من وقت لآخر تصلني عبر البريد الإلكتروني والفاكس رسائل تحمل تعليقات وآراء قد تتفق وقد تختلف مع ما أطرحه من مواضيع تسويقية، أشكر كل من تفاعل معي سواء بالكتابة أو حتى عند لقائي والتعليق على بعض ما نشرته من مواضيع.
مقال اليوم يتعلق برسالة وصلتني عبر البريد الإلكتروني من أحد القراء الأفاضل والذي كنى نفسه بأبي فيصل طالبا مني إبداء الرأي والتعليق على الموقف الذي تعرض له وعائلته وناشدني بنشرها لتعم الفائدة للجميع، وتلبية لرغبته سأكتبها كما وصلت ومن ثم سوف أعلق عليها:
(نص الرسالة: عزيزي الأستاذ سلطان المالك، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، أنا من أشد المعجبين بما تطرحه من مواضيع وأفكار تسويقية تحكي الواقع الذي نعيشه، وأرجو منك بحكم تخصصك أن تعلق لي على الموقف الذي تعرضت له مع عائلتي قبل مدة. والقصة كما يلي: كنت مع زوجتي وأبنائي في صيف هذا العام (شهر جمادى الثانية) في مدينة جدة وبالتحديد في أسواق!!!!! وعند دخولنا السوق من الباب الرئيسي إذا بأحد الظرفاء من الجنسية!!!!! يطاردني قائلا: ألم تأخذ جائزتك؟؟ لقد حالفك الحظ وفزت معنا بجائزة كبيرة!! كنت أعتقد أن هناك مهرجاناً أو مسابقة أو توزيع جوائز، فجاءني زميل له آخر ثقيل الظل وبدأ يشرح لي أن هناك برنامجاً سياحياً خاصاً بمزايا عديدة وتعريف بالشركة التي يعملون بها وهم يرغبون في حضوري بصحبة عائلتي للاطلاع عن كثب على مميزات البرنامج ومن ثم الحصول على الجائزة، وأن هناك جوائز فورية - ذهب - سيارات بي إم دبليو - إقامة مجانية في شرم الشيخ - قلت في نفسي ليش لا.. خلنا نشوف وش عندهم يمكن شيء يصلح لنا، بعد ذلك قام يعبئ نماذج واستمارات حضور وقال لي عشان نضمن حضورك يا ليت تدفع لي 50 ريالاً ونرجعها لك عند حضورك. أعطيته الـ 50 ريالاً وقلت في نفسي نشوف للآخر، بعدها قال: لي إن السكرتيرة راح تتصل بك غدا من أجل تنسيق الوقت. اتصلت سيدة من نفس الجنسية لتؤكد حضوري. ذهبنا لموقع الشركة في الساعة السابعة مساءً واستقبلونا استقبالا جيدا وأعطونا مبلغ الخمسين ريالاً. قلت لزوجتي شكلهم صادقين وليسوا نصابين وجلسنا ننتظر ثم قابلنا مندوب الشركة وطلب لنا عصيراً وشاياً - الظاهر حاطين فيه شيء يخدر - وقعد يتكلم عن نفسه وأنه خريج سياحة من مصر وقال: إننا راح نجلس تقريباً ساعة ونصف عشان يشرح لنا عن مميزات برنامجهم واختصر لكم أهم مميزات البرنامج - حسب رأيهم - وألا والله إنهم أكبر نصابين:
المهم البرنامج كالتالي: تدفع مبلغ تقريباً 16000 ريال منها 30% مقدما (4800 ريال) والباقي على أقساط شهرية لمدة سنة ونصف. يعطونك مقابل ذلك ليالي مجانية (إقامة ووجبة أحيانا) في فنادق مختارة بعناية سيئة في كل من مصر/ ماليزيا/ جدة/ دبي. الليالي المجانية موزعة بشكل مدروس ويخدمهم كالتالي: عدد الليالي المجانية 36 ليلة (يشترط منها أسبوع في شرم الشيخ) والباقي يوزع بين الأماكن الأخرى بحد أدنى 3 ليالٍ وبحد أقصى 14 ليلة في كل دولة. يعطونك هدية ذهب قيمتها لا تتجاوز ثلاثة وسبعين ريالاً. ومن أهم الأمور السيئة في البرنامج: لا يعطونك العقد ويحاولون التملص من إعطائك العقد حتى تدفع الدفعة المقدمة ومن ثم تحصل على العقد. وهناك عقد إلحاقي للعقد الرئيسي يحتوي على العديد من البنود الظالمة والمجحفة. والغريب بعد أن تدفع المقدمة لا يمكنك التراجع عن العقد وإذا طلبت إلغاء العقد تروح عليك الدفعة المقدمة (4800 ريال) ولما تروح للبيت وتجلس تقرأ العقد على رواقة تحس أنهم لاعبين عليك وضامنين حقهم بالكامل. أما حقوقك فالله يخلف عليك، ليس المجال هنا للدخول في متاهات العقد وبإمكاني إرساله لك إن رغبت للاطلاع عليه. طبعاً أنا تدبست وتورطت في الدفعة المقدمة ولا حبيت أحد ثاني يتورط مثلي لأنها للأمانة عملية خداع وتضليل تمارس ضد أبناء هذا الوطن في ظل انعدامية الرقابة من الجهات المسئولة. للمعلومة جميع العاملين في الشركة من جنسية عربية واحدة. اسم المؤسسة:؟؟؟؟؟ ومندوبوهم يتواجدون في أسواق جدة والرياض. لا ومن زين الطباع حاطين لهم موقع في النت لا يعمل. عزيزي أرجو أن تنشر هذا لتعم الفائدة وكذلك إبداء رأيك حول هذا النوع من الشركات التي تدعي أنها تمارس التسويق الحديث. وهل ما تمارسه يندرج تحت التسويق الحديث الذي تنادي به؟. شاكرا ومقدرا لك، أخوك أبو فيصل).
