Friday 8th October,200411698العددالجمعة 24 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "شواطئ"

حتى لو لم تحضروا (مناسباتنا)!! حتى لو لم تحضروا (مناسباتنا)!!
محمد أبو حمرا

هذه المهنة هي الصحافة، وهي عالم غريب لمن لا يعرفه جيداً، فالصحافة للمحترفين تأكل الجهد والوقت والفكر معاً، وتحكم عل معتنقيها بالعزلة التامة رغم أنوفهم، وتلك العزلة تأتي دون إرادة أو اختيار، لأن العمل فيها مثل النار التي تلتهم كل ما يوضع فيها وتطلب المزيد، فلا بد إذن من الملاحقة للحدث والحديث والصورة والقلم وكل ما له تأثير على إنتاجية الصفحات وغيرها من شؤون التحرير.
العاملون المخلصون في الصحف تحكم عليهم مهنتهم بالعزلة التامة والانقطاع عن أسرهم ومعارفهم وأصدقائهم، لأنه لا بد أن يؤدي عمل يوم غدٍ جاهزاً قبل الطبع للصحيفة بمدة كافية، وأنى له المدة الكافية وهو لا يمتلك من الوقت سوى 24 ساعة كلّها تعب في حياته.
وأصدقاء العاملين في الصحافة ربما استوحشوا من تصرفاتهم وكثرة عزلتهم، وفسروا ذلك بأنه تعالٍ أو النرجسيه يمارسها ممتهن الصحافة، وما هي بتلك والله، لأن المشغول لا يشغل، ولأن طبيعة عملهم تعني الملاحقة والإعداد والترتيب، وهذا كلّه يستقطعه من وقته الذي كان من المفروض لو لم يكن صحفياً أن يعطيه لأسرته وأصدقائه ومعارفه في كل مكان، وكثيراً ما ضاعت مناسبة عزيزة بسبب ارتباط العاملين في الصحافة، وكثيراً ما فات عزاء في صديق أو قريب أو غير ذلك من الموانع التي تجعل الممتهن للعمل الصحفي يقصرّ فيها رغماً عنه، وهم لهم عذر وجيه ونحن نلوم، فالقارئ يجد الصحيفة في صندوقه أو عند البائع صباحاً وهي جاهزة، لكنه لا يعن في باله: كيف جاءت بهذا الشكل؟ طبعاً هناك من أحرم نفسه النزهة البرية وزيارة الأصدقاء وغير ذلك من الواجبات الاجتماعية لكي يقدم لك ما تقرأ، وهو يجهد نفسه وفكره ويأكل كل وقته من أجلك، وما دامت الحالة هكذا فلا تلوموهم وأنتم لا تعلمون، بل ساعدوهم في أداء عمل وطني مهم جداً، واختلقوا لهم العذر الذي هو حاصل فعلاً، أي أن وقت المحرر أو المشرف أو رئيس التحرير في الهرم الأعلى من الجريدة، أقول: وقتهم مستهلك تماماً فلا نزيد إرهاقهم إرهاقاً، لسبب بسيط جداً وهو أنهم يقدمون لنا خدمة آنية وطازجة تحتاج إلى أن يلقوا بما ارتبطوا به من أعمال مقابل هذا العمل الجليل حقاً، بل إن إجازة العيد يقضونها في مكاتبهم من أجل القارئ الكريم.
وكثيراً ما سمعت أن أناساً يغضبون إذا لم يحضر أقاربهم العاملون في الصحافة مناسباتهم، ولهم الحق طبعاً، لكن هناك ما هو هم أكبر وواجب وطني أسمى، وهو الفكر والتنوير والخبر والتوجيه الذي يقوم على أدائه المحررون والعاملون في حقل الصحافة، لذا فهم براء من تهمة التقصير مثل براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، فهل نلومهم بعد اليوم؟ أم نقول لهم بكل محبة وثقة فيهم: سيروا على بركة الله، فأنتم منّا ولنا حتى لو لم تحضروا مناسباتنا، التي نعلم جيداً أنكم تودون حضورها ولكن لا تستطيعون.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved