(إن آبائي معروفون منذ القدم بالرئاسة والملك ولست ممن يتكئون على سواعد الغير في النهوض والقيام، وإنما اتكالي على الله ثم على سواعدنا يتكئ الآخرون ويستندون إن شاء الله) من أقوال المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه -.
بهذه الكلمات الدرر يمكننا أن نتعرف رويداً رويداً على هذه الأسرة الكريمة التي شرفها الله بخدمة بيته العظيم وأوكل إليها حراسة مقدساته في الأرض وكرمها بالقيام وعلى أحسن ما يكون بخدمة ضيوفه وزائري مسجد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك شرف لن يدانيه شرف ونعمة ما فوقها نعمة واختيار صادف أهله تماماً وهو سبحانه يؤتي الملك من يشاء وينزعه عمن يشاء وهو على كل شيء قدير، وقد اقتضت حكمته البالغة ان يختار لهذه الأرض المقدسة أسرة آل سعود لما يعلمه في الأزل من مقومات تميزت بها هذه الأسرة واختصها هو بها دون سائر الأسر وسبحانه الخالق العظيم.
إن هذه الذكرى التي تتكرر كل عام في عيد الوطن تتعطر بالعطاء وكفاح الرجال الذين غذتهم عزيمة صادقة وإخلاص نقي للعقيدة ثم للوطن كي يحملوا في قلوبهم أولاً ثم في أيديهم ثانياً السلاح القادر على توحيد هذا الكيان العظيم؟
هذا هو صقر الجزيرة عبدالعزيز الملك المؤسس الذي صنع ومعه رجاله الأوفياء معجزة الصحراء بقوة إيمانه وصدق توجهه إلى ربه يفرض علينا أن نستلهم العبر من قوة شكيمته وسداد منهجه لنحمل مشعلها نستضيء به الطريق مستشرفين آفاق المستقبل البهي الذي تبدو ملامحه مشرقة الأنحاء في ظل إيمان الأبناء بتأييد الله عز وجل لهم وثقتهم بتأييده لهم كما أيّد والدهم رحمه الله ما داموا قد تمسكوا بالمنهج ذاته.
وعوداً على بدء دعونا - قراءنا الأعزاء - نستعيد تلك الكلمات العميقة التي سطّرها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - بمداد من ذهب الإيمان والحكمة، وتحديداً قوله: (ولست ممن يتكئون على سواعد الغير في النهوض والقيام، وإنما اتكالي على الله ثم على سواعدنا يتكئ الآخرون ويستندون إن شاء الله).. فسوف يتبين لنا بجلاء أنه حين عقد العزم لم يكن وجلاً ولا متردداً وإنما كان من المتوكلين الذين يحبهم الله عز وجل {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران. فأحبه الله وأيّده بتمكينه في الأرض.
عاش الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في مملكته محبوباً ومنصوراً استطاع أن يستأثر قلوب شعبه بقربه منهم ومن معاناتهم وبمسارعته إلى مشاركتهم مادياً ومعنوياً في ظروفهم وحاجاتهم فملك الأرض والقلوب ببره ومحبته.
وها هم أبناؤه البررة مع شعوبهم لحمة واحدة وجسد واحد تتاسبق الأيدي إلى العطاء وتتكاثر الجهود من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حرسه الله فهما يبذلان كل ما بوسعهما من أجل رفعة هذا البلد الكريم وإسعاد المواطن، ويسعيان وفقهما الله إلى الالتقاء بالمواطنين ومعايشة همومهم ومتطلباتهم ليكونوا العين الأمينة على سلامتهم، الحريصة على رخائهم، وهذا هو صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام وهو أحد ابناء الملك المؤسس ومن المؤثرين جدا في مسيرة الدولة السعودية في عصرها الحديث وهو ذو عبقرية فذة نظراً لما تختزنه قدراته من إمكانات عبّرت عن نفسها في أكثر من موقف حاسم واستطاع بها الوصول الى مرافئ السمو والرفعة، لا سيما ذلك العمل الإنساني الضخم الذي أضحى معلماً بارزاً من معالم نهضة مملكتنا الحبيبة بل وصار صنعة ملازمة لشخص سموه الكريم حيث ما انفكت الأعمال الخيرية والإنسانية بمنأى عن مكارمه الجمة التي تجاوزت المحلية وقطعت فيافي الإقليمية واستقرت على ما يعرف بإنسانية سموه العالمية وهذه شهادة لم تحرر من مكاتب المؤسسات الداخلية فحسب بل اعترف بها حتى أولئك الذين لا يدينون بدين الإسلام وإنما تنطق شهاداتهم من واقع حقل العمل الإنساني الكبير.
