تحولات كثيرة في حياتنا اليومية وانعطافات ومنحنيات جديدة دخلت قواميس تعاملاتنا اليومية حين يبادرك احدهم بالسلام والسؤال فإنه لا بد من أن يردف كلمة (وش اخبارك؟ أو ما هي اخبارك؟)
يحضرني موقف مثل هذا تعرض له واحد من الرعيل الأول والذين ما اعتادوا الا حرارة السؤال وصدق الإجابة.. فما كان منه الا أن اجابه برد لاذع وصاعق قائلا: هل تعرف عني أنني مردد للأخبار؟ وهل صرت على زمنكم ناقل أو مردد للأخبار؟
التحولات لا شك أصبحت جلية.. واضحة.. والمتغيرات محسوسة وملموسة واصبحنا نتلقى الكدمات هنا وهناك واللكمات تتوارد على كل انحاء الجسد والانكسارات ترسو في موانئ القلب والمشاعر لتشكل تلاً من الارهاصات والمنغصات والأوجاع النفسية وكثير من الاحباط.
في مجالسنا تتناسل الأسئلة بل وتتوالد تباعا.. اسئلة بلا معنى في اغلبها وترديدها خروج على المألوف.. بل اذابة لهيبة المجلس وافقاده لوقاره.
تتكاثر الأسئلة وتتقاطع وتمطر الاجابات من كل حدب وصوب وتدرك حينها أن المكان استحال إلى مسرح للتهريج.. تصمت.. تمنح فكرك حرية التغريد خارج السرب.. يفاجئك احد الحضور بسؤال كالنيزك.. تلتزم الصمت.. تحاول الا تجيب.. تريد أن تهمش السؤال.. لكنك لا تستطيع ذلك فالكل يوجه نظره صوبك.. ينتظر اجابتك.. لكنك حينها تشعر بالخيبة.. يمنحك الاحساس بأنك تفتقد لغة تستطيع خلالها مخاطبة هذا الصنف من البشر! مخاطبتهم.. والتحدث معهم وبالأسلوب الذي يروق لهم أو هم يحسنون فهمه واستيعابه.
في مثل هذه اللحظات تدعوا بالرحمة لزمن العرف والمعرفة وتشفق على مدعي المعرفة والفهم.. تتساءل بينك وبين نفسك: هل انا الذي لا افهم..
لا أعرف ام ان من حولك شبيه ب(حمار القايلة)؟
هل أملك القدرة على الخروج من (دائرة العرف والمعرفة هذه) التي اجد نفسي فيها (كالاطرش)؟
هل لديك القدرة على مجاراتهم حتى نهاية منتداهم الليلي وتتمكن من الانسجام معهم او تغلق على فهمك بالضبة والمفتاح وتريح وتستريح أم أنهم سيخرجنوك من طورك؟
في زمن (البرتقالة والباذنجانة) تنتفي الحاجة الى الفهم وحين تركز نظرات الحضور على الشاشة والبرتقالة والباذنجانة تلامسان الأرض بأقدامهما الراقصة.. والصمت يجلل المكان والاجساد تتمايل مع تمايل الاجساد الرخيصة.. عند هذه اللحظة تستطيع الخروج من المكان دون توديع.. دون ان يشعر بك احد.. لكنك تشعر بأن الآخرين عبروا من الابواب الخلفية إلى زمن ليس لهم.. لا يعرفون كيف يتعاملون معه.. انهم مجرد أناس يحسنون الاكل والشرب والكلام.
من حقك أن تخلو بنفسك وتعيد ترتيب اوراقك.. بل وترتيب ايامك انت كما يحلو لك لا كما يحلو للآخرين.. فاليوم هو للبرتقالة والباذنجانة وغدا ربما يكون للبقدونس او الكراث.. واسلموا.
|