واصلت إسرائيل عملها المفضل المتمثل في تقتيل الفلسطينيين، ولم تعر بالاً لما كان يدور في مجلس الأمن من مناقشات بشأن مشروع قرار حول اعتداءاتها السافرة في غزة، فهي مطمئنة إلى النتيجة سلفاً، ولم تخيب الولايات المتحدة ظنها، فسرعان ما استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار يطلب من إسرائيل وقف اعتداءاتها المستمرة منذ أكثر من أسبوع في غزة وسحب قواتها بعد أن قتلت حوالي المائة فلسطيني، بينهم عدد كبير من الأطفال.
وسواء تم استخدام هذا الفيتو أم لم يتم، فلا شيء يحول بين إسرائيل وممارسة القتل بمختلف صنوفه، فهي بعد صدور القرار قتلت رجلاً وابنه وأرسلت قذيفة إلى أحد المنازل في جباليا لتسقط وسط عشرة أطفال وهم نيام، وقبل ذلك فضل أحد جنودها إطلاق 20 طلقة على طفلة فلسطينية في طريقها إلى المدرسة واستقرت ستاً من هذه الرصاصات في رأس الصغيرة، فقد كان الجندي حريصاً على أن تكون رصاصاته قاتلة.
هذا الإمعان في القسوة يحدث بصورة يومية وببشاعة لا حدود لها، والرسالة الإسرائيلية تقول: نحن نفعل هذا وسنظل نفعله ولن تستطيع قوة في الأرض منع ذلك. والمطلوب هو خضوع الشعب الفلسطيني، وإلا فإن عليه تحمل المزيد من الخسائر، وخصوصاً أن إسرائيل تلقت لتوها رسالة واضحة من الراعية الكبرى الولايات المتحدة تتيح لها إنجاز وإكمال ما بدأته في غزة وبالصورة التي تريدها.
ولن تتوانى إسرائيل في ترجمة هذه الرسالة إلى واقع مر آخر على الأرض من خلال مذابح جديدة. وهكذا فإنه يتعين على العالم أن يبحث عن وسيلة ما لكبح جماح هذه العدوانية المنفلتة، وإلى أن يتم التوصل إلى ذلك فإن إسرائيل ستواصل هذه الجرائم بمباركة من الولايات المتحدة التي تتكفل بحماية إسرائيل حتى من مجرد النقد، وتشمل الحماية درء رياح السلام عنها، فإسرائيل لا تتحمل سلاماً يجردها مما سرقته.
وفي هذا المقام فقد كشفت إسرائيل نفسها أمس عن أن خطة الانسحاب من غزة التي وضعها رئيس وزرائها شارون هي خطة تستهدف إحباط مساعي السلام وإجهاض تطلعات الفلسطينيين في الضفة الغربية وأن هذا التدبير الإسرائيلي يحظى بكامل الموافقة الأمريكية.
ومن الواضح أننا نخلط، أو نجانب الصواب إذا تحدثنا عن دولتين واحدة تسمى إسرائيل والأخرى تدعى أمريكا، والأحرى أننا نتحدث عن دولة واحدة تنقسم إلى جزءين، فهناك رابطة عضوية من النادر أن تجدها حتى في الدولة الواحدة.
وهذا هو الحال بين أمريكا وإسرائيل، والخطير في أمر هذه الرابطة العضوية أنه يتم وضع مصائر الشعوب بين يديها.
|