البعض من الشباب القادمين على الزواج يعتقد أنه ذاهب إلى (سوق الغنم) لشراء (ذبيحة) إما أن يكون لحمها رائعاً وله مذاق وبالتالي يلتهمها ويفرح أنه اشتراها وإما أنه يتخلص منها بكل سهولة ولا يدخلها إلى ثلاجة قلبه!
هذه حال الكثيرين الذين يظنون أن الزوجة مثل الذبيحة وهذا ما جعل (حالات الطلاق) عندنا ترتفع وتتفاقم وربما تحولت إلى (ظاهرة)!
لن أتحدث هنا عن الأسباب والدوافع التي تنتهي بالطلاق بين الشباب والفتيات وفي مقتبل الزواج أو حتى منتصفه لأن الكثيرين قد تناولوه وطرقوه وأشبعوه ولكنني أتحدث هنا من جانب آخر يعتبر هو (حجر الزاوية) عند الآباء والأمهات قبل أن يُقدم ابنهم (المدلَّل) على الزواج ويقدموا لبنتهم (عريس الغفلة).
هنا لا بد من الصراحة والمكاشفة للطرفين قبل الإقدام على مشروع تكون نهايته مؤلمة وقاسية، بل ظالمة في حق أناس كانوا يبحثون عن السعادة ثم يجدون أنفسهم في (تعاسة) أبدية وصدمة نفسية تبقى ملازمة لهم طوال العمر!
أجزم أن الآباء والأمهات هم السبب الرئيسي لما يحدث لأبنائهم وبناتهم من حالات عدم التوفيق، فالأب يفرض على ابنته دون أن يصارحها شخصاً لا ترغب فيه وبالتالي تكون النتيجة المؤلمة والعكسية وتفشل ابنتهم في التجربة المرة وتعود أدراجها (حبيسة) جدرانهم الأربعة فلا هي (شابة) ولا هي (متزوجة) وربما تستمر على هذه الحال سنوات طويلة أو تقترن برجل له أحفاد وربما يكون أكبر من والدها!
الأمر كذلك ينسحب على الأبناء الذين تفرض عليهم قرارات الآباء والأمهات (الصارمة) بضرورة الارتباط ب(بنت الخال) أو (بنت العم) أو حتى ابنة الجيران أو بنت (فلان الفلاني).
أيضاً هنا لا أنسى أن أحمِّل بعض الأبناء وأيضاً بعض البنات أن يكونوا هم السبب نتيجة (الاندفاع) والانجراف وذلك باختيارهم رفيق (الدرب في الدنيا) دون أن يتوخوا عواقب الأمور، حيث يصرون على أن هذه الفتاة هي المناسبة أو أن هذا الشاب هو زوج المستقبل المناسب وتكون النتيجة الحتمية هي الفشل الذريع والسقوط المر وتلاشي الأحلام الوردية!!
إن بنات الناس لسن (دمية) تُشترى من أي محل للألعاب ولسن (روشتة) تُصرف من أقرب صيدلية، بل هن أولاً وآخراً بشر، يشعرن بالضيم ويتجرعن المرارة من الظلم الذي حلَّ بهن، وأيضاً لا أعفي هنا بعض (الفتيات) اللاتي يكسرن خاطر بعض ممن ارتبطن بهم لأنه لا يروق لها ولا هو من يستحق قلبها ولا هو من تحلم بوسامته وكرمه!
إن (التنازل) من أحد الطرفين عن أي شيء لا يسعد الآخر يضمن (استمرارية) الحياة الزوجية وإن تنازل بعض الآباء والأمهات عن شروطهم التعجيزية وضرورة منح الأبناء والبنات وبروح (عصرية) مساحة من الاختيار و(الرؤية) قبل الزواج تحت مظلة الشريعة الإسلامية يضمن بإذن الله النجاح في (الارتباط) ويحد كثيراً من حالات الطلاق على الرغم من أنه لا يوجد حياة زوجية سعيدة بلا (منغصات) مهما كان الحب بين الطرفين ولكن التنازل عن تفاهات الأمور كفيل بالسعادة الأبدية بإذن الله، والحب الحقيقي في الآخر ينمو ويكبر مع العشرة بين الزوجين وليس في نزوة الأيام التي تسبق الزواج أو بعده بأشهر قلائل، وكل ما آمل ألا أسمع عن (طلاق) وهو أبغض الحلال إلى الخالق بين شاب وفتاة يبحثان عن تكوين بيت وأولاد وعائلة تحت مظلة الوطن.
|