كنا زملاء دراسة في المرحلة الثانوية ثم في الجامعة وكنت أغار من أحد الزملاء، فهو ينال درجات عالية ولو لم تكن مذاكرته كثيرة، بل أحياناً لا يذاكر إلا ليلة الامتحان وفجره فينجح بتفوق علماً أنه لا تربطه صلة قرابة بأي مدرس أو مسؤول، في ليلة الامتحان في (أولى جامعة) ناولته عصيراً مع الزملاء هدية لكن كأسه كان فيها مخدر مما جعله لا يؤدي الامتحان فرسب وفرحت ثم كررت هذا بجانب الوشاية به حتى ساءت سمعته فانتقل إلى جامعة أخرى.. نسيته حتى رنَّ هاتفي فرفعت السماعة.
* نعم.. نعم.. من.. من
- هل تعرف المتصل؟
* كلا.. أمرك.. من؟!
- ألم (تذكرني)؟
* من؟
- م. أ . ن .ي
لا أخفيك أنني تلعثمت وأُصبت بالخوف خشية أن يكون قد علم ما قمت به ضده لكنني كتمت هذا ورحبت به كثيراً زارني فرأيت شخصاً له هيبة ووقار وصفاء.. وجه مع حياء ظاهر عانقني بحرارة ولهف.
أدركت أنه لا يعلم شيئاً أبداً مما قمت به تجاهه قبل خمسة عشر عاماً درس في: (لندن) الطب ليصبح استشارياً في (الطب الباطني)، أما أنا فإداري بسيط إذ لم أواصل (الجامعة) قامت العلاقة بيننا وسط جو مشحون بالمودة.
ندمت كثيراً كثيراً على ما فعلت.
ماذا ترى لي للخروج من هذا الذنب الذي كاد يروح فيه بسببي؟
ع.أ.. الرياض
ج - أنت معجب به وحاسد له في نفس الوقت وتملك قدرة في التشويش والتأثير ونفوذ على بعض الأشخاص الذين يستفيدون منك أو هم تخلو أذهانهم عنك ولديك ذكاء جيد لكنه نظري أكثر منه عملي ويمثل لديك أحلام اليقظة قرابة 80% فأنت تتمنى وتتخيل لكنك تعجز عن بلوغ الهدف عملياً ولذلك تقوم بثلاثة أشياء:
1 - أحلام اليقظة كتعويض.
2 - الحسد المبطن بحب الانتقام.
3 - التظاهر بالبراءة.
وما كان منك يحصل بين الأقارب وبين الجيران وبين الزملاء زملاء أي مهنة حتى لقد يسطو الناقد والمثقف والشاعر على نتاج الآخرين وحتى لقد يقف العالم ضد عالم آخر حتى يذله ويهمشه والموظف ضد زميله بل قد يكون هذا بين رئيس ومرؤوسه إذا بدا المرؤوس تظهر عليه علامات النجابة وقوة الشخصية والنزاهة والأمانة.. وللوشاية دور كبير في قلق الموهوب وإحباطه خاصة من قريب متمكن أو متسلق معيشي مجرب.
وما لم يتنبه المسؤولون في الجهات الحساسة إلى هذا فان حال كثير من ذوي القدرات الفائقة في العلم والادارة والسياسة والطب والاقتصاد والاجتماع يذهبون لمجرد الشك بهم أو حجرهم أو هجرهم مما يولِّد السوء بعينه، وقد يحدو هذا بذوي القدرات الفائقة إلى الانطواء واستعمال الكذب كدرع ينجون به من آثار الوشاية أو الفشل وقلة الحيلة ليصفو الجو لذوي المنافع فيحدث بسبب هذا جزفاً الصدق والإخلاص لذات النفس فقط طلباً للحياة وهذا إنما يحتاج إلى تقييم عالي القدر ودراسة نفسية عقلية موهوبة وعمل جاد طويل النفس لجدولة شبه حال السائل الكريم الذي لن أبداً يقر بالوشاية مهما تاب وأناب وإنما ذلك يعود إلى الفطنة حتى ولو حامت حول شخص ما شبهة ما، ناهيك بعدل الله عالم النوايا.
ولذلك لما ودَّع ولد والده قال والده له: بُني رزقك الله على قدر نيتك وعملك
قال الولد:
اللهم: لا.
قالها (سراً)
فانظر النية والمقصد مهما كنت تجاه من تعامل وتقوم معه أو تقوم عليه.
وكم من ميت تمنى لو عاد فنظر حاله كيف؟!!
لا تفعل شيئاً.. صاحب هذا الموهوب ورافقه وانشر له سمعة حسنة وأدم التوبة وصدق العبادة لله لعلك تلقاه بريئاً صادقاً مخلصاً.
|