Saturday 2nd October,200411692العددالسبت 18 ,شعبان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

وعلامات وعلامات
أنديتنا الأدبية! ( * )
عبدالفتاح أبو مدين

1-4
المقدمة : لعلِّي من خلال معايشتي لأنديتنا الأدبية، منذ إنشائها في عام 1395هـ ومشاركتي في عضوية نادي جدة، أستطيع أن أقدم تصوري لأنديتنا، التي ظهرت على مراحل، أعني أنها بدأت بستة أندية، وبلغت اليوم ثلاثة عشر نادياً، ولعلِّي أنطلق من المحاور التالية التي رأيت أنها تقود إلى التركيز على ما أريد الوقوف عليه، أملاً في تحقيق الأهداف التي ترتقي بها، لتكون في مستوى المسؤولية بإذن الله.!
أ- نبذة تاريخية.
ب- العقبات التي تواجه الأندية.
ج- مقترحات وحلول.
د- كلمة أخيرة.
* في بداية حديثي أبادر بشكر معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور فؤاد عبدالسلام الفارسي، أشكره مرتين، الأولى: عن هذه الخطوة الرائدة وأعني بها تبنِّي وزارته لملتقى المثقفين السعوديين، التي سعى إليها معاليه، مع بدء إسناد شؤون الثقافة في بلادنا إليه، إضافة إلى ما ينهض به من شؤون الإعلام، وكلا الأمرين عبئان لا ينهض بهما كما ينبغي إلاّ من هو من أولي العزم..
والشكر الآخر، عن هذه الثقة الكريمة الغالية، بتكليفي بتقديم تصور خلال هذا الملتقى عن أنديتنا الأدبية ماضياً، ثم ما نطمح إليه ونرجو في مستقبل الأيام! ولعلّ هذه الوزارة ذات الأعباء الثقيلة قادرة بحول الله وقوته على الارتقاء بالثقافة في بلادنا، لأنّ هذا الجانب الكبير المهم، هو المراد بهذا الحديث.. ولعلِّي أتناول حال الثقافة في وطننا العزيز الكريم، لأنّ لها أمانة عامة الآن، تشارك بالعمل والرأي، للارتقاء بالمعرفة في بلادنا.. ولن أضيف جديداً إذا قلت إنّ النهوض بالثقافة ممكن في بلادنا موئل المعرفة منذ سبعة عشر قرناً، وبلادنا مهد العرب، إذا أتيح للمعرفة الحقة أن تجد روافد واعية جادة، يتاح لها النهوض، لا أقول بما يوكل إليها، وإنما بالكثير من سبل الدعم وفتح الأبواب المغلقة المباح الولوج ألى ما وراءها، لا نريد ثقافة مقيدة إلاّ في حدود ما يمس العقيدة والسياسة وكيان الأمة، وما عدا ذلك فإنّ الانفتاح ينبغي أن يجد أبواباً مفتحة على مصاريعها، إذا أردنا أن ننتج ثقافة ذات قيمة، وليست هزيلة لا يعول عليها، لأنّها خالية من المحتوى.. ولن أطيل في هذه المقدمة، ويكفي الإشارة فيها إلى المبتغى، الذي يحقق طموحات المثقفين ذوي التفوق والالتزام، لأنّ الثقافة في مفهومها العام سبل واسعة، غير أنّ الثقافة الحقة في كل مكان، هي التي تبني ولا تهدم، وتنفع ولا تضر، ذلك أن مشارب البشر لا حدود لها.. وأرجو ألا يقول قائل هنا أو هناك إنني أؤيد ما هو قائم، وأدعو إلى الركود والجمود والرجوع إلى الوراء، وإذاً فلا جديد ولا تجدد! أقول: لا - فلست أهدف إلى ما قد يلوب في بعض النفوس التي تريد الانفتاح المطلق، إذ لا يوجد مطلق في الحياة، وإن وجد تصور له عند بعض أو كثير من النفوس.
إنّ ما نريده في تقديري وتقدير المعتدلين: ساحة من الانطلاق والانفتاح على العالم كله، في عصر الفضائيات التي غطت ساحات اليابسة، وكذلك- الإنترنت- نريد ما يصلح، وما يرتقي بالحياة الجادة المثلى، ونريد دعماً يحقق هذا الطموح، وحولنا في منطقتنا انطلاقات ثقافية جيدة، وصلت إلى أقاصي الأرض، بعاملين اثنين أو ثلاثة: الدعم المالي الواسع، وتذليل الصعوبات، واختيار القيادات الواعية الملتزمة في الشأن الثقافي، فإذا أعطيت القوس باريها، فإنّ فجراً جديداً سينبلج، وينطلق من هذا الوطن، يحمل رسالة الهدى، والمعرفة في الرأي والطرح والخطاب الصادق.. واعذروني إذا قلت إنّ ثقافة بلادنا مهمشة، حتى بعد انتشار التعليم وانفتاح الجامعات، وإرسال البعوث إلى العالم، للتزود من المعارف وعودتهم، ولا يمكن أن تنهض ثقافة في وطن وهي- مهمشة- ولا يمكن أن يقال إن عندنا ثقافة، ونحن لا نعني بها ولا نعطيها شيئا من قيمة، وأوشك أن أقول إن رؤيانا الرسمية للثقافة، رؤية لا تحقق أي نهوض بها ولها، لأنّها ليست بذات قيمة، غير أنها عند العالمين قيمة ورؤية أمة متقدمة واعية، وهي عنوان الحياة الكريمة، لأنّ ضدها الجهل والجمود والغياب عن الحياة، والحياة الحقة غير ذلك..
وربما نسمع ممن يغشى بلادنا من الرسميين الواعين، الذين يزنون ويقومون الحياة، من يعجب لبلد اقتصاده مزدهر لأنه منفتح حر، وأمواله مطمح ومطمع المتعاملين والعاملين، وفيه (كم) من الصحف منتجة ومستوردة، وفي تعليمه نسبة عالية بلغت نحو خمسة ملايين طالب وطالبة، في التعليم العام والعالي، ومع ذلك فإنّ ثقافته هزيلة لا تكاد تبين.. هذه مفارقة، ندركها من الداخل وفي دواخلنا، ويدركها الزائرون الواعون وهم كثر، وربما تساءلوا في الخفاء ومع ذوي الشأن: لماذا لا نرى في البلاد ثقافة قوية، تصدر إلى الوطن العربي وغير العربي بأكثر من لغة؟
ولكن لا جواب يرد به على السائل إلاّ من خلال همس بأنّ كل شيء على خير حال وعلى ما يرام.. وربما قيل إنّ شرائح من المعنيين بالثقافة يؤثرون الدعة والعافية، لأنّ الثقافة مشقة ومغارم، وكثير منا، يجنحون إلى الخمول والبحث عن السهل الذي لا عناء فيه.. لكن هذا ليس مقياساً وطموح وطن فيه الكثير من المتطلعين إلى العلو المعرفي، غير أنّ الأبواب موصدة، والتعليم متخلف راكد، ولا شيء يدفع إلى الطموح والعمل الثقافي الجاد، وإنما هو الفراغ والأحاديث التي لا تفضي إلاّ إلى خواء! وينبغي علينا إذا أردنا أن نعمل للشأن الثقافي بحق، أن نضع نصب أعيننا قول من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم :(لا قول إلاّ بعمل)!.

( * ) إن الحلقات الأربع التي هذه أولها، ألقي ملخص لها في الملتقى الأول للمثقفين السعوديين، الذي التأم بتاريخ 11- 13-8-1425هـ في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved