عهدي بأنّ الشّعر سليقة أهل الشمال...
وفي هذه الحقيقة ما ينمُّ عن سعة (خيالهم) وقدرتهم على توظيف (الكلام) في سياقه الشّعري الجميل...
توقفت عند اسم جسر في الشمال اسمه (نصف ورقة البرسيم)، دهشة اعترتني: ولماذا لم يكن للورقة النصف الآخر فيكون اسم الجسر ورقة البرسيم؟... وذهبت أقلّب التفكير إذ صدقاً الاسم مكوّن بشكل موحٍ جميل يأخذنا إلى تخيّل شكل نصف ورقة البرسيم واعتصرت ذاكرتي كي أتخيّل ورقة البرسيم إذ لي عهد طويل طويل لم أرها إذ لم تعد لدينا مواشٍ في الشوارع ولا بين أعيننا ولسنا رعاة... ولا أعرف استخداماً للبرسيم سوى أنّه علفٌ للماشية حين كان جار جدّي يقدّمه لدابته في (بستان) من بساتين الطائف الخضراء حيث مقام الفسح والسهر ومناجاة القمر...
نصف ورقة البرسيم اسم لجسر لعلّه ليس ممتداً، أو ليس عريضاً، أو لعلّه يشبه البرسيم على نحو ما، أو عساه أن يكون طريقاً لنقل البرسيم من مزرعة لأخرى، أو.... لا أدري مَن الذي أسماه ولماذا أسموه هكذا...؟
غير أنّه استدعاني لاستنهاض حنين كامن لحياة الطبيعة ببساطتها ويسرها، وبخضرتها وزرعها، وبهوائها ومائها وبفطرة أهلها وعفويتهم...
وتساءلت: تُرى هل يمكن لهذا الجسر أن يوصل بين نصف ورقة البرسيم ونصفها الآخر كي تعود لنا صورة الحياة كما كانت بعد ان بدّلتها التغييرات ووخزتها في عنقها فجزّت بياضها وخضارها وشاعريتها وجمالها؟!
|