* جدة - صالح عبدالله الخزمري:
غيب الموت صباح أمس الأول السبت الشاعر الكبير محمد حسن فقي عن عمر ناهز التسعين عاما بعد صراع مع المرض والشاعر أحد أبرز الدعامات القومية التي قامت عليها الحركة الشعرية في المملكة عموما وفي الحجاز خصوصا.
*****
الأدباء والمثقفون آلمهم النبأ فكان تأبينهم للشاعر الكبير بعبارات جاءت حزينة متواضعة
أمام هذا الخطب الجلل
* الأستاذ محمد المنصور الشقحاء - القاص
المعروف قال: فقدت الساحة الأدبية أحد شعرائها
المتميزين وبفقده سوف يتوقف ثراء شاعر تلمس معنى الوجود في شفافية حزينة، ونحن نفقد من نحب الشاعر محمد حسن فقي بنتاجه الثري موسوعة للألم والمشاعر الإنسانية نجد في كل بيت كتبه إلهاما للنفس الهائمة التي تبحث عن مكان تغمده الله برحمته وألهم ذويه الصبر والسلوان.
* أما د.عصام خوقير القاص المعروف فكان يتذكر الأيام الخوالي حيث يقول: في الواقع أنا لا أقول إنني فوجئت بوفاة والدي ثقافيا الفقي فلقد كنت من تلاميذه وأخذت منه الكثير، وكان يقول عني الأخ الأصغر:
مع أن فارق السن كان كبيرا بيني وبينه أيام أن كان هو مدير المالية في مكة ونحن في المرحلة الثانوية واتجاهي في الجانب الثقافية جعلني أروي له ما يقوله:
لقد كان الوضع الاجتماعي في مكة في بدايته، فكان من مجالس الأدباء مجلس في حي المسفلة، ونحن وقتها شباب فكان أساتذتنا يفدون إلى ذلك المجلس من أمثال أحمد قنديل، وعلي عامر، والأستاذ الفقي، وحمزة شحاته فكنا نأخذ منهم بالسمع بالأذن ولما عدنا من الدراسة ربطت نفسي بالمرحوم لأني كنت أحبه وأحب شعره، إنه حقا دعامة من الدعامات القوية التي قامت عليها النهضة الثقافية في المملكة، رحمه الله رحمة واسعة.
* ويضيف الكاتب فاروق باسلامة:
وأنا أسمع النبأ الفاجع برحيل الأستاذ الكبير الشاعر محمد حسن فقي المفاجئ كنت أسطر كلاما عن فلسطيننا فرجعت إلى كتب المكتبة لأجد ديوان الرباعيات للفقي رحمه الله فإذا بالرباعية الأولى في الديوان يقول فيها الأستاذ رحمه الله
يأيها العرب الذين تفرقوا
شيعا فكاد كيانهم يتمزق
قد أثمر الخلف المفيد ثماره
فإذا العدو بكم محيط محدق
فتجمعوا وتفاهموا وتعاونوا
فالشر كل الشر أن تتفرقوا |
رحم الله شاعرنا فقد أمسك بزمام شعره الوجداني على كثرته في المراثي للآلام والمصائب التي مر بها في حياته المليئة بالعواطف الساخنة ومن المصادفة أنه أهدى هذا الديوان كما قال: إلى روحي ولدي الحبيبين اللذين انتقلا إلى الرفيق الأعلى وهما في ريعان الشباب فاحتسبتهما عند الله الكريم أهدي هذه الرباعيات، وكفى ذاك ألما وحرقة لأعلى نفسه رحمه الله فحسب بل في نفوس الأمة جمعاء.
ومن حصر دواوينه أو أشعاره الكثر فإن هذه المزية العاطفية الساخنة هي علامة شعره بل نفسيته وذاته على طول الخط الشعري الذي رسمه فلسفة فكرية ولغوية وذاتية.
ولم يكتف بموهبته الشعرية يعبر عنها بالأشعار بل له إنتاج نثري مسطرا بالأفكار والآداب وفنون المعرفة والثقافة والعلم كما في كتابه الصغير حجما الكبير جوهرا (رمضانيات فيلسوف).
