حينما يستقبل الإنسان ضيوفَه تجري على لسانه أجمل كلمات الترحيب والتَحيَّة والسلام، وترتسم على ثغره البسمة تِلْوَ البسمة وهو يتحدث إلى ضيوفه، ويظهر لهم من بِشْر وجهه، وإشراقته، ومن رقَّته وملاطفته ما يسعد به ضيوفه، ويصبح به عندهم رمزاً للبشاشة والخلق الفاضل، والتعامل النبيل، يحدث ذلك للرجال والنساء على السواء.
إنها صفةٌ جميلة تستحق الإشادة والتقدير، وهي من دلائل كرم الإنسان وحسن خُلقه، وسلامة صدره، وجبِّه للكرم والإحسان، كما أنها صفةٌ محمودة يكسب بها الإنسان أجراً، إذا صدقت نيَّته وصَلُحت، فهي عبادة يؤجر عليها (ابتسامك في وجه أخيك صدقة)، (لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق)، (الكلمة الطيبة صدقة).
إنها صفة جميلة تستحق منا الإشادة بها والتشجيع عليها، والدعوة إلى أن يتعامل بها الإنسان في كل مجالات الحياة.
تلك البشاشة، وذلك البشر، وتلك الابتسامة، وتلك الكلمات الرقيقة الجميلة التي يخاطب بها الإنسان ضيوفه، وأصدقاءه، ومن يلتقي بهم من الناس في المحافل العامة وفي مجال عمله وغيرها؛ ألا يمكن أن ننقلها إلى داخل بيوتنا؟ ألا يمكن أن تكون تلك اللغة الراقية التي نتجمَّل بها أمام الناس (لغةً عائليةً) تنتشر في الأسرة، وترفرف في أجواء منازلنا كالفراشات الملوَّنة، وتفوح كالأزاهير العطرة؟
الإجابة عند كل واحد منا عن هذا السؤال ستكون (نعم)، فلماذا -إذن- لا يبدأ التطبيق؟
ليس المقصود أن يتحدَّث الإنسان في جلوسه مع أبنائه وبناته وأهله بالطريقة نفسها التي يتحدث بها مع ضيوفه من حيث رسميَّة الموقف وانتقاء بعض الكلمات المناسبة لمقام الضيوف، ولكن من حيث الابتسامة، واختيار الكلمة الجميلة حتى وهو يأمر أهله أو ينهاهم، ومن حيث البعد عن الشتم واللَّعن الذي يسري على ألسنة بعض الناس في بيوتهم، ومن حيث البعد عن التعنيف على الأهل واستخدام أقسى العبارات حين يعاتب أو يخاصم.
إن اختيار (اللغة العائلية الرقيقة) مهمٌّ في بناء النفوس، وتحقيق الصفاء والنقاء لها، والقضاء على ما قد ينالها من العقد النفسية التي يحدثها التعامل السيّء.
إن شيوع عبارات الترحيب، والشكر، والمودة، مع الابتسامة بين أفراد العائلة يبني نفوسهم بناءً قوياً، ويجعلهم عناصر عطاءٍ، وسواعد بناءٍ في مجتمعهم وأمتهم.
إن كلمات (تفضَّل، وجزاك الله خيراً، وأهلاً وسهلاً، وشكراً، والسلام عليكم، ولو سمحت، وحفظك الله، ووفقك الله) وغيرها من الكلمات المشرقة جديرةٌ -إذا شاعت في المنزل- أن تكوِّن لغة عائلية مشرقة ترقى بالنفوس وتملأ القلوب سعادة وصفاءً.
فليكن شعارنا مرفوعاً أمام أعيننا دائماً (لغة عائلية مشرقة) متذكرين قول أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله).
إشارة:
هبْني فماً يشدو وهبني خاطراً
يسلو وخُذْ مني أرقَّ غناءِ |
|