***
ما سبق هي رسالة الأخ أبي فيصل كما وردتني وقد عمدت إلى عدم إظهار أسماء شركات أو أفراد رغبة في عدم التشهير بأحد.
الأخ الفاضل أبو فيصل: مع خالص تقديري لك على ثقتك بي سوف أعلق على رسالتك بشكل مختصر وآمل أن يكون فيها فائدة لك ولكل من يقرأها.
* في البداية أسأل الله أن يعوضك عن مبلغ الدفعة الأولى بخير منه فلقد وقعت في الفخ وتتحمل أنت المسؤولية بالكامل نتيجة توقيعك لعقد لم تقرأه إلا بعد أن سلمتهم المبلغ (أي بعد أن وقع الفأس بالرأس).
* أتفق معك تماما بوجود هذا النوع من الشركات في بلدنا والتي أخذت بالانتشار خلال الفترة القليلة الماضية بسبب غياب الرقيب، وأنا شخصيا قد تعرضت لمواقف مشابهه لموقفك وسبق أن قابلت هؤلاء المندوبين في الرياض وجدة ودبي ولكن لمعرفتي مسبقا بأهداف هذا النوع من الشركات قد رفضت الفكرة من البداية واعتذرت من مندوبي هذه الشركات على الرغم من غلاستهم وشدة إلحاحهم (ثقل دمهم) ولو تجاوبت معهم لوقعت بنفس ما وقعت به أنت.
* هذا النوع من الشركات موجود ومنتشر في العديد من الدول الأجنبية ولكن وفق أنظمة ولوائح محددة وواضحة وهي ما يعرف بشركات التايم شير.
* أنا أرى أن مبلغ 50 ريالاً يحصلون عليه من أي شخص يقابلونه والذي يعدون بإعادته له بعد زيارتهم للمكتب كاف لهم ويمثل مصدر دخل كبير جدا، فهناك العديد من الأشخاص الطيبين الذين سوف يدفعون مثل هذا المبلغ من أجل الهروب من الموقف الذي تعرضوا له ولن يذهبوا للمكتب الخاص بالشركة.
* تقوم هذه الشركات بتدريب مندوبيها على استخدام أسلوب إحراج العميل المرتقب أمام عائلته محاولة منهم للضغط عليه والموافقة على الاشتراك في برامجهم الوهمية.
* أود أن أنبه على أن ما يقومون به بعيد كل البعد عن أبجديات وبدهيات علم التسويق الذي يقوم أساسا على إرضاء العميل قبل البيع وبعده ويعتمد على المصداقية والوضوح عند التعامل مع العملاء وليس التضليل والخداع كما تعرضت له أنت من قبل تلك الشركة.
* إن من يذهب لهم لحضور العرض المقدم سوف يغرر به بسهولة خصوصا عندما يشاهد بعض المنشورات والصور لمنتجعات وأماكن سياحية مشاهدتها بالنسبة له حلم فما بالك بتملكها من باب الوهم أو التمتع بالإقامة بها لمدة شهر مجانا كل سنة.
* تأكدت بنفسي من مصداقية ما جاء بالرسالة وموقع الشركة الإلكتروني لا يعمل كما أشار أبو فيصل.
أتساءل باستغراب، من يحمي أبا فيصل وغيره من ضحايا شركات السياحة الوهمية؟؟ أين دور الجهات المسئولة بالترخيص لمثل هذه الشركات بمزاولة هذا النوع من الأعمال التي تفتقد للمصداقية والوضوح؟ وإن كنت أشك أصلا بوجود ترخيص لهم بمزاولة ما يقومون به والطامة الكبرى إن كان مرخصاً لهم القيام بهذا النوع من الأعمال.
أتمنى أن تكون الهيئة العليا للسياحة وهي الجهة التي تعقد عليها الكثير من الآمال بتنظيم صناعة السياحة في المملكة قد تمكنت من الحصول على موافقة الجهات الرسمية بخصوص الاقتراح المقدم من قبل الهيئة بأن تكون هي الجهة المسئولة عن منح التراخيص الخاصة بمكاتب الخدمات السياحية ومتابعة ومراقبة أعمال هذه المكاتب بعد أن زادت الشكاوى والتظلم من سلوكيات بعض المؤسسات التي تدعي أنها تقدم خدمات سياحية بينما هي على النقيض من ذلك تماما.
وفي الختام، أقدم نصيحة للجميع بتوخي الحذر من هذه النوعية من الشركات ومندوبيها لكي لا يتعرض أحد منا لما حصل للأخ أبي فيصل.
كاتب ومستشار تسويق
|