* لندن - واس:
جدد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة وايرلندا موقف المملكة العربية السعودية الرافض للإرهاب وتعهدها بمواصلة الحرب ضد هذه الظاهرة المقززة وقال إن الإرهاب يشكل اكبر تهديد للسلام والاستقرار العالميين.. فيما دعا إلى إيجاد حل للمشكلة الفلسطينية وفق خطة السلام العربية.. كما أكد دعم المملكة للشعبين الفلسطيني والعراقي الشقيقين.
وقال صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل في كلمة ألقاها أمام مجلس شؤون الشرق الأوسط في حزب المحافظين البريطاني الذي يعقد مؤتمره السنوي في مدينة بورموث في جنوب إنكلترا إن الإرهاب قد مزق المجتمعات وألحق الضرر بالتفاهم الدولي والثقافي وحول الأصدقاء إلى أعداء وفوق كل ذلك جعلنا نشك ببعضنا البعض حتى مع من لدينا بهم علاقات طويلة عبر العالم.
وأعرب سموه عن الاعتقاد ان الذي يغذي وحش الإرهاب المعارض لكل القيم الحضارية هو الظلم والإحساس بالضعف خاصة في أجزاء حساسة في الشرق الأوسط وهذا الشعور بالظلم يمكن ان يعود إلى أيام الحرب العالمية الأولى وما بعدها.
وأعاد سموه إلى الأذهان الزيارة التي قام بها الملك فيصل بن عبد العزيز إلى بريطانيا في عام 1919 ممثلاً للملك المؤسس عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه.
وقال: إن الهدف من الزيارة وقتئذ كان تأكيد وضع المملكة العربية السعودية المستقل حيث كان الملك عبدالعزيز حاكماً مستقلاً وأراد ان يقيم علاقات دولية على هذا الأساس في وقت بدأ فيه عالم جديد آنذاك هو الاستعمار في المنطقة.
وأشار سموه إلى وعود بريطانيا للشعب الفلسطيني في تلك الفترة وقال ان الحكومة البريطانية وعدت السكان الفلسطينيين الأصليين بالمعاملة العادلة فيما وعدت شعب العراق بالمستقبل الزاهر.. لكن بريطانيا حبذت وقتئذ إقامة وطن لليهود في فلسطين شريطة ان لا يضر ذلك بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة في الأراضي الفلسطينية.
وأكد سمو الأمير تركي الفيصل في كلمته أمام مجلس شؤون الشرق الأوسط في حزب المحافظين البريطاني المعارض ان ذلك الوعد الذي أعطى للفلسطينيين قد انتهك ولا زال الغرب يواصل ذلك الانتهاك.
ورأى سمو الأمير تركي الفيصل ان هناك علاقة مباشرة بين أحداث الأمس والواقع المرير الذي نشهده اليوم في فلسطين حيث لا زال الغرب وبريطانيا يعدون الشعب الفلسطيني بالعدل والإنصاف.. لكن الشهور الأخيرة شهدت مشاهدات كبيرة من القتل الواسع النطاق للفلسطينيين بل تدمير بيوتهم في رفح.
واعتبر سمو الأمير تركي الفيصل الجدار الذي شيدته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية بأنه يشكل مخالفة للقانون الدولي وكذلك فإن احتلال أراض فلسطينية وسورية ولبنانية من قبل إسرائيل يعتبر مخالفة للقانون الدولي أيضا.
وقال سموه يبدو ان هناك معايير مزدوجة للتعامل، قانون للغرب وقانون آخر يصلح لبقية العالم معتبرا ان النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي هو الأكثر تهديدا للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وأكد سمو الأمير تركي الفيصل على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم بأنفسهم وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.
وأعاد سموه إلى الأذهان الوعود التي قطعها الجنرال البريطاني فريدريك مود للعراقيين عندما احتل بغداد بقوة قوامها 150 ألف جندي في عام 1917 وقوله ان قواته لم تأت للعراق كقوات غازية بل كقوات محررة.
وقال ان مثل هذه الكلمات استخدمت من قبل بريطانيا والولايات المتحدة في أعقاب الحرب على العراق في عام 2003 حيث قالتا إن قواتهما حررت العراق من بطش صدام حسين.
كما اعتبر سموه ان لمثل هذه الوعود معاني فارغة وقال إن الكثير من العرب يتخوفون من ان يتدهور العراق إلى وضع مأساوي أو انه سيجد نفسه في وضع يتماثل مع مأساة الشعب الفلسطيني.. مشيرا إلى ان القوت اليومي للمواطن العراقي أصبح تجرع الأزمات وعدم الاستقرار.
وقال ان هذه المعاملة غير العادلة والوعود المنتهكة تشكل وقوداً لنشاطات الإرهاب والساخطين.
