قرأت في العدد 11685 (خبراً) عن اعتزام شركة اتحاد الاتصالات توظيف مجموعة من السعوديين والسعوديات وأعتقد أن لهذا الأمر أبعاداً اجتماعية لبناء الكيان الإنساني في هذه المنظومة السكانية بإيجاد قنوات وظيفية للمرأة السعودية على وجه الخصوص بحيث تتعدى الأطر الاجتماعية التقليدية وتفتح لها آفاقاً في سوق العمل بما يتناسب مع خصوصيتها.
وهناك بعض من المجالات التي أرى أنها تعتبر مناخاً ملائماً لعطاء المرأة بالإمكان استثمار طاقتها وإمكانياتها في بعض المؤسسات العامة مثل الخطوط السعودية كموظفات في الحجر المركزي لخدمة مثيلاتهن بحيث تجد راغبة السفر راحتها وحريتها في التحدث مع موظفة الحجز ولاسيما في مواسم الذروة.
مجال آخر يتمثل في قيام إدارات الجوازات بإيجاد الفرصة لوجود متخصصات في استخراج (جوازات السفر) للمرأة وترتيب أي متعلق بهذا العمل، وإدارات الأحوال المدنية أعتقد أنها مجال لتوظيف المرأة ويمكن الاستفادة من العنصر النسائي في قيامهن باستخراج بطاقات خاصة للمرأة حتى وكالة الضمان الاجتماعي أعتقد أنها هي الأخرى تستطيع توفير وظائف للمواطنات بحيث يتولين خدمة المشمولات من النساء وكبيرات السن وذلك بإعداد باحثات اجتماعيات لهذا الغرض وتحقيق ما يكفل الحرية الشخصية للمرأة.
مجال وظيفي آخر وهذا يمكن أن يوجد في إدارة المرور وذلك بتوظيف عناصر نسائية وطنية مختصة لاستخراج وثائق السيارات التي تعود ملكيتها للمواطنات، هذا برأيي يعتبر مجالاً رحباً لتفعيل وجود المواطنة من خلال الممارسة العملية في مثل هذه القطاعات الحيوية ويمكن معالجة أي إشكالية اجتماعية من خلال بث الوعي لدى البعض وإزالة بعض (التحفظات) التي لا تعبر عن قيم المجتمع المتطلع نحو العمل.
لقد مرت بهذا المجتمع حقبة زمنية أضحت بمثابة العائق الاجتماعي لانطلاقة أي فكر متجدد طموح يقضي على براثن التقليد وما زالت هذه الترسبات متمثلة في سلوكيات واتجاهات البعض بحيث لا يستوعب أي أطروحات جديدة تعبر عن اتجاهات حديثة تنبض بها أفكار المجددين في شرايين هذه الحياة..
هذه الأطروحات الحديثة وقفت ضدها توجهات (التقليديين) الذين يرفضون شيئاً اسمه الرأي الآخر..
لو دخلت في تفاصيل هذه .... خذ على سبيل المثال (بطاقة المرأة) أرى أنها تعتبر حقاً شخصياً ولا تستحق التشنج في الرأي أو الاستهجان لكن البعض من هؤلاء رفض مثل هذا واعتبره منزلقاً خطيراً يهدد كيان المجتمع.
طرحت عبر هذه الصحيفة وغيرها آراء الآخرين حول قيادة المرأة للسيارة وكل طرف عبَّر عن رأيه حول هذا الموضوع مبرزاً إيجابياته وسلبياته ومن العدل أن نقبل بوجهات النظر المطروحة ونبسطها في الورق والمنتديات، والخطأ أن تسل سيوف الأقلام وتبدأ بهجومها على مثل هذه الآراء!!
هذا (التحفظ المزعج) بات مهيمناً على نمطنا الاجتماعي وسلوكنا اليومي بحيث أصبح البعض مطأطأ الرأس.. لا يعبر عن رأيه بكل صراحة، لو أخذت مثالاً بسيطاً على مثل هذه الإفرازات المزعجة والتي تبوأها (التحفظ) ما قرأته في العدد 11690 عن قيام مديرة مدرسة بأخذ مقص حديدي لإزالة إضافات بسيطة من زي طالبة حتى وصل الأمر إلى عراك بالأيدي.
أتعلمون من خلف هذا التوجه التقليدي؟ إنه مرض التحفظ الاجتماعي الذي دأب على تربية النشء بأسلوب عفوي متخلف لا يعبر عن توجه شخصي راقٍ!... وأشياء أخرى كثيرة في نسقنا الاجتماعي تثير الاشمئزاز، ولكن لعل أصحاب التوجه الحديث يبثون الأفكار الجميلة لإزالة هذا الغبار العالق من بعض القناعات.
سعد بن محمد العليان
مدرسة الأشرفية - عنيزة |