حين نتحدث عن التعداد العام للسكان والمساكن، فإننا نتحدث عن جهد عملاق تبذله مصلحة الإحصاءات العامة. هذا الجهد فيه تكاليف مالية وبشرية ضخمة جداً، واستغراق وقت ليس بالقليل، إذ يجنَّد لهذا العمل آليات مدعومة بالمتابعات، وربما بالخوف الشديد من مغبة الإخفاق، ولا يزال التعداد يفتقر إلى رؤى جديدة ترفع من شأنه الماثل في هذه الآونة. يعتمد التعداد على دقة العدّ للسكان في ليلة الإسناد الزمني، وعلى هذه الليلة يتم حصر الأفراد في منازلهم، أي أن من لم يكن موجوداً في مسكنه في هذه الليلة فلا يدخل في حيز العد الفعلي، وكذا الحال في المواليد والوفيات. ولكي يتم إنهاء العد حددت مصلحة الإحصاءات العامة خمسة عشر يوما لهذا العد الفعلي، بعدها تأتي المراجعات المكتبية، ليصل الوقت إلى شهر كامل، وحددت مكافأة مالية لكل عداد ومراقب ومفتش، مقدار هذه المكافأة يصل إلى ستة آلاف ريال للعداد وضعفها للمراقب، ويزيد المفتش عليهما قليلاً، لكونه هو والمراقب أطول مدة من العداد؛ أي أن هنالك أموالاً تهدر، ووقتاً يطول، والهدف هو الحصول على معلومات من السكان والمساكن.
لا شك أن لبعض الدول تجارب جيدة في هذه المضمار، وهي تجربة أراها جيدة ومتناسبة مع مجتمعنا، ولا غبار من الأخذ بها، وجعلها آلية تطبق في تعداد آت.
هذه التجربة نجحت نجاحاً منقطع النظير، بتكلفة أقل، وفي مدة قصيرة جداً، وكيفية هذه التجربة هي أن يتم إعلام المواطنين قبل عملية العد بأسابيع قليلة بأن يبقوا في منازلهم ليوم واحد تحدده المصلحة، وهو أشبه بعملية حظر التجول، ثم يجند لهذا العد مجموعة كبيرة من العدادين الذين تم تدريبهم، فينتشرون في الحي الواحد، ليكون نصيب الواحد ما يقارب ست عشرة أسرة، فينتهي العد في يوم واحد فقط، وهم بذلك قد قللوا من حجم المكافآت، والأهم من ذلك سرعة العد للسكان والمساكن.
إن هذه التجربة لا شك أنها تعدّ من التجارب الممتازة، وهي تريح كثيراً من العدادين من حيث سهولة وجود الأسر، كما أنها لا تزعج الأسر، وبالتالي تجد مصلحة الإحصاءات العامة نفسها إزاء مهمة سهلة ودقيقة، كما أنها قليلة المآخذ إن وجدت.
|