وليس مصادفة أن تتلاقى جميع توجهات الذين يكتبون عن شخصية الأمير سلطان بن عبدالعزيز وتتشبع عواطفهم بسيل دافق من الولاء الجميل لشخص سموه ويقيني أن الأسرار الكامنة خلف هذا الشعور الاستثنائي مرده لما كان يتحدث عنه صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - فإنه أكد يقينا أنه وأبناءه من بعده سيكونون سواعد يتكئ عليها الآخرون وهذه أصبحت قاعدة متينة وصلبة ولن يحيد أحد من أبناء عبدالعزيز عنها أبداً فقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - هذه المعاني حين قال: (أسس الملك عبدالعزيز - رحمة الله عليه - هذه البلاد في سنوات عديدة وكان الرائد العظيم الذي جعل الهدف الأساس في قيادته أن يقيم القواعد على أسس ثابتة ويجمع شمل الأمة من مشرقها الى مغربها ومن شمالها الى جنوبها وكلنا يعرف ما اعترضه من مشكلات وأدركت هذه الأمة أن الملك عبدالعزيز يسعى لجمع الشمل وأن مصلحتها في تجمعها).
نعم هذه الأمة أدركت أن مصلحتها في تجمعها لذا وقفت خلف قيادتها الرشيدة وتحمل المؤسس عبدالعزيز وأبناؤه وأعوانه وجنوده العبء الأكبر لأجل أن تستقر سفينة التوحيد والإصلاح والنهضة والريادة على جودي الحق والخير، وقد تحقق ذلك بتوفيق الله ثم بجهود الجميع وما ينعم به المواطن السعودي اليوم ما هو إلا قطاف ثمرة لتلك الجهود الجبارة والأعمال الجليلة التي سهر عليها بناة المملكة وسكبوا من أجل أن تخفق راية التوحيد دماءً عزيزة وعزاؤهم أنهم توسدوا الثرى هانئين مطمئني البال وقد حققوا ما أرادوا حينما جمعوا شمل الأمة وحكموا كتاب الله ونشروا الأمن في ربوع مملكتنا الغالية فأنعم بهم من رجال سطروا سيرتهم بأحرف من نور وفتح لهم التاريخ سجلاته الحافلة بإنجازات الرجال.
وهذه لوحة الشرف تنطق بالمجيد من الأفعال.. جهود جبارة تسابق الزمن وتلاحق كل تقدم يرعاها خام الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز لتصل هذه البلاد وإنسانها المراقي اللائقة به وبريادته في العالم وليرتفع اسم هذه البلاد في مختلف المحافل الثقافية والطبية والعلمية وغيرها وليشار إليها بالبنان الرفيع، تعضدها إشراقات مضيئة من عطاءات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين وفقه الله في مختلف المجالات العلمية والتاريخية ثم يطل معهما صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بإنسانيته الباهرة ليؤكد بجلاء لا يتطرق إليه ريب وبعزيمة لا يوهنها وجل أن أساس البناء في هذه الدولة الكريمة هو الإنسان أياً كانت ظروفه، وليعلن بوضوح أن مصدر قوة الوطن في قدرات كل أبنائه دون استثناء؟ وأنه لا تفريط في شيء منها أبدا؟
وحين تكتمل الصورة يصبح من حقنا ومن حق كل منصف أن يفتخر بهذه الشجرة السعودية المورقة بالعطاءات الخيِّرة وبرجالها الأوفياء المخلصين؟
وبات حقاً علينا أن نتوجه إلى قادتنا بخالص شكرنا وثنائنا السرمدي على ما يقدمونه من أعمال كثيرة تكشف بكبرياء وعظمة ما ينتظر المملكة من مستقبل مزهر، في ظل القيادة الحكيمة التي تفتش عن خبايا الرخاء لشعبها في طيات المجهول وتنزع غلالات شفيفة عن مستقبل مشرق لمواطني المملكة وتطيرها مثل فراشات ملونة فزعت عن شجرة مثمرة لتغيب البلاد في سحر الرفاه وتعانق سحب التقدم والتطور، وكان سعي حكومة خادم الحرمين الشريفين الحثيث لبلوغ المرام امراً محتوماً يغمر البلاد وأهلها بالسعادة الدائمة، لتسطع شمس الحقيقة عن شعب اهل للوفاء وقيادة أهل للعطاء، وأسرة مالكة كريمة تسنمت ذرا المجد في العلياء لتبقى سيرتهم نبراسا يُضيء لنا عتمات الليل والظلام البهيم وسيبقى كل من استظل بظلهم يذوب وفاء لهم حتى لحظة الانطفاء، أسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد من كل سوء ومكروه وأن يديم على الجميع نعمة الأمن والاستقرار إنه سميع مجيب.
إضاءة:
شُمّ الأنوف كريمة أنسابهم
بيضُ الوجوه من الطراز الأول |
الرياض - فاكس 014803452
|