اعترف رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي أن الانتخابات العامة التي تعهد هو والرئيس الأمريكي جورج بوش بإجرائها في العراق في يناير المقبل قد لا تكون (كاملة) . واعترف وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بأنهم قد لا يجرون الانتخابات في مساحة تمثل ما بين عشرين وخمسة وعشرين في المائة من العراق بسبب استمرار العنف.
في الوقت نفسه وكما ذكر المراسل الصحفي لصحيفة نيويورك تايمز في العراق فإن آية الله علي السيستاني الزعيم الشيعي القوي للعراق أعرب عن تزايد قلقه من أنه حتى إذا أجريت الانتخابات بهذه الصورة فربما تكون الخيارات المتاحة أمام الناخبين العراقيين محدودة وتقدم لهم بطريقة تجعل نتيجة الانتخابات غير ممثلة لرأي الشيعة الذين يشكلون أغلبية الشعب العراقي وتتجاهل متطلبات الديموقراطية. وهذا الأمر أبعد ما يكون عن الأمور التافهة التي يمكن تجاهلها على الرغم من تصريحات رامسفيلد التي لم تلق بالا للديموقراطية عندما قال (إذا وجدنا أنه لا يمكن إجراء الانتخابات في مناطق كبيرة من العراق فلن نجريها) .
والحقيقة أنه في ضوء تلاشي المبررات التي قدمها الرئيس بوش في البداية لشن الحرب الأمريكية ضد العراق منذ البداية وفي ظل استمرار تساقط القتلى بالعشرات في صفوف الجنود الأمريكيين وبالمئات في صفوف قوات الشرطة والحرس الوطني العراقي تتبقى الانتخابات المقرر إجراؤها في يناير الشيء الوحيد الذي يمكن لإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش عمله من أجل إحياء الأمل في إمكانية نجاح الأمريكيين في العراق. فلو لم يبدد الاحتلال الأمريكي مشاعر الترحيب به من جانب العراقيين في بداية الغزو بهذه السرعة لكان من الممكن تبرير تأجيل الانتخابات حتى يتم تشكيل الأحزاب السياسية التي يمكنها أن تنظم نفسها لتخوض انتخابات حرة ممثلة في العراق. ولكن الأمور الآن انقلبت رأسا على عقب بالنسبة لخطط الإدارة الأمريكية بشأن العراق. وأي تأجيل للانتخابات العراقية لن تحمد عواقبه. فواشنطن وحكومة علاوي التي عينتها وقعت في مأزق صعب بالفعل. والأمل الوحيد في تخفيف حدة المقاومة المسلحة هو المضي قدما في طريق الديموقراطية والأمل في إجراء انتخابات لها معنى يعتمد على تراجع حدة المقاومة والعنف.
والحقيقة أن إعطاء شرعية للانتخابات في المناطق السنية بالعراق سيكون مهمة أشد صعوبة. فبعض مدن هذه المناطق السنية خارج سيطرة حكومة بغداد تماما. وحتى لو تمكنت الحكومة العراقية وقوات الاحتلال الأمريكي من إخضاع هذه المناطق فإنها ستكون في حالة لا تسمح بإجراء انتخابات حرة بها. كما أن المناطق الاكثر هدوءا في المثلث السني لا تجد ممثلين مناسبين لها بين الأحزاب الستة الرئيسية المطروحة على الساحة السياسية حاليا، فهناك حزبان كرديان وحزبان شيعيان وحزبان غير طائفيين. ومن الواجب على الحكومة العراقية أن تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة خلال الأشهر الأربعة المقبلة على إيجاد ممثلين سياسيين لهذه المناطق قبل موعد الانتخابات. إذا لم يتم إجراء الانتخابات في قلب المناطق السنية وتمت مقاطعتها في المناطق السنية الأخرى وكذلك قاطعها الشيعة الموالين لآية الله علي السيستاني فإن الأمل في الحفاظ على وحدة العراق وتحقيق قدر من الاستقرار يسمح بسحب القوات الأمريكية من العراق في وقت قريب سيذهب أدراج الرياح.
(نيويورك تايمز) الأمريكية |