قرأت في الجزيرة العدد 11691 عزم أعضاء الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين عقد اجتماعهم العمومي الاثنين 20-8-1425ه وبهذه المناسبة يحلو الحديث حول هذه القضية المؤرقة قضية التدخين، فمن منطلق ديني، خلقي، صحي واقتصادي منعت الدولة تعاطي التدخين داخل الإدارات الحكومية وحذرت من تعاطيه داخل المطارات وأثناء الرحلات الجوية والبرية بما في ذلك القطارات وسيارات الأجرة. فالتدخين واحد من معوقات التنمية إلى جانب ضرره على المدخن وبه يشقى جلساؤه لكثرة مشاكله الصحية، إذ تؤكد المصادر الطبية وجود مدخنين غير مباشرين يصيبهم ما يصيب المدخن من أمراض ان لم تكن أشد فتكاً. ولا عجب ان رأينا العالم الصناعي ينهى أفراده تعاطي التدخين لبشاعة اثره على صحة الفرد والجماعة لدرجة وضعه ضمن قائمة المسببات للوفاة. وحكومتنا - وفقها الله- تنبهت لهذا الأمر وأصدرت التعليمات للحد من تلك الأضرار وذلك بمنعه في الأماكن العامة وأيضاً افتتحت العيادات المتخصصة لمعالجة المدخنين ومساعدتهم على تركه إلا ان هذه العادة الكريهة لازالت تلقى استحبابا لدى فئات من الشباب والفتيات بما في ذلك تعاطي الجراك والذي لا يقل عن السيجارة فكلاهما مصدر خطر وازعاج، وأمام هذا التهافت على بريق البكتات ورؤوس الشيش وعدم الاصغاء للارشادات والتحذيرات المكتوبة والمسموعة ألا يحسن التفكير في طرق اكثر ملائمة لمساعدة هؤلاء المخدوعين والمتورطين بتلك العادة كأن يحصل الموظف عند تركه التدخين على علاوة أو ترقية أو مكافأة مقطوعة أو نقل إلى جهة يرغبها وربط التعيين الوظيفي والالتحاق بالتعليم الجامعي بأن لا يكون المتقدم مدخنا. أعتقد أن الموضوع يستحق التضحية بشيء حتى لو كثر أو بلغ حد القسوة من أجل تخليص الشباب من مشاكل صحية ومادية وهي مشاكل لا تتوقف على شخص المدخن وحده والذي ما ان يصاب بأحد الأمراض حتى تتداعى الأصوات لانقاذه، فنجد الأسرة مهمومة لمعاناة الابن او الابنة والمستشفيات مجندة لإجراء الفحوص والمعالجة والأعمال تتراجع مستوياتها بترك الموظف للعمل والنتيجة خسائر متوالية بسبب تلك السيجارة الساحرة والقذرة في وقت واحد.
نتمنى أن نرى خطوات تتخذ لمعالجة الأمر بشكل عملي أما المنع الخالي من المتابعة وفرض الجزاءات فلن تقدم لهؤلاء المرضى خدمة تذكر، فالموظف ان امتنع عن التدخين داخل المكتب فسوف يكثر خروجه إلى سيارته أو المقهى المجاور لعمله وان اكتشف غيابه فالاعذار كثيرة مع ان بعض الزملاء يغطي هذا الغياب بحجج غير صحيحة لدرء المساءلة عن صاحبهم ويرون في ذلك شهامة مع انهم بتصرفهم هذا أضروا بالمصلحة العامة وبالمراجع وساعدوا على استمرار الحالة وابقائه دون تدخل يعيد التوازن لجوانب العملية وحفظ المصالح العامة.
نرجو أن نرى حلولا سريعة بما في ذلك منع بيعه للصغار والكف عن التدخين بين أفراد الأسرة وداخل السيارة وفي السوق والتشديد على كل من يخالف الأنظمة بالعقوبات والجزاءات الموازية للأضرار المتوقع حدوثها من التدخين وتكثيف برامج التوعية لتلك الفئات وبخاصة من يندبون اولادهم إلى البقالات ومحلات البيع لشراء علب السجائر. وليتق الله أولئك المفرطون في أماناتهم. فالرعاية تعني الاخلاص والنصح لمن استرعاهم الله عليهم من زوجة أو بنت أو ولد. وما نراه من تدخين أمام الزوجة والأولاد وفي غرف صغيرة وداخل مقصورة السيارة مخجل ويدعو للقلق، فالكل بطبيعة الحال مدخنين بفعل تصرف هذا الولي المفرط في امانته والجميع سيعاني من هذا الدخان سواء كانت هذه الوعكات أمراضاً صدرية أو غيرها. فهل ننتبه لهذا الخطر قبل ان يلتهم اجسامنا واموالنا وما نسمعه ونقرؤه من احصائيات عن نتائج التدخين خير دليل واكبر شاهد على مضاره ومصائبه.
عبدالله بن عبدالرحمن الغيهب |