جاري والصندوق الحديدي
محمد المنيف

دعوت جاري لمشاركتي فنجان قهوة وعند دخوله المنزل شاهد صندوقا حديديا قديما وضع في زاوية الحديقة فانتابه شعور غريب وجّه بعده تساؤلا مشوبا بالخجل قائلاً: ماذا تخفي بهذا الصندوق؟ ثم أردف قائلاً مع ابتسامة عريضة: أرجو الا تكون واحدا منهم؟ اتبعها باعتذار عن مزاحه الثقيل والتشكيك بما يمكن أن يحتويه ذلك الصندوق الممتلئ بالأدوات الخاصة بتقليم الحديقة وبعض أدوات الصيانة المنزلية التي لا يخلو منها أي بيت. فعلّقت على تساؤله بأن الحق معه فالثقة الزائدة بالجار وعدم معرفة توجهه وما نتج عن ذلك من تواجد لأولئك المنحرفين بيننا يدفعنا لأخذ الحيطة من كل شيء وقد يتعدى ذلك الى البحث عن كل امر غريب وغير طبيعي في محيطنا البيئي والاجتماعي ابتداء من ابنائنا واصدقائنا والاقارب فالطيبة حينما يساء استخدامها تصبح سذاجة وغباء وما مررنا به كان بمثابة الايقاظ من سبات عام اغلبه اجتماعي نتج عن الثقة الكبيرة بكل من نتعامل معهم، فكم غضضنا الطرف عن سلوكيات نعتقد انها عادية او عابرة مع انها قد تكون الشرارة التي تحرق الحصاد وتقضي عليه، لهذا لم يكن تساؤل هذا الجار او تهكمه معيبا ولن يكون رد الفعل الا بمستوى التوقع مع ما يحيط به من ثقة في النفس ويبقى ان نكون صادقين لا مازحين في حال رؤية ما يثير الريبة والشك لندمغه باليقين حفاظا على حياتنا وحياة الاخرين ولنقضي على اي بادرة او اشارة مهما صغرت قد يتمكن بها العابثون من تحقيق مآربهم والا ننخدع بعد اليوم من أي رماد دون ان نتوقع انه يخفي جمرا حارقا لا يموت الا بكشفه والقضاء عليه.