مع اقتراب اليوم الثاني من شهر رمضان المبارك الذي سيتم فيه طرح 20 مليون سهم للاكتتاب العام للمواطنين لشركة اتحاد اتصالات وبقيمة إجمالية تقدر بمليار ريال، نتوقع ان يكون للطرح إقبال كبير مميز. الحافز هنا توفر السيولة النقدية للمكتتبين عند سحبها من قنوات الودائع المالية الشخصية أو من بيع أسهم المحافظ أو من التسهيلات البنكية المغرية. كما أن معرفة المكتتب (المسبقة) بأن التخصيص والتعامل بالنسبة والتناسب سوف يأتي على عدد كبير مما اكتتب به أساساً ومخصصاً له جزء يسير مما يرغب فيه، فإن المحصلة فائض كبير متضاعف عدة مرات. ورغم أن الهدف الأول من الطرح هو مشاركة وتوسيع قاعدة المساهمين وبطريقة تتضمن للجميع جزءاً من الحصة إلا أن سلوكية معظم المكتتبين تبدو منطقية لرغبتهم الشديدة في الحصول على أكبر عدد ممكن من أسهم الطرح لفرصة ذهبية لا تأتي إلا نادراً خاصة انه اكتتاب يقع ضمن الأسهم الممتازة.. هناك عدة تساؤلات تدور في أذهان الناس تتمحور حول: لماذا تم إعلان الاكتتاب في هذا الوقت؟ ولماذا لم يتم تأجيله إلى حين؟ ولماذا تم تخصيص حد أدنى بعشرة أسهم، وحد أعلى بعشرة آلاف سهم؟ وما هو القصد من تحديد السقوف؟ ومن هو المستفيد أكثر من الآخر؟ وكيف سيتم تعيين آلية التعامل بحصص النسب والتناسب بين الشرائح المكتتبة؟ وما هو موقع موفور المال ومحدود الدخل من الطرح؟.
فيما يتعلق بالسؤال الأول يعتقد أن اتخاذ القرار كان بناء على انه توقيت مناسب، خاصة مع اقتراب إعلان معظم الشركات المساهمة عن أرباحها للربع الثالث والذي يبشر بأرباح عالية مقارنة بالسنوات الماضية. وإن الظروف الاقتصادية للمملكة في أحسن حال منذ 18 سنة تمثلت في ارتفاع كبير لعوائد البترول وفي فوائض ميزانية تقدر بأكثر من 100 مليار ريال. الأمر المؤثر والمباشر الذي شجع المعنيين على إعلان قرارات طرح اكتتاب اتحاد اتصالات في الأيام القليلة القادمة، بل والإعداد لطرح أكثر من 4 شركات جديدة قبل نهاية العام الميلادي الحالي. ناهيك عن أن تأسيس هيئة سوق المال وتحسن الوعي الاستثماري للمواطنين أبعد أية شكوك في احتمالية تراجع سوق الأسهم كما حدث في شهر مايو الماضي عندما طرح اكتتاب شركة صحراء للبتروكيماويات، اضافة الى ان هيئة سوق المال لها ان تراقب وان تشرف على كل عمليات البيع والشراء ومؤشراتها اليومية، مما حد بشكل ملحوظ من تقلبات السوق السريعة والتي ابدلته بحال من الاستقرار النسبي أعاد الثقة والثبات لكثير من مستثمري ومضاربي الأسهم المحلية. ووضحت الرؤية بأنه لا داعي لأي تراجع في سوق الأسهم بإعلان الطرح، وإن العشرين مليون سهم سوف يكون تأثيرها السلبي على السوق محدوداً ضيقاً وليس كما يحسب البعض. فهناك سيولة مالية تستطيع أن تلتهم أسهم الطرح بشراهة، إن لم تفيض عنه في تغطيتها له من اليوم الأول أو الثاني على أكبر تقدير.
أما السؤال الثاني فيبدو أن تحديد حد أدنى من الاكتتاب بعشرة أسهم وحد أعلى بعشرة آلاف سهم يهدف إلى تحقيق توزيع عادل منصف لجميع شرائح المجتمع السعودي. بصرف النظر إذا كانت الشريحة مرتفعة المداخيل المالية أو مستورة الحال. ودعمت عمليات الاكتتاب باتخاذ المعنيين خطوة ايجابية جيدة تعد الأولى من نوعها تبلورت في مشاركة كل البنوك السعودية في الطرح. وهي خطوة قصدت تسهيل إجراءات الاكتتاب والتي سوف يلامس المكتتب مداها وفوائدها عندما تحل العشرة أيام المخصصة. فلا داعي حينئذ من حمل مال أو نقل حساب أو تسهيل فرضي من بنك لآخر ولا داعي لمراجعة حساب العميل أو رصيده أو بيانات تاريخية وجغرافية فالمشاركة هنا متساوية لكل البنوك والمطلب فيها توفير الراحة والجهد على المكتتب سواء كان شيخاً أو رجلا أو امرأة، والهدف منها الحفاظ على عدم حدوث أية تذبذبات في سوق المال قد تأتي جراء نقل أو سحب ادخار مالي أو بيع أسهم بخسارة رغبة في تحويلها سريعاً إلى الطرح المجزي. وتمت المساواة في المعاملة بين كبار المساهمين وصغارهم في النسب، وتحييد استغلال التسهيلات البنكية بتعيين سقف أعلى وسقف أدنى للمكتتبين. كما ضيق أسلوب وفرص التلاعب الذي قامت به بعض البنوك مسببة نتائج عكسية أعاقت صغار المساهمين من الحصول على أسهم مكتتب بها. أما السؤال الثالث فيما يخص بكيفية تعيين آلية النسب والتناسب في الحصص فيبدو ان هيئة سوق المال وشركة الطرح تعرفان مسبقاً ان الفائض سوف يتعدى الـ30 مرة، وان افضل السبل لإرضاء معظم المكتتبين هو اتباع طريقة التخصيص بنسبة ما اكتتب به كل مكتتب. فإذا كان هناك أسهم وتم تغطيتها 30 مرة من ثلاثين مساهماً فإن كل مساهم يحصل على عشر ما اكتتب به. والطريقة تهدف أيضاً إلى الإيفاء بطلبات كل مكتتب وان كان الأفضل لكل مكتتب ان يكتتب بأكبر وبأعلى عدد ممكن له من أسهم الطرح، وكلما اكتتب المواطن بأعلى عدد من أسهم الشركة ارتفع نصيبه من تخصيص النسبة والتناسب. ونعتقد ان التعامل في طرح اتحاد اتصالات سوف يعتمد بصورة رئيسية على أساس النسبة والتناسب وان التعامل بالحد الأدنى بعشرة أسهم سوف يكون في حدود بسيطة.
| 
"الاقتصادية"