Monday 4th October,200411694العددالأثنين 20 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

الحبر الأخضر الحبر الأخضر
هويتنا الوطنية في الخطاب الصحفي الأمريكي
د. عثمان بن صالح العامر

هذا هو عنوان مشاركتي في المنتدى الإعلامي السنوي الثاني الذي تعقده هذا الأسبوع الجمعية السعودية للإعلام والاتصال- جامعة الملك سعود، في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في العاصمة الرياض ومحوره الأساس (صورة المملكة العربية السعودية في العالم)، وقد جاء اختياري للحديث عن إشكالية هويتنا الوطنية في الصحافة الأمريكية لاعتقادي الجازم بأن الصحافة تبقى هي الأقوى في عالم الإعلام، ولقناعتي التامة بأن الهوية تعبير صادق ووحيد عن روح الشعب.. إنها باختصار (نحن) المشكلة للذات السعودية.. إنها مجموع ملامح البناء الشمولي المتكامل لنا جميعاً بلا استثناء على أديم ثرى أرضنا الطاهر.. إنها الخريطة التي بها تشكلت ذواتنا.. والقوة التي بوجودها تتحقق فاعليتنا الحضارية في الحاضر المعاش.. وهي التي تحملنا بآمالنا.. بأحلامنا إلى مستقبلنا القادم بإذن الله.. إنها باختصار أنا وأنت وهو وهي وهما وهم وهن وهؤلاء، ولذا فهي حسب اعتقادي ذات أهمية عظيمة جداً خاصة حين المنعطفات التاريخية الصعبة التي تمر بها الأمة وتلقي بتبعاتها على أبناء الوطن، ومن نافلة القول هنا ان ثمة خصائص تميز هويتنا السعودية - مثلها في ذلك مثل بقية المجتمعات البشرية - حقها على أبنائها أن تحفظ في جميع الأزمنة وبكل الوسائل الممكنة.. كما أنها لابد أن تشرح وباستفاضة من خلال وسائل الإعلام المختلفة وفي جميع المحافل الدولية حتى يعلم كنهها ويدرك معالمها الجميع.. فلربما هاجمها هنا أو هناك في شرق الأرض أو غربها السياسي في منتداه.. والاقتصادي في سوقه.. والمثقف في مؤتمره.. والكاتب في مؤلفاته.. والممثل والمخرج والمصور في أفلامهم وعبر شاشات القنوات عابرة القارات.. وحملة الأقلام وأرباب الكلمة في صحفهم ومجلاتهم.. بل ربما امتد الأمر إلى الناخبين في حملاتهم الانتخابية وللأسف الشديد.. وكان هجومه عليها - الهوية السعودية - إما عن جهل بها.. أو فهم قاصر لها.. وربما كان ذلك عن تجنٍ وتشفٍ مع سبق الإصرار والترصد من أجل التشويه ورغبة في التسفيه، وليس هذا الأمر جديداً في عالم الصحافة الأمريكية إلا أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر زاد مساحةً وعنفاً وأصبح موجهاً وبصورة مباشرة - لدى البعض من الصحفيين الأمريكيين وفي صحف معلومة بعينها - إلى الهوية السعودية.
لقد كان التعريض والتصريح المشين يطال كل العرب وجميع المسلمين واليوم خص بنا نحن أهل هذه الديار، الأمر الذي أدى إلى رسم صورة سلبية لدى المواطن الأمريكي عن ديننا (الإسلام).. عن قومنا (العرب).. عنا نحن، عن هويتنا، عن جنسيتنا (الجنسية السعودية)، وهذه الصورة الإعلامية المشوهة لم تكن عابرة ومؤقتة بل رسخها الفكر الغربي من خلال العمل على إيجاد قاعدة فلسفية لها تعتبر أن الإسلام عدو استراتيجي للحضارة الغربية عبر نظرية (صدام الحضارات)، وفي إطار ما أطلق عليه عالمية المواجهة من أجل القضاء على الإرهاب - والمملكة العربية السعودية كما هو معروف حضن الإسلام وقلبه النابض بالحياة وأشد أعداء التطرف والغلو والإرهاب - وهذا الادعاء شكّل قاعدة فكرية للإعلام الأمريكي تبعته ادعاءات أخرى رسختها المقالات والتحقيقات والاستطلاعات الصحفية الموجهة والمؤلفات الفكرية والأدبية والنقدية والدراسات السياسية والاقتصادية والمناهج الدراسية ولم يسلم منها حتى أدب الطفل، لقد ركّز الخطاب الصحفي الأمريكي على جملة قضايا تتصل اتصالاً مباشراً بالهوية الوطنية، منها ما يتعلق بمبادئ الهوية (الأسس والمنطلقات) وأبرز مثال على ذلك هجومه الواضح والصريح على الجانب العقدي الذي يدين المواطن السعودي ربه به (دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية على وجه الخصوص!!)، وتهكمه ببعض الركائز والشعائر الشرعية المعروفة والباقية ما بقي هذا الدين والذي كتب الله له الحفظ إلى أن تقوم الساعة {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.. ومنها ما كان في مجال النظم خاصة النظام السياسي المبني على ما هو معروف في الشريعة الإسلامية بالبيعة للإمام، ونظام التعليم خاصة المناهج الدراسية التي تغرس في نفوس الطلاب الحقد والضغينة للآخر الكافر كما يقولون، دون أن تكون هناك دراسات وأبحاث متخصصة ومقارنة بين الشعوب لقياس درجة الكره والمحبة والرغبة في المودة والسلام، وفي إطار الحقوق والواجبات الركيزة الأساس والشرط الأهم لقيام المجتمع المدني كان التركيز على المرأة وحقوقها وأسلوب التعامل معها ووجوب رفع الظلم الواقع عليها!! وكذا الطفل وكيفية التعامل معه بوصفه المشروع الإنساني الذي يعد ليكون اللبنة الأولى في المجتمع، والأقليات واتهام بلادنا حماها الله بإقصائها واضطهادها!! واكب ذلك كله هجوم على عددٍ من المؤسسات الفاعلة محلياً وإقليميا بل ربما امتدت فاعليتها إلى العالم الخارجي كالجمعيات الخيرية التي قالوا عنها إنها تمول الإرهاب والواجب العمل على تجفيف منابعها، وقد حاولت الدراسة بيان وجه الحق في كل هذا بمنهج عقلي يقارن ويوضح، ويعترف بالخطأ ويقر بالقصور وجوانب النقص التي تلازم جميع المجتمعات ولا يقبل تصرفات الشواذ وسلوك الغلاة.. يسوق الدليل ويعتمد على البرهان.. كما أوردت في النهاية عدداً من التوصيات المبنية على ضرورة الرد العلمي الرصين المبني على الحجة محل الاتفاق على الحملة الإعلامية التي ما زالت حتى هذا اليوم على بلاد الحرمين الشريفين- حفظها الله- والتي يرفضها ضراوة هذه الحملة واتساع دائرتها وشمولها وتنوع معالمها وتأثيرها المباشر والخطير على أمرنا الداخلي والخارجي الآني والمستقبلي الفردي والمجتمعي ولو أردت مجرد الإشارة العجلى إلى شيء من هذا في هذا المقال لطال.. ولكن حسبي التنبيه إلى أن الجمعية مشكورة قد جمعت المشاركات بين دفتي كتاب فمن أراد الاطلاع فليرجع وسيجد بإذن الله ضالته فيما كتبه المشاركون جميعاً.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved