لفترة زمنية امتدت ما يقارب من خمسة عشر عاماً شغل اسم الأمير مساعد بن عبدالرحمن منصب وزير المالية والاقتصاد الوطني خلال فترة امتدت من عام 1381هـ إلى عام 1395هـ، والتصق اسمه أكثر بتاريخ الملك فيصل، فما من مؤرخ وباحث يعرض لفترة حكم الملك فيصل وسياسته الداخلية إلا ويعرض لاسمه ولدوره في انعاش الاقتصاد الوطني وضبط الميزانية العامة.
وتمتد تجربة الأمير مساعد بن عبدالرحمن الإدارية والسياسية على فضاء اثنين وعشرين عاماً تنقل خلالها في مناصب مختلفة، فمن مستشار للملك سعود، إلى رئاسة ديوان المظالم، ومراقبة حسابات الدولة، إلى عضوية مجلس الوزراء إلى وزير للداخلية ثم وزير للمالية والاقتصاد الوطني.
وإذا كانت معظم المؤلفات التي تقدم مساعد بن عبدالرحمن تقدمه من خلال تاريخ ودور الملك فيصل في فترة حكمه وسياسته الداخلية على وجه التحديد مما جعل هذه الشخصية لا تأخذ حقها الكامل من التدوين، وتتوارى خلف تاريخ الشخصيات الأولى وتقدم من خلال إنجازاتهم.
وتاريخ الأفراد الذين ساهموا بأدوار واضحة وفي صياغة أحداث معينة أو المساندة فيها هو ما تتطلبه الدراسات التاريخية المعاصرة حالياً، فتاريخ كل أمة لا بد وأن يقرأ من كل جوانبه وأن تسبر أغوار كل شخصياته بعد أن أخذت الشخصيات الرئيسة نصيباً من الدراسة والتوثيق.
للأسباب السابقة ولاهتماماتي العلمية والبحثية وحتى الوطنية أسعدني صدور كتاب (الأمير مساعد بن عبدالرحمن آل سعود في حوارات تلفزيونية توثيقية وقراءات في سيرته وشخصيته) لمؤلفه الدكتور عبدالرحمن الشبيلي عضو مجلس الشورى وصاحب التجربة الإعلامية الكبيرة التي جعلت منه رائداً في مجاله.
ويقع الكتاب في 156 صفحة من القطع المتوسط وزود بكشاف عام وملحق للصور الخاصة لمناسبات مختلفة تخص الأمير مساعد بن عبدالرحمن، كما ساهم في إعداد بعض صفحات الكتاب كل من الدكتور عبد العزيز الخويطر، والشيخ صالح الحصين، والأستاذ ناصر المنقور الذين كانوا على صلة بالأمير مساعد بن عبدالرحمن.
ميزة الكتاب أنه يقدم المترجم له بنفسه بمعنى أن مساعد بن عبدالرحمن يقدم نفسه من خلال أجوبته على لقاءات تلفزيونية أجراها معه الدكتور الشبيلي في فترة سابقة، وهذه الحوارات تمت في برنامج مؤتمر صحفي (عام 1392هـ) وبرنامج شريط الذكريات (عام 1397هـ، والذي سجل على حلقتين).
ومن خلال ردود الضيف على أسئلة المضيف تتكشف حقائق ومعلومات بعضها يعد معروفاً وبعضها يكشف عنها النقاب لأول مرة، ومما لا شك فيه أن هذه المعلومات تعد من الجانب التاريخي على درجة كبيرة من الأهمية، إذ توضح ثغرات في تاريخنا المحلي، كما أنها تكشف عن جوانب بحاجة للتوضيح، وقد كان الدكتور الشبيلي محقاً بقوله: (قد يكون الزمن تجاوز بعض المعلومات التي وردت في برنامج) مؤتمر صحفي (لكن المؤلف وجد في تثبيت المقابلة في هذا الكتاب توثيقاً لها من ناحية، وتبياناً لما كان يتسم به الأمير مساعد من ثقافة اقتصادية وعمق معرفي في مجال الإدارة، وقدرة متميزة على قراءة التحولات الاجتماعية التي تمر بها البلاد. وخاصة أن المقابلة تمت خلال مرحلة الطفرة الاقتصادية التي مرت بها المملكة في منصف التسعينات الهجرية (السبعينات الميلادية) من القرن المنصرم، والمقابلة في تركيزها على الأمور الاقتصادية وهي مجال عمل سموه في تلك الفترة غلب عليها الطابع الرسمي وقد تمت في أثناء توليه وزارة المالية والاقتصاد الوطني.
أما المقابلة التالية وهي من جزأين وقد أجريتها بعد سابقتها بنحو أربع سنوات، فهي من نوع مختلف، إذ يغلب عليها الطابع التاريخي والسياسي وقد أجريت مع سموه بصفته الشخصية وبعد أن انتهت علاقته بالوظيفة الحكومية، كما أن طبيعة البرنامج كانت تركز على فترة تأسيس المملكة، وعهد الملك عبدالعزيز).
وبعد:
إذا كانت معلومات الكتاب تقدم لنا الأمير مساعد بن عبدالرحمن آل سعود إدارياً واقتصادياً متمكناً على الجانب الوظيفي وشخصاً يتسم بأخلاقيات عالية ورفيعة على الجانب الإنساني، فهي تقدم لنا الدكتور عبدالرحمن الشبيلي مذيعاً ومعد برامج قدير له معرفة واسعة بأصول وقواعد العمل الإعلامي الناجح، وفقه الله إلى اصدار أعمال أخرى مثيلة.
|