كنت أتصفح الجزيرة في عددها 11673 وأثناء تجوالي بين صفحاتها العطرة وقعت عيني على تعقيب سجله الأخ أحمد المهوس في العزيزة رداً على عبدالرحمن بن عقيل المساوي الذي هو أيضاً قد عقب على الأخت فاتن الحربي في مقال لها تحدثت فيه عن تعدد الزوجات، وحقيقة لقد أخطأ الأخ أحمد كثيراً فيما قاله في تعقيبه على الأخ عبدالرحمن وهو ما جعلني أكون أحد أطراف الحديث عن ذلك الموضوع الذي تحدث عنه كل منهم، وحتى لا أطيل هذه بعض النقاط التي لاحت في ذاكرتي وأحببت الرد فيها على الأخ أحمد، ولولا أهميتها لما تدخلت في هذا الموضوع، ورأيت ضرورة الرد عليه، إضافة إلى أن بعض ما قاله فيه فتاوى بعيدة كل البعد عن الشرع المطهر، وهو ما جعلني أخشى من أخذ الناس بها ونقاطي هي:
1- أخي الكريم آية التعدد صريحة، وفيها أمر بذلك لحكم كثيرة بينها الشارع، فلماذا تريد أن تخالف ذلك وتقول في ردك على الأخ بأن هذه الآية عليه لا له رغم أنها له وعليه، وهي صريحة كما قال الله تعالى: { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ْ} (3) سورة النساء، فهي الدرجة الأولى له لأن فيها أمرا بالتعدد، فإن خاف ألا يعدل فلا يعدد.
2- زواج النبي- صلى الله عليه وسلم- بأكثر من واحدة دليل صريح على جواز التعدد وأهميته حتى وإن كان زواجه- صلى الله عليه وسلم- منهن لسبب فهو بأبي وأمي قدوتنا في كل شيء، وأي شيء أعظم من الاقتداء به.
3- من قال لك بأن التعدد في الغالب من أجل الأولاد، ألا تعلم بأن هناك أسباباً أخرى قد تكون أعظم من الرغبة في مزيد من الأولاد خصوصاً أنه قد يكون رزق من الأولى بأولاد.
4- ما قاله الأخ عبدالرحمن المساوي بأن الجماع لا يدخل في باب العدل بين الزوجات هو الحقيقة، وهو الشرع المطهر، وقد أفتى بذلك الكثير من علمائنا وبينوا أن الجماع لا يدخل في باب العدل بين الزوجات، ومنهم فضيلة العلامة الشيخ محمد بن عثيمين- رحمه الله- وإليك فتواه التي نقلتها لك من كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع المجلد العاشر شرح فضيلته- رحمه الله- والتي قال فيها: (وليس القسم هنا في الوطء، لأن الوطء له دواع، من أعظمها المحبة، والمحبة أمر لا يملكه الإنسان، فقد يكون إذا جاء إلى هذه المرأة أحب أن يتصل إليها، وإذا جاء إلى تلك لم يحب أن يتصل إليها فلا يلزمه أن يساوي بينهن في الوطء إذا قدر، وهذا هو الصحيح، والعلة تقتضيه، لأننا ما دمنا عللنا بأنه لا يجب العدل بينهن في الوطء، لأن ذلك أمر لا يمكنه العدل فيه، فإذا أمكنه زالت العلة وبقي الحكم على العدل، وعلى هذا فلو قال إنسان: إنه رجل ليس قوي الشهوة إذا جامع واحدة في الليلة ما يستطيع أن يجامع في الليلة الثانية، أو يشق عليه ذلك فقال: أجمع قوتي لهذه دون تلك فهذا لا يجوز، وذلك لأن الإيثار هنا ظاهر، وهو يستطيع أن يعدل، المهم أنه لا يمكن القسم فيه لأنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وما يمكنه فإنه يجب عليه أن يقسم) انتهى كلامه -رحمه الله-، وقد حدثني أحد طلابه وقال إني سمعت ذلك من شيخي رحمه الله.
5- أنصحك أخي العزيز بعدم الاستعجال في الفتوى، والتحري بسؤال أهل العلم عمّا خفي عليك حكمه حتى لا تقع في محذور وتقول على الله ما ليس بحق، متميناً لي ولك التوفيق والسداد في الدنيا ويوم المعاد.
صالح بن عبدالله الزرير التميمي
الرس - ص ب 1200 |