يوم في صنعاء
علي الخزيم

بتوفيق من الله حالفني الحظ نهاية الأسبوع الماضي، فتوجهت إلى صنعاء اليمن في زيارة قصيرة أمضيت جلها في التجوال بين أروقة معرض الكتاب الدولي الذي أُقيم هناك مؤخراً، ولفت انتباهي نفاد كميات من المعروض في الجناح السعودي، وعلل مسؤولو الملحقية الثقافية السعودية الأمر بحب اليمنيين للإصدارات السعودية حيث التلاقي والتلاقح الفكري، والتمازج المعرفي منذ القدم.. وشاهدت عند المخارج ما تحمله أيدي مرتادي المعرض، فإذا بها تعبق بنتاج جامعات المملكة، ومراكزها البحثية، ودور النشر المختلفة، علاوة على ما اقتنوه من أجنحة أخرى لا تقل أهمية عندهم. ووجدت في صنعاء خلال زيارتي الثانية لها فرقاً واضحاً منذ دخولي المطار، فالاستقبال والترحيب بالضيوف قد اكتسى جُملاً وعبارات أعطر مما كان قبل خمس عشرة سنة أو تزيد قليلاً، والوجوه في الشارع تبدو أكثر إشراقاً، والصحة في الأجساد والعقول تثبت ذاتها لتغيّر في ذهني نظرة سابقة، حديث التاكسي قد انتقل من الممجوج سابقاً إلى تذكيرك بالتراث اليمني والمعالم السياحية وأماكنها، ولا يعرض عليك خدمة تسويقية، إنما يحاول إظهار همة الوطني والدعوة لاستكشاف بلاده سياحياً مما يدل على قفزة في الوعي.
ولم أفرط في فرصة الاطلاع على صنعاء القديمة وباب اليمن حيث الأصالة في الطراز المعماري، والتعامل الراقي من أهل تلك القرية التراثية المتجددة بكرم أهلها البسطاء وسخاء عباراتهم ونبل مشاعرهم تجاه الضيف مهما كان، وهو أمر معروف حتى عند أهل صنعاء الجديدة وكل بقاع اليمن، وفي باب اليمن التراثي، وهو سوق شعبي تجد فيه صنوف الأحجار الكريمة والحلي القديمة والأزياء الفلكلورية المحببة، بقي أن أشير إلى أن اليمني طيب يلهث وراء لقمة العيش، غير أن البعض منهم لا يلهث وراءها إلا حين يضمن (التخزين).