ونحن بهذه المناسبة نستقبل الشهر الفضيل عما قريب فندعو الله العلي العظيم بأن يتغمد فقيدنا الفقي برحمته وغفرانه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
* الأستاذ غالب أبو الفرج رئيس تحرير جريدتي المدينة والبلاد سابقا يقول وبنبرة حزن وترجل الفارس عن فرسه ليعطي هذا العالم صورة حقيقية عن الحياة التي عاشها على هذه الأرض الطيبة ففي مكة المكرمة ولد وفيها دفن ومنها خرجت أشعاره تملأ الدنيا بأسرها يصور الحب والحياة تضج بكل معالم الخير مستحوذة على روح العصر في دنيا العصر فإن الأستاذ محمد حسن فقي وإن كان موته خسارة كبيرة لبلاده وأرضه وشعبه إلا أنه أيضا لم يمت لأنه ترك آثاره شعره الرصين جزيلا دليلا على حياة طيبة كريمة عاشها هذا العبقري، وأمضى أحلى سنوات حياته معها في أرض النبوة في دنيا الأمجاد.
مات الفقي وترك للعالم العربي ثروة كبيرة من شعر شاعر عظيم عرف الدنيا وخبرها وفهم خباياها وساهم في تعريف الناس بحقائق الخير على أرض الخير. هكذا رحل وارتحل ومضى تاركا ثروة عظيمة من الحكمة والموعظة والفهم الحقيقي لدنيا العصر هذا المعاصر الكبير. رحم الله شاعرنا الفذ وألهم أهله وذويه وطلابه ومعارفه السلوان.
د. ليلى زعزوع - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز تشارك بقولها:
فقد الوطن السعودي صباح الأمس الشاعر محمد حسن فقي رحمه الله وهو يعد رمزا من رموز الشعر والثقافة بل يعتبر من عباقرة الشعر الفصيح بالمملكة
وله العديد من الدواوين، وقد كان تركيزه على مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة والأماكن المقدسة، وحقوق الشعب الفلسطيني، ولم يكن متقوقع في الشعر فقط بل تقلد عدة مناصب في بعض الوزارات.
رسالة لوزارة الإعلام والثقافة أن يكون لها دور في تكريم الشاعر وإعادة طباعة دواوينه.
غالب ابو الفرج
محطات في مسيرة الفقي
* ولد في 17-6-1332هـ في مكة المكرمة، توفيت والدته رحمها الله وهو في سن سبعة اشهر فقط, وفي الوقت الذي فرح فيه بتخرجه في مدرسة الفلاح انتقل والده الى الدار الآخرة.
* يقول إنه اعجب بالكثيرين، لكنهم لم يستطيعوا ان يطمسوا شخصيته ومن الذين تأثر بهم كما يقول: الجاحظ والغزالي وابن خلدون والمتنبي والمعري وابن الرومي والبحتري وكبار الشعراء في مصر وسوريا ولبنان.
* تولى رئاسة التحرير في جريدة صوت الحجاز وهو في سن مبكرة.
* تعرف على الأدباء والمفكرين ونشر لهم واطلعوا على شعره وادبه ومنهم محمد حسين هيكل والعقاد الذي اعجب بشعره.
* من الشخصيات غير الأدبية التي كان لها دور بارز في حياته والده ثم الملك فيصل والشيخ عبد الله السليمان.
* لدى الفقي المجموعة الكاملة لشعره وديوان (قدر ورجل) و(نظرات وأفكار في المجتمع والحياة) و(هذه هي مصر) و(الفلك يدور) و(مذكرات رمضانية) و(فيلسوف) وسواها.
* رئيس تحرير صحيفة (صوت الحجاز).
* محرر في وزارة المالية والاقتصاد الوطني.
* رئيس ديوان التحرير بالوزارة نفسها.
* مفتش عام مساعد.
* رئيس ديوان الواردات العامة.
* مدير عام مكاتب وزارة المالية والاقتصاد الوطني في مدينة جدة.
* مفتش عام وزارة المالية والاقتصاد الوطني.
* مدير عام وزارة المالية والاقتصلاد الوطني.
* أسس ديوان المراقبة العامة ثم استقال من هذا المنصب لاسباب صحية، وعين بعد هذا المشوار بمجلس إدارة البنك الزراعي .
نشاطاته وإسهاماته
* مثل المملكة في العديد من المؤتمرات مثل مؤتمر الأدباء بالمغرب.
* ساهم في الإذاعة والتلفزيون ببرامج وندوات.
* شاعر غزير الإنتاج، ينشر شعره في العديد من صحف ومجلات المملكة والدول العربية.
* كتب أول قصيدة له في فلسفة الطيور (وهو في سن العاشرة من عمره).
* هو من الشعراء الذين تضمن شعرهم كتاب (من وحي الصحراء).
* قيل عنه (إن إنتاج هذا الشاعر غزير ومتدفق، وكأنه يغرق في بحر، وينشر كل صباح رباعية أو قصيدة في إحدى صحف المملكة).
* بالإضافة إلى الشعر، فهو كاتب مقالة كبير.
من أعماله
* رباعيات - ديوان شعر، جدة، الدار السعودية 1400 هـ - 1980م.
* الأعمال الكاملة له: دواوينه وأشعاره (7 مجلدات كبيرة)، جدة، الدار السعودية 1404هـ -1984م.
* مذكرات يومية (3 أجزاء).
* هذه هي مصر.
* رمضانيات فيلسوف - كتاب، 1414هـ.
* صدر في عام 1415هـ - 1995م كتاب عنه بعنوان (السنوات الأولى) عبارة عن ترجمة لحياته ومآثره وأعماله، وصدر الكتاب عن إثنينية الشيخ عبدالمقصود خوجة تكريما لهذا الرجل وعطائه.. كرمته جامعة الملك عبدالعزيز في مؤتمرها الأول للأدباء السعوديين وذلك بمنحه لقب (رائد)
تتويجا لإبداعاته الشعرية، أنشأت مؤسسة يماني الثقافية جائزة باسمه
(جائزة محمد حسن فقي) تمنحها المؤسسة في مجالين هما:
أفضل ديوان شعر، وأفضل مؤلف أدبي في نقد الشعر.. وذلك اعتبارا من عام 1414هـ - 1994م.
شارك على مدى نحو نصف قرن في الكتابة والنشر شعر ونثرا في مختلف الصحف والمجلات المحلية.
حصل على عدد من الجوائز والأوسمة في مناسبات عدة.
ولد الشاعر محمد حسن فقي بمكة المكرمة في السابع عشر من ذي القعدة عام 1332هـ. ثم انتقلت أسرته من مكة إلى جدة، لسفر والده إلى إندونيسيا، فأدخلوه - وهو دون السادسة من عمره - رياض الأطفال، وكانت تسمى آنذاك بالمجتمع الأخضر، وكانت تتبع مدرسة الفلاح بجدة ثم التحق بالمرحلة التحضيرية، بمدرسة الفلاح أيضا، وتابع دراسته بها إلى نهاية السنة الثانية.
وبعودة الوالد من رحلته إلى إندونيسيا، عادت أسرة فقي إلى مكة، والتحق بمدرسة الفلاح بمكة، حتى تخرج، وعمل بها أستاذا لمدة سنة واحدة، لمواد الأدب العربي والتاريخ والجغرافيا.
فقي والصحافة
عمل الشاعر محمد حسن فقي محررا بجريدة (صوت الحجاز)، ثم رأس تحريرها لفترة قصيرة، كما رأس تحرير جريدة البلاد، مع اثنين آخرين من كبار الأدباء السعوديين، وهما الأستاذ عبدالوهاب آشي، والراحل الشاعر محمد حسن عواد، وظل يرأس تحريرها، إلى أن تم انتخابه كأول مدير عام لمؤسسة (البلاد). واستمر بها زمنا، وهو الآن يعمل مستشارا للمجلة العربية، ومشرفا على أعمالها في المنطقة الغربية، إلى جانب نشاطه الأدبي الدءوب.
وقد نشر فقي، إلى جانب نشاطه الصحفي في (صوت الحجاز)، و(البلاد)، نتاجه الأدبي في العديد من الصحف السعودية، وما زال يتابع النشر حتى الآن، ومن هذه الصحف السعودية: المدينة، وصوت الحجاز، والبلاد.
|