المذابح في فلسطين والعراق

تشن الولايات المتحدة وإسرائيل حروبا غير متكافئة ضد الشعبين الفلسطيني والعراقي بمبررات لا تقنع أيا من كان، حتى الذين يروجون لها، ومع ذلك يتم ترديدها حينا بعد الآخر لتصبح هي ذاتها (المبررات) نوعا من القهر الذي تمارسه الدولتان على شعوب المنطقة..
وبينما تستعر الحرب الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ويجري التنكيل بسكان المخيمات في شمال غزة الذين يعايشون أصلا ظروف الضنك ومصائب الاحتلال والفقر، فإن الحرب الأمريكية على العراق تصاعدت بوتائر أسرع وصارت جثث الأطفال والنساء التي يتم انتشالها من تحت أنقاض المنازل التي تدمرها الطائرات الأمريكية من المشاهد المألوفة، ويتم عرض الصور مع الصوت المصاحب الذي يتحدث عن عمليات أمريكية ناجحة ضد المسلحين العراقيين، لكننا لا نرى إلا أجساد الاطفال القتلى والجرحى، ولا يعرف ما إذا كانت صفوف المقاومة العراقية باتت تتسع لفيالق المواليد الذي قد نسمع مع مرور الوقت إنهم باتوا ينفذون عمليات انتحارية.
فالمنطق الذي يتم به تبرير هذه الجرائم هو من نوع المنطق القسري الذي يجب أن تقبل به !! هذا التزامن في حروب الإبادة الإسرائيلية والأمريكية، يعكس التوافق السياسي والتنسيق الرفيع بين مواقف البلدين والسيناريو الذي يجري إعداده بين الدولتين تجاه المنطقة، فالولايات المتحدة تغض النظرعن الجرائم الإسرائيلية، بينما تنشط إسرائيل من جانب آخر في العراق لتقديم خدمات لاغنى عنها لآلة الحرب الأمريكية، حيث تتحدث التقارير عن اختراق استخباراتي إسرائيلي للعراق ولجماعات فيه، وتنفيذ عمليات من شأنها التمهيد لضربات أمريكية، هذا فضلا عن العمليات التي تنشط فيها إسرائيل وتمثل عملا خاصا لها في العراق، وبالذات تلك المتعلقة بتجريد العراق من كنوزه الأثرية التي تعول عليها إسرائيل كثيرا لتزوير التاريخ لمصلحتها، إلى جانب نشاطها المعروف في تصفية الكفاءات العلمية العراقية، وهو الأمر المتمثل بصفة خاصة في تصفية العلماء وأساتذة الجامعات، فإسرائيل تنظر باهتمام إلى الصراع مع العرب باعتباره صراعا حضاريا يستوجب تجريد الطرف الآخر من أية عناصر قد تقوده الى إحراز نقلات تنموية وحضارية بما يمكن أن يعزز ويقوي الوجود السياسي والعسكري والاقتصادي..
ومن ملامح هذه الاستراتيجية تمرير الخطط الخاصة بالسلام الذي تراه إسرائيل وليس السلام العادل والشامل الذي يعيد الحقوق العربية..ويبقى في النهاية الإشارة إلى هذا الصمت الدولي المطبق تجاه ما يحدث، وكأن العالم بانتظار وصول الأمور إلى درجات أعلى من التصعيد التي قد تعني الإبادة الكاملة..