سأشيح بوجهي عن كل الثغرات، وأصم أذني عن جميع الهمسات التي دارت، حول مؤتمر المثقفين الأول في الرياض، وسأتبنى موقفاً متواطئاً إلى مشارف الحدود مع فعاليات هذا المؤتمر، وضيوفه، والمشاركين، وأوراق العمل، لأننا لا نملك حياله سوى أن نقف ونشارك في وصلة تصفيق طويلة ومبتهجة.
لماذا ؟؟؟؟
- لأنه الانعتاق الأول من المصير الأسمنتي الذي ألقى بظلاله الثقيلة على تجربة أهل الخليج الحضارية، حينما حولها إلى شوارع فسيحة وميادين خلابة، خالية من البشر والفعل الحضاري... قطعاً مدن الملح تعلم بأن العمران البشري لم ولن يصنعه سوى بشر يعون ما معنى العمران تحديداً.
- الثقافة هي احتفاءٌ بكل ما هو جميل وحضاري وأخلاقي، والثقافة وحدها بمعانيها الواسعة تستطيع محاصرة الشرس والبدائي والعنيف في المجتمعات البشرية.
- هناك شريحة كبيرة من المثقفين أو من يسمونهم (بالأنتلجنسيا) كانت عاجزة أو مكفوفة عن المشاركة في الشأن العام نتيجة لهيمنة تيار أحادي ظلامي على الكثير من وسائل الاتصالات فبالتالي، أصيبت تلك الطبقة بحالةٍ من النكوص واليأس والإحساس بالعبثية، ومن ثم الصمت، ذلك الصمت الذي بدأ يحول مدننا إلى مدن أشباح خالية من البشر محتشدة بمحلات السوبر ماركت، ومهرجانات التسوق.
- الفعل الثقافي هو التوق البشري الأزلي الذي يستطيع التغلب على لغة الدم البدائية، وتحويلها باتجاه أبجدية العقل، تلك الأبجدية التي من الممكن أن تسهم في محاصرة لغة الرصاصة والقنبلة والأحزمة الناسفة.
- الفعل الثقافي الجاد والمسؤول هو جدار يقف ضد ثقافة السوبر ماركت الرخيصة، ومزاد الأجساد المبتذلة في سوق النخاسة الفضائي، والغزو الغرائزي الحسي الذي يطوقنا عبر جميع المنافذ.
- الثقافة هي الإيمان الأصيل بالإنسان وكرامته ومنجزه وحقوقه.. ومساحات خضراء نعدها للأجيال القادمة.
مؤتمر المثقفين عبر توصياته نثر في أرض أحلامنا الكثير من الوعود.. وعدد كبير من التوصيات (22) توصية، ونحن لا نملك إزاءها سوى السقيا.. والحدب، ومواصلة الإيمان بهذا الوطن.. وقاطنيه..
|