وأعرب سموه عن الاعتقاد ان سرطان الإرهاب يتغذى على الساخطين والذين أحبطت عزائمهم وكذلك على اليأس والتشاؤم الذي ينشر على شبكة الانترنت.
ودعا سموه إلى تكاتف الجهود الدولية لحل هذه المشاكل ليس في الشرق الأوسط فقط بل في العالم أجمع.
كما طالب سموه أيضا بتكاتف الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب وقال لا شيء يبرر أعمال الشر التي يقوم بها أسامة بن لادن واتباعه بل لا شيء يبرر قتل الأبرياء دون أي حق سواء كان ذلك في فلسطين أو العراق أو إسبانيا أو المملكة العربية السعودية وغيرها من دول العالم. وقال سمو الأمير تركي الفيصل في كلمته أمام مجلس شؤون الشرق الأوسط في حزب المحافظين البريطاني ان المملكة العربية السعودية قاومت الإرهاب الشرير حتى قبل هجمات 11 سبتمبر 2001 م.. وسوف تواصل جهودها في هذا السبيل لاجتثاث الإرهاب والقضاء عليه قضاء مبرماً.
واعتبر سموه الإرهاب شيئاً مقززاً لجميع الشعوب والحكومات بما فيها السعوديون والبريطانيون بل لجميع أبناء الديانات المختلفة بما فيها المسلمون والمسيحيون.
ورفض سموه اتهامات الإعلام الغربي القائلة (بأننا متآمرون ومؤيدون بل ممولون لهذه الجماعات الشريرة) وقال ان ذلك محض افتراء.. بل إن الإرهاب معاد لكل المبادئ السامية التي نعتز بها كمسلمين وسعوديين.واستعرض سموه الجهود المخلصة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لمكافحة الإرهاب وتعاونها مع الأشقاء العرب والأصدقاء في الغرب للتنديد بالمجموعات الإرهابية.. مشيرا إلى مبادرة الحكومة السعودية حول الإرهاب.
وأضاف سموه قائلا ان المملكة شرعت العديد من القوانين الرامية لتجفيف مصادر الإرهاب حيث عملت هذه القوانين على تجميد حسابات المشتبه بهم وايجاد أنظمة لاكتشاف ومحاكمة أي شخص متورط بتمويل الإرهاب وكذلك تطوير الإجراءات الرامية لمتابعة وتجميد الأصول المالية للإرهاب وتأسيس جهة معينة لتنظيم نشاطات الجمعيات الخيرية وللتدقيق في جميع التبرعات.
وأكد سموه ان هذه الإجراءات لقيت استحسان وكالات دولية مختلفة في العالم بما فيها منظمة الأمم المتحدة التي وصفت هيكلنا القانوني بأنه سليم وان القوانين السعودية تتماشى مع المواصفات الدولية.
وأكد سموه ان المملكة العربية السعودية تقف دائما ضد كافة أنواع الإرهاب واستشهد بنتائج لجنة التحقيق الأمريكية المستقلة التي حققت بهجمات 11 سبتمبر وقولها (ان لا دليل على تمويل الحكومة السعودية لتنظيم القاعدة بل لم نجد دليلا من ان الحكومة السعودية مولت تنظيم القاعدة).
وقال سموه: الحكومة السعودية تقوم بإصلاحات سياسية واقتصادية مشيرا إلى (ان الانتخابات البلدية التي ستجرى لأول مرة سوف تعقد في أوائل العام المقبل).
وقال الأمير تركي الفيصل ان المملكة العربية السعودية تتجه نحو الانفتاح الإعلامي في التلفزيون والإذاعة والصحافة.
ودعا سموه قبل نهاية حديثه إلى تضافر جهود العالم العربي والغربي من خلال الأمم المتحدة لمساعدة الشعب العراقي وحكومته والشعب الفلسطيني وحكومته وقال: (بتكاتف جهودنا يمكننا النجاح.. لكن الاختلاف يغذي سرطان الساخطين).
وأوضح ان المملكة العربية السعودية وبقية دول العالم العربي ملتزمة بمساعدة الشعب العراقي بل ونرحب بحكومته الجديدة وسنقوم بكل ما نستطيع لدعم الشعب العراقي سياسياً ومالياً.. ونحن قد اقترحنا خطة لإبدال القوات الأجنبية في العراق بقوات عربية إسلامية.
وأكد سموه أن المملكة العربية السعودية وبقية دول العالم العربي ملتزمة أيضاً في البحث عن حل عادل للقضية الفلسطينية، وقال: إن مبادرة السلام العربية لا تزال قائمة ولا تطلب من إسرائيل أكثر من العودة إلى الحدود التي وضعتها الأمم المتحدة وذلك مقابل الاعتراف والعلاقات الكاملة مع جميع الدول العربية.
|