كلمة حق لابد أن أقولها في بداية مقالي هذا، وهي أن اهتمام وزارة الثقافة والإعلام بإصدار دوريات ثقافية وفق شروط إعداد نشر عالية هو بمثابة تحول أساسي في دورها الرقابي المعهود إلى دور المنتج ثقافياً، وهذا التحول تحديداً هو ماتحتاجه لتملأ مقعدها الجديد كوزارة للاعلام والثقافة، ولابد أن يرى المجتمع آثاراً ايجابية لهذا القرار الاستراتيجي المهم.. لذا لابد من اجتماع الوان الطيف وتكاتف الجهود وتكامل البرامج بين أركان الثقافة.. وما أروع من ان يتحقق التكامل الثقافي بين الفكر ووسائل نقله بين الثقافة والإعلام بكل أنواعه المقروءة والمسموعة والمرئية، وقد جاء الملتقى الأول للمثقفين كخطوة جيدة وجديدة لتبادل الآراء والأفكار ومناقشة العديد من القضايا الثقافية ووضع استراتيجية وطنية لمواجهة العولمة بكل تحدياتها الثقافية والخروج بتوصيات تحترم الحركة الثقافية, والخروج بتوصيات تحترم الحركة الثقافية في الوطن العربي الكبير، وتعمل على حماية الشباب والشابات من الاختراقات الفكرية في ظل الغزو الفضائي والتطور الذي تشهده وسائل الإعلام.
وأن عقد هذا الملتقى الذي ضم جميع الأطياف الثقافية على امتداد خارطة الوطن أمر مشهود ومحمود، ويشار إليه بالبنان لصالح وزارة الثقافة والإعلام خاصةً ان هذه الملتقيات تؤدي للارتقاء بالحركة الثقافية وتفعيل دور الأندية الأدبية ورسالتها وتبني المواهب الشابة وترعاها وتصقل مواهبها. حقاً: إن هذه الخطوة رائدة ونتمنى استمرارها واستقطاب أكبرعدد ممكن من المثقفين والمثقفات في الملتقيات القادمة حيث تكون تلك الملتقيات فرصة وخطوة لاظهار وجوه ثقافية جديدة من الوجوه الشابة للابداع الفكري، وهي بمثابة مد الجسور بين المثقفين وتفعيل دور المؤسسات الثقافية والاندية الأدبية ومد جسور متواصلة للأدب السعودي في المحافل الدولية.
ولا يغيب عنا أن اللقاءات الأدبية كانت تتواجد في ثنايا اللقاءات، والندوات والأمسيات، ولكن جميعها كانت روافد وقد صبت الآن في محيط هذا الملتقى الثقافي العظيم والكبير الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام وافتتحه سمو أمير منطقة الرياض واحتضنه مركز الملك فهد الثقافي الرائع.
فهنيئاً لنا هذا الملتقى الذي تزامن مع ثلاثة معارض هي معرض المطبوعات السعودية ومعرض الفنون التشكيلية ومعرض المخطوطات النادرة فقد تلألأ الملتقى مع هذه المعارض فشكلوا عقداً فريداً من اللؤلؤ الفريد النوع.
وهذا الملتقى الذي أثلج صدورنا هو نواة حقيقة لبلورة مشروع ثقافي عربي قادر على صدِّ رياح العولمة، وتمكين الهوية الثقافية العربية من الوقوف شامخة في وجه رياحها، وهو خطوة حقيقية في تدعيم المستقبل الثقافي للأمة العربية والإسلامية، ولابد من صياغة رؤية عربية إسلامية ولابد من صياغة رؤية عربية اسلامية معاصرة لنستطيع بها مواجهة الآخر.
والمبدع في هذا الملتقى أن افتتحه أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبد العزيز وتجول في معرضه وأكد للجميع أن مملكتنا -حفظها الله- لها خاصية مختلفة عن جميع بقاع الدنيا بأن جعلها الله مهوى لأفئدة، وهي منطلق الثقافة، وأن الثقافة التي عمت العالم انطلقت من هذه البلاد واقتحمت - العالم ككل وأثرت وتأثرت بثقافات العالم سواء الشرق أو الغرب وحملت هذه الثقافة إلى كافة دول أوروبا وانطلقت إلى الأندلس فالفكر والعمل والتحديث والعلم من البلاد العربية والإسلامية ومملكتنا هي القلب لها.
وأكد سلماننا العظيم على ضرورة الاعتزاز بماضينا وثقافتنا وروادنا مثل ما يحدث في البلدان الأخرى, وأضاف أن بلادنا كما هي مازالت وستظل تتأثر بمفكريها ومثقفيها.
والجميل في هذا الملتقى هو مساهمة المرأة المثقفة في هذا الملتقى سواء عن طريق المشاركة، أو عن طريق الحضور، وكم نتمنى بعد انتهاء الملتقى الأول هذا أن تكون المرأة المثقفة شريكاً في اتخاذ القرار الثقافي والتنمية الثقافية. حيث إن هذا الملتقى (المشهود له) قد فعل دور المرأة المثقفة (دكتورة, أستاذة، بريفوسورة، كاتبة، إعلامية، فنانة تشكيلية، شاعرة) خاصةً وأن دورها الآن هو موازٍ لدور المثقف للأخذ بيد المجتمع لإقامة المستقبل وتماسك الوطن.
حقاً.. يبقى هذا الملتقى هو حلم الأمس وحفاوة اليوم وأمل الغد..
حقاً.. أن المثقف يحتاج الى بوصلة تحدد مساراته وتوجهاته، فالثقافة تبني ولا تهدم، تنفع ولا تضر، وهي التي تكون عقول الناس وتكون بصائرهم وتحدد انماط سلوكهم ومواقفهم.
وبعد
فالثقافة هي انعكاس للمستوى الحضاري الذي تعيشه الأمم، ومؤكد ان هناك علاقة وثيقة بين مستوى التقدم الذي يسود الامة وبين نتاجها الثقافي والفكري ومدى مساهمة هذا النتاج في مسيرة التطور الاجتماعي، شريطة الا تكون ثقافة مغلقة على نفسها لا تستطيع الاستيعاب والتجاوب مع الثقافات الإنسانية المعاصرة لها.
والثقافة هي الاطار الذي أنتجه الإنسان بناء على فهمه واستيعابه لتراثه الديني وتفاعلاته الاجتماعية والطبيعية في كل المراحل, ويشمل أبعاداً وعناصر روحية ومعرفية وأدوات فنية وقيماً وتقاليد ومعايير للسلوك وطرق الحياة والفنون والآداب وصور الابداع.
والثقافة سمة تعبر عن واقع الامة وخصائصها ومستواها وهي ذاكرة الأمة وروحها.
لحظة تمن
نتمنى ان تكون وزارة الثقافة والاعلام مظلةً لكل المثقفين من خلال فتح القنوات وإزالة المعوقات التي تواجه المثقفين من الجنسين وأن يفسح المجال للمرأة بشكل أكبر في المشاركة في المنتديات الثقافية التي تقام خاصةً في النوادي الأدبية حيث لا يوجد بها أي مشاركة نسائية تذكر.
ويبقى المثقفون والمبدعون هم وحدهم يملكون أفكارهم وابداعاتهم لتبدو في الساحات كما لو انها واحات للأمل والتفاؤل والحب والجمال ولكل ما هو خير ونبيل.
لحظة دفْء
عندما ولد حبك في أعماقي
ورثت الارض أرضاً جديدة
وسرى على الكون ريحُ الحياة
عندما ولد حبك في أعماقي
نمت الزهور ونبت في الصمتِ زهر الكلام
للتواصل: 2317743
ص.ب: 40799 - الرياض 11511 |