Thursday 7th October,200411697العددالخميس 23 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

خلال محاضرة ألقاها سماحته في مدينة تدريب الأمن العام أمس خلال محاضرة ألقاها سماحته في مدينة تدريب الأمن العام أمس
آل الشيخ: الخطأ السلوكي والأخلاقي من رجال الأمن يعتبر نقطة سوداء في جبين الأمن
الفصل بين الدين والحياة ليس من مبادئ الإسلام في شيء.. ومسؤولية رجل الأمن لا تقبل المحاباة والمجاملة

  * الرياض - فارس القحطاني - تصوير - فتحي كالي:
ألقى سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ صباح أمس محاضرة بعنوان (الصفات التي يجب على رجل الأمن أن يتصف بها) وذلك في مدينة تدريب الأمن العام وقد بدئت المحاضرة بآيات من القرآن الكريم، ثم بدأ سماحته بالمحاضرة والتي افتتحها قائلاً.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.. أيها الأخوة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أسأل الله للجميع التوفيق والسداد والعون على كل خير وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، في هذا اليوم المبارك وفي مدينة التدريب نلتقي بأخوة لنا من رجال الأمن نفتخر بهم ونسأل الله أن يسدد خطاهم وأن يوفقهم في حمل تلك الأمانة التي حملوا إياها.
وأن يكونوا عند حسن ظن من اختارهم وارتضاهم ليكونوا إن شاء الله رجالاً مخلصين مؤدين لمسئوليتهم مرضين ربهم قبل كل شيء ثم مرضين أنفسهم ومسؤوليهم.
وأضاف سماحته: أيها الأخوة، الموضوع، الأمور المطلوبة من رجل الأمن قبل التحدث عن هذا الموضوع أحب أن أقول كلمة وهي أن الله سبحانه ميّز أهل الإسلام وخصّهم بخير عظيم فمن فضل الله على المسلم أن أعماله سواء كانت الفرائض المطلوبة أو المستحبة أو الأعمال الأخرى التي تعينه على شؤون حياته إذا قصد بذلك وجه الله جعل الله كل تلك المساعي حسنات له ودرجات له، إن المؤمن يتحرك في كل أعماله منطلقاً من مبادئ إيمانه وإسلامه أنه رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً.
تلك العقيدة التي رسخت في قلب المؤمن وثبتت فيه انبثقت منها أعمالاً صالحة ونفوساً زكية وأخلاقاً فاضلة.
وأضاف: أن المجتمع المسلم يتميز بأنه ينطلق في كل أموره من مبادئ دينه فهو يعلم أن الله خلقه لعبادته وكلفه بذلك وأرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليبين الحق والمنهج القويم حتى يسير عليه، إذاً فالمسلم يتقي الله في كل أحواله، يسير على منهج قويم وطريق مستقيم، هكذا حال المؤمن هو في كل أحواله متقٍ لربه سواء فيما يؤديه من واجبات وفرائض وفيما يتناوله من مباحات وملذات لأنه يسير كل شيء في خدمة دينه وعقيدته فما بين حياته العامة وما بين عبادته فواصل في بوقتة واحدة.
الأمور المادية والمتع والأعمال الصالحة كلاهما قرينان.
فما يأتيه من متع وملذات وما يسير عليه من طلب الرزق أن الكل يريد به أن يحقق له ما خلق لأجله فدينه ودنياه كلاهما سوى الدنيا تخدم الدين والدين ينظم أمر الدنيا، إذاً فدين المسلم ودنياه على حد سواء تعاون وتفاعل وكل يكمل الآخر وقال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {162} لاَ شَرِيكَ لَهُ}.
وقال سماحته: إن الفصل بين الدين والحياة مبدأ ليس من مبادئ الإسلام ولكنه مبدأ عند غير المسلمين، أما المسلمون فدينهم ودنياهم حياتهم العامة والخاصة كلها تلتقي على هدف واحد وهو عمارة الأرض بطاعة الله لتنفيذ أوامر الله والقيام بشرع الله هكذا حياة المسلم الحق الذي يرى أن دنياه ودينه لا بد أن يكون بينهما التعاون والتساعد فالدنيا تستمد من الدين والدنيا تقيم أمر الدين، هكذا يكون المسلم الحق المتمسك بدينه.
أيها الأخوة وإن يكن الموضوع الوسائل أو الأمور المطلوبة من رجل الأمن ما هي، نعلم أولاً أن كل فرد منا مطلوب منه أن يكون عابداً لربه منفذاً لشرع ربه، أن يؤدي فرائض الله، وأن يبتعد عن نواهي الله، وأن يكون داعياً للخير، وأن يكون محذراً من الشر، مطلوباً منه أن يكون عضواً صالحاً في مجتمعه، مطلوباً منه أن يعد نفسه جندياً مسلماً يدافع عن دينه وأمنه في كل ميادين الحياة.
ومن حيث العموم فالمسلمون مطالبون بشرع الله وبالدفاع عن شرع الله والقيام بهذا الدين علماً وعملاً لكن نصل إلى رجل الأمن ذلك الإنسان الذي اختير لهذه المهمة ولهذا الثغر العظيم ولهذا الميدان الشريف.
اختير بعناية واختير لأنه رجل مسلم ورجل ذو وطنية إسلامية يغار لله ثم يغار لوطنه المسلم ويغار لدينه قبل كل شيء ثم لوطن الإسلام هكذا رجل الأمن.
فرجل الأمن يعلم بأن الأمن بحد ذاته نعمة من الله على العباد وهذا الأمن لا يتحقق للأمة إلا إذا قامت الأمة بدين الله، فبدين الله وبالقيام بشرع الله وتطبيق شرع الله يتحقق الأمن للفرد وللجماعة، ذلك لأن شريعة الإسلام جاءت بما يصلح الدين والدنيا، جاءت بما يحقق للجماعة والأفراد الأمن الفكري قبل كل شيء بأن تحقق أمناً فكرياً سليماً من أن تلوثه الأفكار الملحدة والأفكار الضالة والآراء الشاطة والأفكار البعيدة عن الهدى.
جاءت الشريعة لتحقق الأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي والأمن الديني، جاءت لتجعل الناس يسيرون على منهج الله في حياتهم كلها.
رجل الأمن يعلم أن الأمن من نعم الله والله جل وعلا قد ذكرنا بنعمة الأمن في كتابه العزيز في عدة مواضع، يقول جل وعلا قبل كل شيء ليبين دعوات إبراهيم عليه السلام والتي دعا بها عندما شيد بيت الله ونفذ أمر الله فأقام بيت الله في الأرض ليكون رمزاً للأمة ليطوفوا به عبادةً لله، قال تعالى: {رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرُِ} فقد بدأ الخليل بدعوته بأن يجعل الله هذا البلد حرماً آمناً ويقول العلماء إن البدء بالأمن قبل البدء بالرزق له حكمة، ذلك أن الأمن يحصل به كل خير فإذا وجد الأمن وجدت الخيرات ورغد العيش واستقرار النفوس وحياة واطمئنان.
ثم قال جل وعلا في موضع آخر يبين فضائل البيت الحرام بأن من دخله فإنه آمن، حكم شرعي، أي يجب أن يعطى ساكن البيت الأمن لأن هذا البيت يأمن فيه الطير في الهوى والسبع في الأرض وتأمن فيه النفوس لكونه واحة سلام وملتقى أفئدة المسلمين، فيجب احترام أمنه واستقراره، وبيّن تعالى نعمه، أنعم بها على سكان بيت الله الحرام وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} فالله يمن عليهم أن حرمه أمن والناس يؤخذون ذات اليمين وذات الشمال لا استقرار ولا أمن، وواقعنا اليوم يشهد بهذا أننا في أمن واستقرار ونسمع الأحداث من هنا وهناك، نسأل الله أن يديم علينا أمننا واستقرارنا.
