لست هنا لأتحدث.. عن المرأة.. ولا حتى عن عمل المرأة.. تلك القضية التي شغلت الأوساط.. بل شغلت العالم.. من طوكيو إلى لوس أنجلوس.. ومن روسيا إلى جنوب أفريقيا..
** عمل المرأة.. أو هموم وشجون المرأة.. هي الشغل الشاغل لكل مؤتمر ومهرجان ومنتدى وملتقى.. وندوة ومحاضرة ودراسة.. وصارت (المرأة) تدخل في كل حيز..
** أصبحت كلمة (المرأة).. مثل عبارة (نشجب) أو (نستنكر) موجودة في كل بيان عربي أو إقليمي أو دولي..
** المرأة.. حوَّلت نفسها إلى قضية.. بل أرادت أن تكون قضية.. مع أن المسألة بسيطة.. أو أقل من بسيطة..
** والحديث عن عمل المرأة.. وحول مجالات عمل المرأة.. يكثر.. وتكثر الدعاوى والحكايا.. وقد يكون منها.. الصحيح.. وقد يكون منها.. المختلق.. وقد يكون منها.. ما يحمل أساساً صحيحاً.. وزيد عليه.. وهكذا..
** يقولون.. إن هناك أكواماً وأكداساً من النساء بلا وظائف.. وهذا.. قد يكون أمراً طبيعياً.. ذلك أن مجالات عمل المرأة في أي مجتمع.. محدودة.. أو شبه محدودة.. فالمرأة.. لا تعمل في الجيش.. ولا في المعامل.. ولا في المصانع.. ولا في المناجم.. ولا في أي عمل يحتاج إلى قوة وعضلات.. ولا حتى العمل الشاق المجهد ذهنياً.. إذ يندر أن تعمل في الجراحة الطبية.. وتكون مرموقة ومشهورة.. وهكذا الوظائف الهندسية والمعمارية.. فلا يوجد امرأة ميكانيكية أو مهندسة مدنية أو معمارية تقبل بالعمل في الطرق والعمائر.. وهكذا..
** ولأن المجالات ضيِّقة.. والخريجات بالأكوام.. فالمسكينات يركضن هنا وهناك.. بحثاً عن وظيفة.. وهنا.. يكون استغلال المسكينة..
** لقد قرأت خبراً.. أو مقالاً.. منشوراً.. في إحدى الصحف المحلية تحت عنوان (يا سعودية.. ارمي حجابك) يتحدث عن معاناة بنت سعودية تقدَّمت بطلب عمل في مستوصف خاص.. وما واجهته من صعوبات أثناء المقابلة وبعد العمل حول الحجاب.. والمضايقات الأخرى.. لأن هناك من يسعى لاستثمار حاجتها للعمل..
** ويقولون.. إن البنوك أو بعضها أو الشركات أو بعضها.. يفضِّلون أن تأتي البنت وحدها دون ولي أمر.. وأنهم يعطون المرأة التي تأتي وحدها نقاطاً.. من (باب) أنها تعتمد على نفسها.. ومن باب.. أن لديها(ثقة) في نفسها.. ومن باب.. أنها شجاعة ومتفتحة.. والمسألة معروفة.. لا هذا ولا ذاك.
** وهل تعلمون.. أن الذين يجرون المقابلات في بعض البنوك أو غيرها للنساء.. هم من فئة الرجال.. رغم وجود نساء موظفات في البنوك (ما لهن شغل)..
** وهكذا في المستشفيات الحكومية وغير الحكومية.. المرأة السعودية.. تعاني.. وتكابد المشاكل وتقاسي الأمرين.. مما تواجهه من عقبات ومشاكل ومضايقات وتحرشات.. ولأن المسكينة.. محتاجة للعمل.. ومحتاجة للفلوس.. فهي تقبل بالعمل بعلاَّته..
** كيف يسمح للرجال بإجراء المقابلات الشخصية مع النساء في بعض البنوك وفي المستوصفات وفي بعض المدارس الأهلية وفي بعض الشركات؟
** كيف يسمح لها بالدخول للمقابلة بدون محرم؟
** في بعض المستوصفات الأهلية.. وفي بعض المراكز الطبية.. يوضع في الاستقبال نساء جميلات للغاية.. لمزيد من جذب الزبائن.. بطريقة مكشوفة مفضوحة لا يقبلها دين ولا عقل.. ولا مبدأ ولا خلق..
