Sunday 3rd October,200411693العددالأحد 19 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

بين الإجازة والدراسة وقفة للتأمل! بين الإجازة والدراسة وقفة للتأمل!
سليمان بن فهد المطلق بريدة - جامعة القصيم - لغة عربية

كنتُ قبل أشهر ثلاثة تلوح بين عينيّ أطياف الإجازة الصيفية، لأنعم بلذة الراحة بعد مشقة الاختبارات الجامعية، وبعد برهة تحقق الحلم، وصار واقعاً معاشاً.. وحقيقة لا يشوبها الخيال.. عشنا جميعاً في أجواء الإجازة.. وما من متأملٍ إلا سيجد العظة في هذه الحياة.. ليتأمل كل فردٍ منا واقعه، ونفسه, ومن يعيش حوله ليرى أننا فيها أصبحنا بوجوه مختلفة.. تارة يرسم الفرح لوحته في ثغورنا للفرح بمولود.. وتارة تقرأ على وجوهنا كلمات الحزن والكآبة فتارة نُشيّع أمواتاً إلى القبور.. وتارة كمداً على مريضٍ لم يذق للنوم طعماً.. في هذه الإجازة ذهبنا إلى قصور الأفراح فارحين وضاحكين وباسمين، وارتحلنا إلى المقابر معزين ومسلين تارة تغرنا الأماني.. ونركب خلف دنيا الفناء.. وننسى الرحيل.. ونحسبُ أننا في دار بقاء ومقر، وتارة يدهم المنون فرداً من الأفراد، فتنزرع في قلوبنا جذوة الرحيل وأنه لا بقاء في هذه الدنيا، وأن متاعها لا شك زائل.
في هذه الإجازة جلسنا عند الشاشات.. وغرقنا في وحل الدردشات.. رقصنا مع (البرتقالة)! حتى كلّت أجسادنا لكنها لم تطفئ شهواتنا.. وفي النقيض فلقد شاهدنا نشرات الأخبار التي تطلعنا في العشي والإبكارعن قتلى في انفجار وصرعى تحت وطأة الدبابات.. ودوي المدافع.. وأزيز الرشاشات، فترى فيما تشاهده وصية تدمع منها العيون، وتوجل منها القلوب، لكننا ننسى عند (نانسي) ونلهو عن المجرم حينما تحضر بنت (عجرم). في الإجازة قمنا الليالي، وأحيينا الأسحار، ليس بدعاء العزيز الغفّار، لكن بالأباطيل والأسمار, وفي الصباح لا تحسب أن القوم يحمدون السّرا! لكنهم في فرشهم هاجعون.. فأنت حينما تمر في طرقاتنا لا تسمع لنا رِكزاً وأنّى لك هذا؟! في الإجازة عرضنا عقولنا للتقبيل، فأنت حينما تُسيّر رحالك بجوارها تجدها خاوية على عروشها قد لعب فيها السوس النخر، لأننا لم نُعملها البتة، بعكس بطوننا، فالمعامل والمصانع فيها تعمل ليل نهار، نأكل ما هبّ ودبّ، حتى لو تسنّى لنا أكل الحجارة لأكلناها، ولو ترى أجسامنا لقلت بلا تردد (جسم البغال وأحلام العصافير)!!. لقد مرت الإجازة بكل ما فيها من خير وشر، كلمح البصر أو هي أقرب، ولقد تحقق لي ذلك حينما امتطيت صهوة سيارتي نحو الجامعة فتذكّرت آخر اختبار مرّ بنا.. وكأنه بالأمس القريب.
إنّ في سرعة الزمن، وانقضاء ساعات الوقت عظة للمتعظين.. وعبرة للمعتبرين، فالوقت يمضي ونحن نمضي، لكن ماذا قدّمنا؟ وماذا عملنا؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved