Sunday 3rd October,200411693العددالأحد 19 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

وجهة نظر في المصارف السعودية وجهة نظر في المصارف السعودية
محمد بن ناصر الأسمري

منذ اكثر من ستة عقود، لم يكن يتجاوز عدد المصارف السعودية ثلاثة تمرغت في نعمة الاستقرار والاستحواذ على سوق المال والأعمال.على الرغم من أن السوق لم تكن كبيرة ولا مسالك لها غير أعمال الصيرفة للحجاج، وبعض الأعمال المبكرة للاعتمادات المستندية، ولقد شاركت المصارف السعودية الثلاثة: الاندوشين، ملي ايران، وسيتي بنك، غيرها حتى تحولت وفق قرار حكومي سيادي إلى مصارف مشتركة في الإدارة ورأس المال مع الوطن الذي غنم فيه ولم يغرم.
كان الهدف المنظور من قرار الحكومة السعودية هو التحول إستراتيجيا بفكر ومهنة واداء وممارسة العمل المصرفي ليكون اكثر إسهاما وفاعلية في التنمية الوطنية اقتصاديا واجتماعيا، والانطلاق والانعتاق من نمطية فكرة أن حالة النقد من سيولة وتدفق كان محدود النطاق، إذ لم يكن المنظور المحلي يتجاوز نطاق مدن الحج وتبديل النقود التي يحملها الحجاج، بل لم تكن العملة الريال سوى صك تعهد من المصرف المركزي بدفع ما يعادل ما يحمله الحجاج من أموال لصرفها على أعمال النسك من أجور وسكن ونقل وطعام، لكن حال التطور والنمو بفعل الاستقرار والقرار السياسي والاجتماعي نقل البلاد من بداية السبعينات الميلادية بفعل ارتفاع أسعار النفط من دولارين إلى ما يزيد على 40 دولارا، كما هو الحال اليوم! إلى حال تبدلت فيها حالة النقد سيولة وتدفقا واستثمارا.
ولأن القيادة السياسية آنذاك للملك فيصل رحمه الله أحدثت نقلة كمية ونوعية هائلة في الفكر والمفاهيم حين وضعت أول الخطط الخمسية التنموية التي كان لها حجم وكم يقاس! حين وضعت أول الخطط الخمسية التنموية واستعانت بكبرى الشركات العالمية للتنظيم والإدارة مؤسسة فورد.
وطبيعي أن يقابل حجم الأموال التي عادت على الوطن بإيجاد قنوات لانفاق الدخل، فتم الصرف المتوالي على بناء البنية التحتية التي نقلت المجتمع السعودي من معيشة الكفاف والتواضع في التنمية العمرانية والبشرية والاقتصادية، إلى مجتمع يسير إلى التحضر والمدنية، فقد كانت سبل القرار والاستقرار السياسي والاجتماعي أساسا لرفع قواعد البناء على أرض صلبة، فتحولت البلاد إلى ورشة إعمار، ونجحت القيادة السياسية في مغالبة التحديات التي نجمت من ازدحام الموانئ وقلة منتجات وأدوات العمران وتبعا لهذا تنامت حركة المال وبركته فتبدل حال الأرض إنسانا وتربة وتربية قوامها الرغبة في العمل والإنتاج والتطوير للوطن كانت أهم التحولات في العنصر البشري الذي نهل من التعليم واثمر التأهيل والاستثمار.
ولقد انكفأت المصارف المحلية بعد تخلي الشركاء الأجانب إلى إرهاق الناس بالقروض الاستهلاكية ذات العائد التراكمي في نسبة الفائدة، مما جعل إنتاجية المصارف في تنمية الأموال المودعة لديها دون عوائد للمودعين، حيث أشار أحد أعضاء مجلس الشورى في محاضرة علمية له في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن نسبة 77% من أرباح المصارف هي من فوائد القروض، وهذا يعني أن جهد المصارف في العمل لتنمية الموارد والأرباح واستثمار الأموال لم يتجاوز 23% حتى بات أكثرية من المجتمع مديونين للمصارف، مما اثر على تنامي سوق الإقراض للمشروعات الإنتاجية والادخارية كالمساكن والصناعات الصغيرة.
أسباب الإحجام
لعل من أهم الأسباب التي جعلت المصارف تحجم عن القيام بدور أكثر فاعلية في تطوير وإسهام في تنمية الوطن، ما جرى وفق التصورات التالية:
* مازال بعض المصارف يوظف صرافين غير سعوديين، والتساؤل هنا: هل هذا عضل للعقل السعودي انه لم يخرج تعليمه من يملك المهارة والقدرة للقيام بهكذا أعمال؟ وهل بلغ العجز بالمصارف ان تقدر على تدريب لكيفية وطريقة التعامل مع النقود والعقود؟
* لماذا بعض مصارفنا ما زال يوظف أجانب بـ 1500 ريال لكي يوفر مثله في توظيف سعودي مؤهل ومدرب، فقد يكون اكثر وفرا ونفعا أمنيا واقتصاديا واجتماعيا.
بالطبع هذا لا وفر فيه مقارنة بما يدفع من رسوم استقدام وإقامة وسكن وتذاكر وأعباء على مرافق الخدمات والتموين، بل لعل في هذا خسارة كبيرة سواء ما كان ذا صلة بتحويلات العمالة للعملة، أو قلة القوة الشرائية وتدوير المال في السوق.
* كم هي المبالغ التراكمية وأرباحها للحسابات الراكدة؟
* كم حجم الأموال التي تقول المصارف في نهاية كل عام إنها مشكوك في تحصيلها ثم تحصل وتدخل الخزينة؟
* كم حجم الأموال عديمة التكلفة التي يضعها المودعون في حسابات جارية لا يأخذون ولا يعطون عليها فوائد رغم استفادة المصارف من هذه الأموال؟
* ماذا قدمت المصارف للوطن إنسانا وتربة من أرباحها المتعاظمة عاما بعد عام، بما تجاوز بضعة مليارات العام الماضي؟
تساؤلات
هنا تساؤلات لا أعلم من المعني بالإجابة عنها؟ أهو المصرف المركزي - مؤسسة النقد - ام وزير المال، ام وزير التجارة والصناعة، ام وزير الاقتصاد والتخطيط، وهي عن:
* العائد من تضخيم الأرباح، فحسب فهمي المتواضع أن الأرباح المتعاظمة قد تسهم في توظيف العاطلين عن العمل من المتخرجين من مؤسسات التعليم، سواء بالتدريب أو الإقراض المنتج.
* ما يضير في تخصيص دعم مباشر لصندوق الموارد البشرية لتوظيف مجز بالراتب بما لا يقل عن 5000 ريال كحد أدنى للمؤهل الجامعي و4000 لمن قل تأهيلا معرفيا لا مهنيا ودربة.
* ما إسهامات المصارف مجتمعة أو منفردة في فتح معاهد تدريب مهنية للسعوديين من ذوي التخصصات في العلوم الاجتماعية لتدريب مكثف لا يزيد عن ستة اشهر على الأعمال المصرفية من تسويق وبيع خدمات واستقطاب عملاء / زبائن، وأعمال الأسهم والخزينة التي يمكن أن يقوم بها خريج التاريخ والشريعة والجغرافيا والطب والهندسة والهندسة النووية بعد التدريب والاتقان مهارة وممارسة؟
* ماذا لو جنبت المصارف فقط 1.5 % من الأرباح على حسابات اعوام مضت 75 مليون ريال - الأرباح - ورصدتها أو حولتها لحساب التدريب والتوظيف باسم الوطن والأجيال، خاصة أن جل المصارف قد غطت بالكامل الاحتياطات النظامية لها ربما عدة مرات وتجاوزت بهذا مراحل الخطر على رأس المال.

باحث ومستشار إعلامي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved