** مستقبل المزارع ما زال مجهولاً.. لأن وزارة الزراعة ليست واضحة.. ووزارة المياه ما زالت في طور النمو وإعداد الخطط وعسى ألا تكون خططها مثل خطط الاتصالات والكهرباء (ما عنَّنا وعن جيبك..)!! وهل غيرنا أحد؟!!
** والمزارعون - الله يرحم حالنا وحالهم - بدلاً من مرجعية واحدة يعرفون كيف يتعاملون معها، صار لهم مرجعيتان.. كل واحدة تسابق الأخرى في سن الأنظمة واللوائح والقوانين.. التي تجعلهم يحبطون ويجزمون أن المستقبل أمامهم مظلم..
** الناس تتحدث عن عدادات على مياه آبار المزارع، وتتحدث عن ضوابط وقيود ستفرض على المزارع..
** وتتحدث عن أن هناك استراتيجية تقول: إن استيراد الخضار والفواكه من الخارج أفضل من زراعتها محلياً، مع الجور على مخزون المياه واستهلاك المياه في بلد صحراوي جاف كالمملكة.. ولأن حاجتنا الماسة إلى مخزون مائي أهم بكثير من حاجتنا إلى كوسة وقرع وبصل وكراث.. ولأن الناس صارت تتسابق على زراعة النخيل، حتى صارت النخيل في بعض المزارع تُعد بعشرات الآلاف.. فكيف تُسقى وكم تستهلك من المياه؟
** المزارعون اليوم مرتبكون، ويُحرِّجون على مزارعهم.. والمزرعة المشتراة قبل سنين بثلاثة ملايين تباع اليوم بمائتي ألف.. والمزرعة المشتراة بمليون بيعت- بالفعل- بسبعين ألفاً بكامل معداتها.. ذلك أن المزارعين بالفعل يخافون من المستقبل، ولا يدرون ماذا يحمل.. ولا ماذا تخطط له وزارتا الزراعة والمياه؟
** أضف إلى ذلك.. أسعار الديزل أو (قَطّاع الظَّهَر) كما يقول المزارعون.. التي طارت حتى صار الوايت الذي يُشفط في نصف شهر بـ(8000) ريال.. وحتى قطع الغيار والماكينة والصيانة نار.. وحتى المبيدات والمستلزمات الأخرى بفلوس.. أضف إلى ذلك رواتب العمال والتزاماتهم واستحقاقاتهم.. الأخرى.. ولا تنس عداد الكهرباء، فالمسألة كلها خسارة في خسارة..
** فهل هناك توجه فعلي لتقليص الزراعة المحلية.. بعد أن تأكد للجهات المسؤولة أنها جارت على المياه، وأننا مهددون بالعطش، وأن مياه التحلية ليست خياراً استراتيجياً في زمن الأزمات- لا سمح الله- وأن استمرار شفط المياه في سنوات مضت- أيام كيلو القمح بثلاثة ريالات- جاءت على كل شيء؟
** اليوم، كيلو القمح بريال.. وقيل إنه سيكون بنصف ريال، ومعنى هذا.. هو مغادرة آخر مزارع لمزرعته، ونهاية شيء اسمه قمح محلي.. أو شعير محلي.
** في سنوات (الثلاثة) للكيلو الواحد حصلنا على جوائز دولية، بل هي الجائزة الأولى في إنتاج القمح.. وبعدها بسنوات خُفِّضت الأسعار وهُجرت المزارع المنتجة، وصار (الرشاش) بدلاً من (360) ألف ريال.. بـ(40) ألفاً، وصارت المزارع في صدر الصفحات للإعلان عن بيعها.
** اليوم.. تتكرر المشكلة بعد فصل وزارة الزراعة إلى وزارتين، وتسابق الوزارتين إلى سن الأنظمة والقوانين التي تحفظ ثروة المياه وتحفظ حقوق الجهات المعنية، وتقلل من الإنفاق على الزراعة.
** وزارة الزراعة من أكثر الوزارات صمتاً وسكوتاً، ومن أكثر الوزارات غموضاً.. وبالذات في السنوات الأخيرة.. حتى اشتراكاتها في الصحف خُفِّضت، بل قُطعت قطعاً نهائياً في البعض الآخر.. وآثرت الوزارة السكوت، ولو حصل لهم إغلاق البوابة الخارجية للوزارة لما تأخروا.
** ووزارة المياه تهدد وتتوعد.. ولا ندري ماذا سيستقر عليه وضع المزارعين ووضع الزراعة المحلية.
** هل الاستراتيجية والخطط تحث على التوسع في الإنتاج المحلي، أم تحث على تقليصه؟
** أم أنها لم تحث على هذا أو ذاك.. والمسألة سيان؟
** هل في خطط وزارة الزراعة مثلاً.. مساعدة المزارعين والدفاع عنهم وعن حقوقهم وتذليل العقبات أمامهم وتفهم مشاكلهم والتحاور معهم عن قرب؟
** أم أن كل همها هو سن القوانين والأنظمة واللوائح التي (تُفرمل) للمزارعين وتحد من تحركهم ونشاطهم؟
** بعض المسؤولين يُخيل له أول ما يمسك الموقع.. أن همه وهاجسه ودوره (رقابي) فقط.. وأن شغله كله هو: حاسب.. واضبط.. وطارد.. وعاقب.. وافصل.. وامنع.
** والبعض الآخر من المسؤولين.. يدرك أن دوره هو مساعدة الآخرين ودعمهم وتفهم مشاكلهم والتحاور معهم والنزول إليهم واحتضان قضاياهم والدفاع عنها والتخطيط لهم وتوسيع نشاطاتهم.
** هذا هو الفرق.. وفرق كبير بين مسؤول يفكر في مصلحة الناس وبين مسؤول كل تفكيره في (التمديد) والترزز.. والبربرة على أعمدة الصحف.
** المزارعون اليوم.. لا يدرون ماذا يحمل لهم المستقبل، ولا ماذا يخطط لهم.. وماذا سيصدر بكرة.. أو بعد ساعة.. ولا ماذا في دهاليز وزارتهم، وأبعد ما يصلون له.. الصادر والوارد.. و(جيزهم.. جيز غيرهم) من اخوانهم (السادة الكرام المواطنين).
** أيها المزارعون.. إذا كان أولادكم وبناتكم يتوسدون شهاداتهم وملفات طلب الوظيفة، فتوسدوا (طْرِمْبَةْ) الديزل.. والمثل الشعبي يقول: (إذا كثرت همومك.. نِم) والسلام.
|