وأن يصلح أوضاع المسلمين ويمن عليهم بالاستقرار والأمن.
وبيّن تعالى نعمته على أهل مكة وقال تعالى: (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1} إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ {2} فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ {4} ).
إذن إذا أطعم الناس من الجوع وآمنوا من الخوف فقد كملت في حقهم النعمة وهذا واقعنا الذي نعيش فيه، نسأل الله المزيد من فضله توفر النعم وحصول الأمن وتلك خيرات عظيمة نشئ فيها الصغير وهرم عليها الكبير.
نسأل الله المزيد من فضله وكرمه.
أخوتي.. إن رجل الأمن رجل عليه مسؤولية، فأول مسئولية ما بينه وبين الله وهي طاعة الله والاستقامة على هذا الدين والمحافظة على فرائض الإسلام من صلاة وصوم، ومن حج وزكاة إذا كان ذا مال ثم الالتزام بالواجب الإسلامي والبعد عن الرذائل والمحرمات.
رجل الأمن موكل بأمنكم ومطلوب منه أن يكون ذا أمن حقيقي وعين ساهرة على مصلحة الأمة وفي أي موقع كان فيه يجب أن يشهد بأنه رجل أمن مسئول ومطالب ومراد منه أن يكون ذا أمن كما كان.
إذاً فبحصول الخطأ الأخلاقي والسلوكي من رجل الأمن وإن كان الخطأ لا يرضى من الجميع لكن حصول الخطأ السلوكي والأخلاقي من رجل الأمن يعتبر نقطة سوداء في جبين الأمن، لماذا؟.. لأنك مطلوب أن تكون رجل أمن ورجل أمن على كل شؤون الأمة في كل أحوالها.
إذاً الأخطاء السلوكية والأخطاء الأخلاقية تسجل عليه بأنها إخلال بالأمن وإخلال بالمسئولية وإن تجنب الأخطاء لا عن طريق مراقبة الغير عليك ولكن بمراقبة الله لك وأنك رجل وضعت في أمر وأوكلت إليك مسؤولية ومهمة فإن الأمن الذي نرجوه إذا كان رجل الأمن يخطئ سلوكياً وأخلاقياً لا بد من الانضباط لأن هذا الانضباط الأخلاقي والسلوكي فيه طاعة لله قبل كل شيء، ثم فيه محافظة على هذه الوظيفة الشريفة.
رجل الأمن مطلوب منه الانضباط في الوقت والانضباط في أداء العمل، ولا ترى رجل الأمن متخلفاً عن عمله مهملاً لوظيفته متساهلاً في واجبه.
بل ترى رجل الأمن منضبطاً في أعماله وعندما يحين وقته، الوقت المطلوب منه تراه متواجداً في أول الوقت لكي يتسلم من زميله العهدة وليقوم مقام من سبقه.
أما من كان متهاوناً في عمله مستخفاً بمسؤوليته إذاً فإن ما يحصل من أخطاء وما يحصل من قصور يتحمله رجل الأمن الذي تخلف وأهمل وضيّع واجبه.
رجل الأمن مطلوب منه الإخلاص في عمله وأن يتصور حقاً أنه في ثغر من ثغور الأمة مطلوب منه إخلاصه في عمله فلا يؤتى من قبل ضعف أمانته وقلت إخلاص، فهو لا يساوم على وظيفته ولا على عمله ولا يتهاون في مهمته، فأمانته التي ائتمن عليها تجده مخلصاً فيها صادقاً فيما بينه وبين الله ثم فيما بينه وبين مسؤوليته.
إذا كان رجل الأمن غير مخلص بليت الأمة من ضعف إخلاصه ومن قلة وفائه وضعف أدائه.
وقد حضر المحاضرة كل من اللواء عبدالعزيز بن محمد بن سعيد مساعد مدير الأمن العام لشؤون العمليات والعميد حسن بن محمد العسيري مدير إدارة التدريب.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved