* دمشق - الجزيرة -عبد الكريم العفنان:
رغم تباين الردود على التعديل الوزاري في سوريا، لكنه بلا شك جاء وسط حدث سياسي سوري وإقليمي، يوحي بأن دمشق تسعى لاختراق آليات السياسة الاعتيادية على الصعيدين الداخلي والإقليمي.
فالتعديل كان مفاجئاً، ويحمل مداليل على أن السياسة الحكومية تسعى لإيجاد تحول حقيقي على المستويين الاقتصادي والإداري.
وإذا كانت معظم الأوساط السورية تحدثت منذ فترة عن حكومة جديدة، وعن ضرورة تعجيل الإصلاحات، فإن التعديل الجديد جاء عملياً بشكل لم يكن متوقعاً، ولم تستطع معظم وسائل الإعلام المتابعة للشأن السوري رصده.
السؤال الذي رافق هذا التعديل تمحور حول مؤشراته، على الأخص أنه طالت حقائب لم يكن من المتوقع أن يتم تسليمها لوزراء جدد كانوا مستبعدين من احتمال استبدالهم بوزراء جدد، وعلى الأخص حقيبة الداخلية التي عدها مصدر مطلع شأناً جوهرياً في الوزارة الحالية.
وقال المصدر ل (الجزيرة) أن التعديلات الحكومية في سوريا باتت تظهر أن عملية الإصلاح تشكل وضعاً تفاعلياً، فلم يعد مسألة التعديل مرتبطة بدورة تشريعية أو غيرها، بل بالأداء الحكومي وبالتوجهات السياسية العامة.
وحول تعيين غازي كنعان وزيراً للداخلية بيًن المصدر أن هذا الأمر لا يرتبط كما يوحي في ظاهرة بتبدل في السياسة الداخلية السورية، معتبراً أن موضوع السن يمكن أن يدخل في مثل هذه الاعتبارات.
كما ركز المصدر على أن التعديل الحالي جاء بناء على مرسوم جمهوري، مما يدل على أن الأمر مرتبط بالسياسات العامة وهو يجري ليس فقط بسبب الداء الحكومي، وإنما ليواكب واقع الحياة السياسية السورية.
فالتغيير في الحكومة جاء لحاجات عامة وفق مقتضيات المصلحة وأهداف التطوير.
ويعتبر التغير الحالي وفق نفس المصدر مهما على اعتبار:
أولا: أنه طال حقيبة الاقتصاد، في فترة تفرض فيها الولايات المتحدة عقوبات على سوريا، كما أن اتفاقيات الشراكة الأوروبية ما تزال تقف عند نقطة تستوجب توقيعها.
وعد المصدر أن وضع أستاذ من جامعة حلب عوضاً عن غسان الرفاعي الذي كان خبيراً للبنك الدولي، يعبر عن توجه محلي في الاقتصاد يسعى لخلق حالة انسجام بين ما أضفاه.
ثانياً: حقيبة الصحة التي أسندت للدكتور ماهر حسامي عوضاً عن الدكتور إياد الشطي، وهو من أقدم الوزراء الذي بقي في حكومة العطري، دليل أيضاً على سعي حكومي لإعادة صياغة بعض الوزارات.
على الأخص أن الدكتور حسامي كان من المشهود لهم بحسن الإدارة لمشفى الأسد الجامعي وهو من أكبر مشافي سوريا.
ثالثاً: إسناد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للبرفيسورة دلال الحاج عارف هو دليل على تفعيل هذه الوزارة، بعد أن بقيت سنوات دون فاعلية واضحة أو دور مهم في الحياة السورية.
رابعاً: جاءت مسألة حقيبة وزارة الصناعة في وقت تسعى فيه الحكومة لهيكلة القطاع الصناعي، كما أن تصفية بعض الشركات الصناعية من القطاع العام يعبر أيضاً عن سياسة صناعية واقتصادية جديدة في سوريا تستوجب بعضاً من التعديل. وعد المصدر أن التقلبات السياسية الإقليمية ربما لا يكون لها تأثير مباشر، ولكن بلا شك فإن دمشق تدرك أن سياستها الداخلية لا يمكن فصلها عن الوضع الإقليمي في ظل الظروف الراهنة.
|