قد لا يدومُ لكم فوق التراب أبُ
يكابد العيش عنكم ليس يضطربُ
قد لا يظلّ لكم ظِلٌّ يظلكمُ
تحنو المشاعرُ والآمالُ والهدُبُ
قد لا يعيش لكمْ قلبٌ يكنّكُمُ
وتتّقون به الأهوالَ إذ تثِبُ
وترقبون خطاهُ كلَّ ثانيةٍ
وتحسِبون وما يعيا لكم سبب
يسابقُ الطّير فجراً في انطلاقتها
ولا يسابقها واللّيل يقترب
تحلو الحياة لذي وجْدٍ يعاقرها
وحلوُها لأبيكم - إن صَفَتْ - تَعَبُ
ولم يغامر لجاهٍ بعضُه كذِبٌ
وهل يدوم بناءٌ شابه الكذب؟!
ولم ينافسْ على مالٍ ومغنمةٍ
كم أهلك القوم شحٌّ راح يكتسب
ولم يعشْ لحظوظٍ باتَ يرقبها
كليلُ عزمٍ متى فاتتْه ينتحب
ولم يكن لسرابِ الوهمِ متبعاً
وكم تخطَّفَ قوماً.. كلَّما ذهبوا
لكنَّه عملٌ يرجو مثوبتَه
مجداً وفي ذاته لله يحتسب
ورحلةٌ في طريقِ الحقِّ ما خَنَستْ
وموقفٌ تتسامى نحوه الشهب
ناداكمُ وهو يوصيكم ويحفزكمْ
وليس أحدبَ والآفاقُ تلتهب
والعمرُ ينسلُّ والعلاّت قد غرزت
أظفارَها والمنى يغتالُها الصخب
وهذه الفتنُ السوداءُ باسطة
راياتِها، والمنايا موكبٌ لجب
وما انجلتْ كربةٌ أو قيل قد فُرِجَتْ
إلا أتتْ خلفها تدافع الكُرَب
لا تيأسوا رُبَّ يأسٍ ساقَ صاحبَه
إلى بَلاءٍ كهذا الليل ينتصب
عيشوا بإسلامكم دنيا يتوق لها
ذو العقل لم يطوها لهو ولا لعب
وابنوا بدنياكُم صرحاً يطيب لكم
حصناً حصيناً وتعلي مجده الكتب
وكم دعاكم إلى بذلٍ وتضحيةٍ
وكمْ تخولكمْ بالوعظِ ينسكب
من يزرع اليوم يفرح بالحصادِ غداً
وليس يحصدُ من ناموا ومن لعبوا
وقال: مهرُ العلا أن تطلبوا شرفاً
وليس يعجزكم إن شئتُم طلب
واختار أن يضربَ الأمثالَ توقظكم
من السّبات ويسمو نحوها النُّجُب
خوضوا بعزم المعالي لجةً عرضت
لا يستحيل عليكم عندها أَرَب
فاز المجدّون حتى لا ترى أحداً
منهم يمزّقه الإحباط والسغب
أما الكسالى فلا يبكي مصابَهم
إلا ثكالى سيؤذيهن ما ارتكبوا
صونوا وجوهكمُ عن ذلّ مسألةٍ
إلا إلى الله يؤتي الخير من طلبوا
وما السؤالُ سوى أمرٍ وكلتَ به
تنالُ من ربِّك التوفيق إذ يهب
وقال: للناس أخلاقٌ بها عُرفوا
إما الجميل الذي يُجلى ويُنتخب
أو القبيحُ الذي تؤذي الحياة به
ينالها النقص والإفلاس والرّيبُ
خذوا الجميل كما شئتم ليرفعكم
في سلّم المجد، لا تغريكُم الرتب
وادعوا لذي القبح حتى يستقيم ولا
تتّبعوه فتلقوا فوق ما يجب
ونافسوا ما استطعتم.. للعلا، ولكم
من غيركم عبرة تجلى بها الحجب
من لم يكن للمعالي هب منتسباً
فليس يرفعه في غيرها نسب