** نعم.. هناك زبائن من هذا النوع.. يجذبهم الوجود النسائي.. جميلة.. أو (تْمَشِّي) كما يقول الدشير ولكن.. أين الدين؟ وأين الأخلاق؟ وأين المبدأ؟ وأين الضمير؟
** حتى النساء اللاتي يتصلن للبحث عن وظائف في بعض الجهات.. يتعرضن للمعاكسات و(المغازلة) والدردشة (البريئة؟!!).
** نحن نعرف.. أن مجالات عمل المرأة لدينا ضيِّقة.. وهكذا هي في دول العالم.. فالمرأة لها مجالاتها.. ولها قدراتها.. ولها إمكانياتها.. ولا يمكن أن تعمل في كل عمل..
** والرجل لدينا.. مسؤول مسؤولية كاملة عن المرأة وعن الصرف عليها.. وعن كل شيء.. والمرأة.. ليست مسؤولة على الإطلاق..
** بل هناك نساء لهن رواتب تصل إلى (15) ألف ريال شهرياً.. ومع ذلك (تصك) عليه بالكامل.. وتطلب من زوجها.. الصرف الكامل عليها وعلى بيتها وأولادها دون أن تصرف هللة واحدة من راتبها.. وبالتالي ليس هناك داعٍ لأن تعمل أساساً.
** ألا تدرون.. أن رواتب أكثر نسائنا تذهب إلى مجالين فقط..
** الأول.. الأسواق.. حيث تُبذِّر كل دخلها هناك..
** الثاني.. السياحة الخارجية.. لأن هناك نساء يجمعن رواتب سنة كاملة.. ثم ينثرنها في الخارج نثراً.. ولهذا.. صرنا نصرف (25) ملياراً في الخارج.. ومن هناك.. قامت قائمة الأسواق بالداخل..
** أخيراً.. اقرأوا أيها المسؤولون.. واقرأوا أيها الآباء.. واقرأوا أيها (النشاما والسنافيه) اقرأوا هذا الحوار بين كاتبة المقال وبين الموظفة المذكورة أو (المصيدة)..
** سمعت أنك اشتغلت في المستوصف الفلاني؟
** نعم.. كنت عندهم.. بس تركتهم بسبب شرطهم..
** وما هو شرطهم؟
** عندهم موظف (مو سعودي) يلح عليَّ ارمي حجابي من أول يوم اشتغلت فيه.. يقول على شان المراجعين.. وعطاني محاضرة أن الحجاب مش واجب.. خصوصاً أنك (مش متقوزة).. ويقول.. خليكي فري.. بلاش عقد.. ومن هالكلام..
** بس على شان كذا تركتيهم؟
** لا.. طبعاً شفت مضايقات من الشباب وطلبت يغيِّرون مكاني ورفضوا (شغلوها في الرسبشن)..
** يبونك واجهة ومصيدة للزبائن؟
** بالضبط.. زي ما قلتِ.. يبونا مصيدة..
** طيِّب.. ليه ما شكيتيهم.. أو أصريتي على حجابك؟
** يا شيخة.. تشتكين مين؟ وعند مين؟ ها ذولا ذيابة.. وإذا اعترضتِ يا ويلك.. وهم يستغلون حاجتنا للوظيفة ويشترطون علينا.
** وتقول.. لما طلبوني للمقابلة..أوَّل ما قدَّمت عليهم قالوا لي.. تعالي بدون ولي أمرك.. واللي سوَّى لي المقابلة (رجال).
** وماذا بعد و(وش بقى ما ظهر؟!!).
(تعالي بدون ولي أمرك؟!!).
(ارمي حجابك وبلاش عُقد؟!!).
** وماذا بعد (يبون بناتنا.. واجهة.. ومصيدة للزبائن؟!!).
** صح لسانك أيها المرأة الأصيلة.. نعم (نشتكي مين؟ وعند مين؟ وعلى مين؟ ها ذولا ذيابة؟!!).
نسأل الله العافية والسلامة.
|