفكر التكفيري خصوصاً في هذا الزمان. وكثيرٌ من الشباب الذين وقعوا في التكفير ثم تابوا، نجد أنهم يذكرون مدى تأثير القنوات الفضائية ومنتديات الإنترنت وبعض المجلات التي تُظهر العداء لعلماء هذه البلاد وحكامها. إضافة إلى الاستماع إلى الأشرطة دون استشارة العلماء الناصحين، إذ ليس كل شخص يُستمع إليه خصوصاً عند الفتن.
( * ) حائل |