Wednesday 6th October,200411696العددالاربعاء 22 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

مركاز مركاز
ثلاث ورقات ثقافية
حسين علي حسين

- 1 -
قبل ربع قرن كنت أعمل في جريدة المدينة بجدة، وكان السيد محمد حسن فقي يزورنا بين وقت وآخر ليشرب القهوة مع الأستاذ أحمد محمد محمود رئيس التحرير، وليراجع مع الخطاط المصحح الذي خصصته الجريدة لكتابة وتصحيح قصائده التي تنشر أسبوعياً إضافة إلى الرباعية التي تنشر يومياً على الصفحة الأخيرة. وكانت قصائده تخط أو تكتب باليد وكانت الجريدة تحرص على أن لا تكون هناك أي أخطاء، لأن السيد كان حساساً في هذه النقطة بالذات، لذلك يأتي بنفسه ليقرأ القصيدة وليصوب ويصحح ما يشاء، وكان من يقوم بالخط والتصحيح رجل من أحباب السيد، محب له ولقصائده لذلك تجده يجلس أمام كل قصيدة جديدة، وكأنه جالس أمام لوحة جميلة، لا تحتاج إلا لمن يبرزها للناس، بالخط الجيد والبنط العريض.
وهو يستأهل ذلك وأكثر، فقد كان ما يكتبه ينم عن شاعر عظيم ضيعه أهله، شاعر ينطق حرفه بالحزن والأسى، الحزن على ما ضاع والأسى على ما يرى في كل مكان من عالمه العربي.
كان السيد محمد حسن فقي رجلاً أنيقاً في ملبسه وكلماته، ولم يكن ثرثاراً فقد كانت كلماته قليلة وطلباته أقل، إذا قيس بغيره من كتاب ذلك الزمان، لكن ما يثير التساؤل دائماً وأبداً، لماذا تغرق قصائد محمد حسن فقي في كل هذا الحزن والأسى؟ مع أنه من أسرة عاشت وتعيش في بحبوحة من العيش والجاه، وهو نفسه أخذ من الدنيا كل ما يتمناه إنسان: المال والمناصب والشهرة، فلماذا الحزن إذا؟ إن ذلك سؤال - ببساطة - لا يوجه لشاعر، فهو مثل العصفور لا يمكن أن تسأله لماذا تغرد، فالحزن أحياناً لون من التغريد، لقد كان تولستوي حزيناً على الدوام رغم الأموال والضِّياع والشهرة الواسعة.
الحزن هو الشيء الوحيد الذي لا علاقة له بالمال أو الجاه أو الراحة.. وإلا فلماذا لا يكثر الغناء العذب والقصائد الشفيفة والنكتة والمرح إلا عند بسطاء الناس، بل مهمشيهم؟
لقد كان محمد حسن فقي شاعراً عظيماً ولو عاش في مكان آخر لكانت مكانته أكبر والاحتفال بإنتاجه أوسع مما نراه ورأيناه، ويبقى الآن أن نسأل كالعادة كيف نكرم شاعراً بهذه القامة، وبذلك الخلق وقبل ذلك كله بكل تلك الموهبة المتدفقة، التي أفرزت مئات القصائد والمقالات.. رحمه الله رحمة واسعة.
- 2 -
لن تجد أحداً راضياً عن نفسه أو راضياً عن غيره، فهذه سنة الله في خلقه، لذلك لم أستغرب ما كتب وقيل في أو عن المؤتمر الأول للمثقفين السعوديين، ولن أورد ما قيل مدحاً أو ذماً، وهو كثير، لكنني أعتقد بأن مجرد انعقاد مثل هذا المؤتمر يعد مكسباً لنا ولثقافتنا، صحيح أن الآمال كبيرة والمطالب أكبر، لكن الصحيح أيضا وأيضا، أن حقول الألغام الثقافية كثيرة وهي تحتاج إلى من يوغل فيها برفق، وكل ما سمعناه وشاهدناه في هذا المؤتمر، أعطانا مؤشراً بأن الثقافة في بلادنا سوف تسير في الطريق الصحيح، متى ما أزاحت من طريقها الأوصياء، الذين يريدون بسط ظلهم وقناعتهم في شأن من شؤون الثقافة، إننا لا نطمع في تحقيق كافة التوصيات، فهذه أحلام، ولكننا نطمح في أن يعطي القائمون والمنظمون أو الراعون لهذا المؤتمر مؤشراً بأن قافلة تصحيح المسار ستنطلق، بدءاً من تسمية وكيل للشؤون الثقافية ومجلساً أعلى يضم شتات الثقافة، وقبل ذلك غربلة جادة لما نراه ونلمسه في المكتبات العامة والنوادي الأدبية، وغيرها من الأجهزة التي تهتم بالشأن الثقافي، فهذه هي البداية، التي علينا أن نقوم بها سريعاً حتى لا يطمر النسيان الجذوة الثقافية التي شهدنا مؤتمرها الأول قبل أيام!
- 3 -
هذا العام كان معرض الكتاب الذي أقيم بجامعة الملك سعود جيداً، كانت الرقابة خفيفة والمعروضات حديثة، وعدد دور النشر درس بعناية، فاختفت الدكاكين، وحلت تلك الدور التي لديها ما يباع ويقرأ، لكن هذه الجودة لا تكتمل إذا لم نضع حداً لتضييق الأوقات المخصصة للمرأة، فلا نعتقد أن الرجال يقرأون أكثر من النساء، ولا نعتقد أن للرجال ميزة تجعلهم يأخذون أسبوعاً كاملاً ويعطى للمرأة يومان فقط، يوم صحيح ويوم نصف ميت!
وهناك هدر آخر اسمه المحاضرات تحرص الجامعة على وضعها مع المعرض مع أنها تعرف والجميع يعرفون أن أغلب المحاضرات التي تقام في معارض الكتب لا يحضرها إلا من يلقيها وإذا كان محظوظاً حضر معه حواريوه، هذا إذا كانت المحاضرات تقدم شيئاً مفيداً ومطلوباً!
أما النقطة الأخيرة فهي أملنا بأن لا يكون في المعارض القادمة (فيتو) على كاتب أو موضوع، فالمنع والتهميش يخلق من أقزام الكتاب عمالقة! وكل معرض وأنتم بخير!!

فاكس 014533173
Email:


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved